اللاذقية-سانا
بدأ الحلم منذ سنوات الطفولة الأولى ووقفت الظروف عائقا أمام تحقيقه وجعله واقعا ملموسا لكن استمرار سماعه لعزف مدرسة البيانو روسية الأصل التي كانت تقطن المبنى نفسه حيث يسكن ظل يذكره بضرورة ملاحقة حلمه وعدم الاستسلام للعوائق التي تمنع تحقيقه.
لم يبدد كرم خضور الكثير من وقته فكان منكبا على تحصيله العلمي بشكل كامل وهو ما نتج عنه حصوله على المجموع الكامل في الثانوية العامة ودخوله كلية الطب البشري وعلى الرغم من تفرغه لدراسة الاختصاص الذي يحبه إلا أن شغفه بآلة البيانو بقي هاجسا يلاحقه إلى أن اتخذ قراره الحاسم في السنة الدراسية الرابعة ليبدأ فعليا باحتراف العزف والتخلص من القيود التي أعاقت سيره في هذا الاتجاه.
وذكر خضور في حديثه لنشرة سانا الشبابية أنه لم يكن يملك ثمن البيانو الذي يفترض به أن يمتلكه لتعلم العزف فلجأ إلى العمل في مجال الإنترنت لجمع المبلغ المطلوب وشراء الآلة التي طالما أحبها موضحا أنه أنضم إلى معهدين مختلفين لتعلم أصول العزف لكنه شعر أن الفائدة المحققة شبه معدومة ولا تناسبه كمبتدئ متقدم في العمر فقرر توظيف لغته الانكليزية الجيدة لتعلم أصول العزف من خلال موقع اليوتيوب الزاخر بتسجيلات تعلم من خلالها المبادئ الأساسية اللازمة.
وأضاف لا يمكن أن أنكر بداياتي الفوضوية بعض الشيء ولا سيما أنني تجاوزت مراحل أساسية مهمة لكنني عدت ورممت النواقص الموجودة لدي كعازف مبتدئ عبر متابعة الكثير من تسجيلات اليوتيوب والتدرب لمدة عام ونصف لكنني حتى ذلك الوقت لم أكن مهيأ للمشاركة بحفل جماهيري رغم العروض الكثيرة المطروحة فلم أكن جاهزا بعد للظهور أمام الجمهور.
وأوضح كرم أن هناك بعض المحطات التي تركت أثرا كبيرا في مسيرته الفنية كان أولها دخول الياس طوبال عازف البيانو المتخصص إلى حياته حيث لعب دورا كبيرا في دفعه لتطوير موهبته بالشكل الصحيح من خلال النقاشات الطويلة التي تشاركا بها حول عدة مؤلفات أغنت معارفه بشكل كبير.
أما الحدث المفصلي حسب ما أكد فقد حصل صيف العام الماضي عندما تعرف في لبنان على العازف الفرنسي اللبناني باتريك فياض الذي
استمع لعزفه فأصر عليه أن يشارك في ورشة عمل يشرف عليها أكاديميون عالميون من أمريكا وفرنسا وتايلاند انتهت بحفل جماهيري ضم جميع آلات الأوركسترا وشهد حضورا رسميا وإعلاميا كبيرا.
وقال لا يمكن أن أصف رهبتي وخوفي من اعتلاء المسرح يومها لكنني أبليت بلاء حسنا وقدمت مقطوعة كاملة للعازف الروسي رحمانينوف حملت اسم برليود حيث قمت بعزفها دون انقطاع.
أسبوع الموسيقا السوري الذي نظمه فريق الباحثون السوريون في اللاذقية بدايات العام الحالي كان الظهور الثاني للعازف كرم والأول من نوعه أمام الجمهور السوري حيث بين خضور أن العزف على مسرح المركز الثقافي أمام 1200 شخص ليس بالأمر السهل بالنسبة له مؤكدا أنه شعر بالرهبة نفسها التي احس بها في تجربته الأولى كما أن مشاركته في فيلم صدى الذي انتجه مجلس الشباب السوري والمتخصص بالإضاءة على المواهب الشابة في مدينة اللاذقية كان له إضافة مؤثرة لتعريف الجمهور بموهبته الحقيقية.
وتابع الفنان الشاب “لدي الكثير من المشاريع لإقامة حفلات متخصصة بالبيانو كلاسيك في اللاذقية فالمحافظة تحتاج الكثير من الرعاية والاهتمام من قبل الجهات الثقافية لاحتواء الطاقات الكبيرة التي تمتلكها وتقديمها بالأسلوب الفني الصحيح”.
كذلك يأمل خضور النهوض بواقع البيانو كلاسيك من خلال التوجه بشكل خاص للجمهور المهتم بهذا المجال وإقامة حفلات متخصصة فقط
بالعزف على البيانو وهنا يأتي دور المعاهد الموسيقية على حد تعبيره لنشر ثقافة التخصص في الحفلات.
واختتم حديثه بالقول أطمح بالتخصص أكاديميا بعزف البيانو كلاسيك فهو مجال واسع يحتاج الكثير من الوقت لكنه يستحق الاهتمام خاصة أن كان هناك شغف حقيقي بهذا النوع من الموسيقا ولا بد أن أذكر فضل والدتي التي دعمتني لتحقيق حلمي رغم مخاوفها من عدم قدرتي على التوفيق بينه وبين دراستي للطب التي تتطلب أيضا جهدا وتركيزا عاليا.
يشار إلى أن كرم خضور من مواليد اللاذقية عام 1988 خريج كلية الطب البشري جامعة تشرين ويختص حاليا بالأمراض الجلدية.
ياسمين كروم