يستبطن الحاكم الغربي حين يقارب علاقة ما مع حاكم عربي، نظرية “الشيخ والخيمة”، حيث الشيخ الجالس في الخيمة جاهز، في النهاية، لبيع كل شيء بأبخس الأسعار، رغم صوته المرتفع في البداية، فيما يستبطن “الشيخ” في تعامله مع الغربي نظرية الخضوع المطلق، ومع أشقائه العرب المبدأ الإخواني المعروف، والذي فضحه الراحل فرج فودة، ودفع دمه ثمناً لذلك، ومفاده: “إن لم يستطيعوا حكم مصر هدموا مصر”!!.
فحين حصل الحاكم الغربي من نظيره العربي على كل ما طلبه، من نفط، وحماية لأمن إسرائيل، وتأمين جيوش “إرهابية” لمعاقبة من يخرج عن المسار الأمريكي، وإدامة عمل مصانع السلاح الأمريكية، ثم تركه -رغم إعلانه الاستعداد للمزيد من الخضوع- تائهاً إثر الاتفاق-الزلزال- النووي، لم يجد “الشيخ”، في محاولته العودة إلى طاولة المفاصلة، سوى تشكيل “حلف الخائفين”، عله يحصل على سعر جديد، وبالأحرى على غطاء جديد يقيه الزوابع القادمة!!.
وبطبيعة الأمور لم يجد “الشيخ” أمامه لتشكيل هذا الحلف سوى “الإسرائيلي” و”القاعدي”، وبعض “هواة” البترودولار العرب، من أمثال قاتل رئيس وزراء لبناني سابق، فضحت “ويكيليكس” خضوعه الدائم لأوامر وأموال “المقام السامي”.
وإذا كانت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية، كشفت في تقرير لها أن “تنظيم القاعدة يقاتل علناً إلى جانب الميليشيات المدعومة سعودياً في اليمن”، حيث “تقف المملكة الخليجية، حليفة الولايات المتحدة، في الصف نفسه مع واحدة من أخطر الجماعات المتطرفة”، فإن التقارير عن التحالف السعودي-”الإسرائيلي” أكثر من أن تُعد وتُحصى، وآخرها ما كشفته صحيفة المنار المقدسية عن وصول مبعوث سعودي رفيع المستوى إلى “إسرائيل” لبحث تفاصيل “الرؤية المشتركة” لمستقبل “الساحة العربية وتطورات المنطقة” بعد النووي، وإذا كان من حق “إسرائيل” أن تخاف لأن “النووي” لم يغيّر ثوابت إيران، كما قال “أوباما”، فما الذي يدفع “الشيخ” للخوف سوى إيمانه بأنه و”إسرائيل”، ومنذ ولادتهما، في مركب واحد، وبأن الخيمة الغربية التي استمرأ “الشيخ” الحياة تحت ظلالها ترتفع عنه هذه الأيام لتكشفه عارياً أمام شعبه، وهو يحتاج إلى إثارة الزوابع والدماء حوله كي يغطي عريه الفاضح!!.
والحال فإن اجتماعات “الرياض” هذه الأيام سواء مع “إسرائيل” ذاتها، أو مع أطراف إخوانية فلسطينية لتحويل بندقيتها من صدر “الإسرائيلي” إلى اليمني، بعد أن حوّلتها سابقاً للسوري، وأخرى لبنانية، دورها العلني مقاومة المقاومة ضد “إسرائيل”، ليس سوى تفعيل لـ “الحلف”، وفيما الجميع يتحدّث عن عصر التسويات وإطفاء الحرائق المشتعلة في المنطقة، فقد بشّرت “ألسنة” الحلف اللبنانية بأن “المنطقة بعد الاتفاق النووي مقبلة على مزيد من التصعيد، وليس مزيداً من التهدئة”، وهذا يعني، في عرف “العائلة”، مزيداً من الدعم لخراب سورية، ومزيداً من الشراسة في “الحرب الإلغائية” التي تشنها ضد أفقر وأطيب شعب عربي، وهو اليمني.
بيد أن الوقائع المتسارعة والمتغيرة تقول: إن “حلف الخائفين”، هذا هو في الآن ذاته “حلف الآفلين”، وإجماع مجلس الأمن بالأمس في قراره التاريخي “2231″ بشأن “اتفاق فيينا” النووي، وهو قرار لا سابق له من حيث اتخاذه خارج الفصل السابع ليلغي قرارات سابقة أخذت تحت الفصل السابع، كما أنه اتخذ قبل عرض الموضوع على الكونغرس الأمريكي، مع ما لذلك من دلالات داخلية أمريكية كبيرة، هو بدوره دليل على عصر الأفول هذا.
ويبدو أن أحد مثقفي البترودولار كان، ولو من غير قصد، رؤيوياً حين اختار لمقاله عنواناً كاشفاً مثل: “العصر الذي مات مع سعود الفيصل”، نعم لقد مات هذا العصر، وما فتح “الشيخ” خيمته لبناء هذا الحلف سوى محاولة “دونكيشوتية” لمحاربة طواحين الهواء، ستسبب، بالتأكيد، المزيد من الدماء والخراب، لكنها لن تساعد في إحياء عظام أصبحت رميماً وهباء منثوراً.
بقلم: أحمد حسن