إذا كانت السيدة هيلاري كلينتون تحضّر منذ الآن لانتخابات الرئاسة في أميركا، على وقع الوعود لـ «إسرائيل»، وفروض الطاعة، فإننا لم ننسَ موقفها والرئيس أوباما في الترشح السابق حين تبارى الاثنان فيما وصف آنئذ من كليهما، بـ «أمن إسرائيل المقدس»، الذي يجب الحفاظ عليه، والذي من أجله، كانت مجمل مشاريع «الربيع» و«التقسيم»…الخ، من حرق الأخضر واليابس..
ومن هنا لا أرى فيما أسفرت عنه المعلومات المتسربة من جراء عملية قرصنة وتهكير مواقع رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، وضعاف النفوس من الإرهابيين مما يسمى بين قوسين «المعارضة المعتدلة» التي ارتبطت بشكل لا إرادي بزلة لسان أوباما مع «داعش»، أي جديد في خانة فضح التعاون الوثيق بين العصابات الإرهابية المسلحة في سورية والاحتلال الإسرائيلي سوى أن تكون حدثاً في الأخبار فقط وذلك لعدة أسباب، لم تعد تخفى على أحد في مضمون المشاريع الصهيو- أمريكية غربية في المنطقة، ولاسيما أن تلك الصلات وثيقة بين الطرفين، الإرهاب والاحتلال وبين قوسين «بينهما» المعارضة المرتهنة للوبي الصهيوني والغرب نفسه الذي خطط لمشاريع تدمير المنطقة، والانقضاض عليها، بما تنبي عنه مسيرة الحرب المجنونة على سورية، وعشرات المحطات التي تعطي تلك الدلائل والمؤشرات، والتي صار الحديث عنها بعد أربع سنوات ونصف السنة وراءنا، لأنها باتت تظهر بالشكل المباشر محددة الهدف، وآلية السعي إليه، والأجندة المرسومة له والمستقبل المراد من كل ذلك.
وإن كانت هذه المعلومات المتسربة قد تزامنت مع الكثير من الأحداث هذا الأسبوع، لكنها لن تسفر إلا عن تأكيد المؤكد، الذي باتت المتغيرات الدولية تتسابق زمنياً معه، بعدما استشعر الخطر الداهم والمتجدد للإرهاب في العالم، الذي بدأ يظهر فيما تتمخض عنه نتائج اجتماع «بريكس» الأخيرة في روسيا، وحديث أمير الكويت المتلفز، والأحزاب الأردنية التي علا صوتها تجاه دور الأردن، والجزائر التي صارت على قائمة الصهيوني برنار ليفني في محاولة متجددة لتكون مع الإرهاب على موعد ولاسيما بعد أحداث «الغرداية».
الناظر للمشهد السياسي في المنطقة، يدرك أن متغيرات السيناريوهات اللاهثة للإمعان في ضرب العمق السوري باتت تتقهقر أمام ضربات الجيش العربي السوري والمقاومة، مع انكشاف الظهر في الميدان، الذي صار للجيش العربي السوري كلمته القوية فيه، ولم تعد تجدي كل صيحات المجموعات المسلحة البعيدة والقريبة، التي عرفت أن مقبرتها ستكون على هذه الأرض الطاهرة، وعرفت، تالياً، أن مهندسيها الإرهابيين نفقوا الواحد تلو الآخر، ولن يكون آخرهم سعود الفيصل وزير خارجية السعودية السابق الذي جرَّ الحرب وويلاتها، وعزز دور الإرهاب المتنقل مع الأدوات من الجوار من دون أن يرف له جفن لما سال من دماء السوريين الأبرياء الذين قضوا واستشهدوا في حرب أقرب ما تكون للهذيان السياسي، الذي دمرت فيه البنية التحتية «الجامدة» والفوقية «الحية»، التي مازالت تصارع طغيان الإرهاب، وإعلام التضليل، والنفاق الغربي، والمعايير المزدوجة، والقرارات غير الجدية في مكافحة الإرهاب..
ترى مع مرشحي الانتخابات الأمريكية القادمة، هل هناك من يعوَّل عليه في وضع سيناريو وحيد، هو مكافحة الإرهاب، وأن يعيش الكون بسلام؟
أم أن الوعود الموضوعة أمام اللوبي الصهيوني، هي التي ستأخذ طريقها إلى البيت الأبيض، وليس أدل على ذلك مما تقدمه السيدة كلينتون على أطباق من ذهب، تقرباً من الآلهة الصهيونية، التي تأخذ منها بركة الوجود المعنونة للسياسة الأمريكية؟
أم أن سياسة القطب الواحد انتهت، بما انتهت إليه مجموعة «بريكس» وقمة شنغهاي من قرارات ونتائج ستحمل السياسة العالمية، والاقتصاد معها، على الأكتاف، وبما أسقطته سورية من مشروع في ميدان مشروع المقاومة؟
بقلم: رغداء مارديني