الشريط الإخباري

معركة الزبداني في قراءة هادئة..!!-صحيفة الثورة

تتعدد القراءات التي تمليها معركة الزبداني وفق معايير سياسية وعسكرية متباينة، تبعاً للزاوية التي تتحرك من خلالها، فيما المعطيات تتحرك باتجاهات متقاربة فإن الثابت الوحيد الذي يمكن الركون إليه، أنها تشكل منعطفاً ميدانياً سيكون من الصعب تجاهل ارتداداته، أو القفز فوق ما يفرضه في الميدان.

فإذا كان من المسلم به أن العملية بدت مباغتة في التوقيت، فإنها في المضمون لا تقل عن ذلك خصوصاً لجهة التكتيك العسكري المعمول به، وما يمليه من تغيير ليس في قواعد الاشتباك فحسب، بل أيضاً في السياق الناتج عنه لاحقاً، باعتباره يؤسس لمرحلة قد تكون مفصلية في المواجهة الميدانية كما هي على المستوى السياسي.‏

وما يضيف إلى عوامل حضورها المفصلي أنها جاءت في مناخ كانت فيه المزايدات على أشدها، والمغامرات والأوهام والاستطالات من جهات الأرض الأربع وسط سيل من التهكنات والاستنتاجات التي توازت مع حركة في السياسة، تكاد تختصر سنوات من العبث السياسي الذي لا طائل منه، ولا جدوى من الاستمرار فيه، وإن كانت حجة التعديل أو التغيير مغايرة لسياقات الواقع، بفعل أن العودة إلى طرق باب الحل السياسي كانت ولا تزال مرهونة بما يتحقق في الميدان، بل هناك قوى وأطراف راهنت وعولت عليه كنقطة فاصلة بين تاريخين وزمنين.‏

بالتوازي معها، كانت قد برزت بعض المحاولات اليائسة التي أرادت أن تبث رسائلها بشكل مقلوب عبر تحريك كل الجبهات دفعة واحدة، حتى تلك التي لا تشكل منعطفاً في المواجهة، أو ليست محسوبة على أساس مفصليتها ودورها الحاسم، حين دفعت التنظيمات الإرهابية بكل رصيدها مدعومة ومغطاة من الدول المشغلة لها، والتي كانت تدرك بفطرة ارتباطها الوظيفي مع المشروع الغربي ضغط الوقت، وأن هناك ترتيبات تجري من خلف الستار، ومن وراء الكواليس تجعل من الوقت المتاح الفرصة الأخيرة التي قد ترسم تبعاً لها أفق المواجهة القادمة.‏

بهذا المنظور لا تدخل معركة الزبداني من البوابة العسكرية على أهميتها وحضورها فقط، بقدر ما تحمله في طياتها من بعد سياسي، لا يمكن أن يخفى على أحد، وسط تلاطم في أمواج التأويلات والتفسيرات التي أطلقتها المبادرة الروسية، وما يستتبعها من أمواج ارتدادية متتالية ستترك بصماتها على عناوين المرحلة المقبلة، حيث إن ما تفرزه على خارطة المواجهة سيكون مرجحاً، وربما حاسماً لكثير من المواقف المتأرجحة ميدانياً وسياسياً.‏

وهذا ما يملي المزيد من الانتظار على الكثير من المواقف، وربما الخطوات اللاحقة التي تتدحرج فيها كرة الثلج السياسية على مرج لم يعد بمقدوره أن يتستر على ما شهدته ثناياه في سنوات عجاف، كانت فيها الأصابع الإقليمية قد أوغلت في تأجيج نار الإرهاب، وساهمت في تفشي حضوره وامتداده المتورم في كل الاتجاهات، بما فيها حاضنته الأوروبية وخزان المد الإرهابي الذي ينطلق من حيث بدأ من تونس، وليس انتهاء بالكويت مروراً بمصر وصولاً إلى فرنسا.‏

ما هو محسوم، أن معركة الزبداني لا يمكن فصلها بأي حال من الأحوال عن معارك سابقة، خاضتها قوات الجيش العربي السوري بالتعاون مع المقاومة، وفي الوقت ذاته يصعب ربطها حصرياً بهذا النطاق من دون أن نأخذ بالحسبان ما يترتب عليها، وما يمكن أن يبنى لاحقاً في السياسة والميدان، خصوصاً أنها تأتي استكمالاً لواقع عسكري فرض أجنداته، كما هي حصيلة لوجهة نظر سياسية تتابع تفاصيل المشهد وما ينتج عنه.‏

بهذه القراءة تأخذ معركة الزبداني موقعها في تراتبية الأولويات التي ستنبثق عنها بالضرورة قراءات إضافية ليست حكراً على الميدان، ولا هي محصورة في المواجهة المفتوحة، وما يحققه الجيش العربي السوري والمقاومة معاً، بل سيكون لها معاييرها السياسية التي تفرض إيقاعها على أي مقاربة قادمة، وترسم مؤشرها وخط بيان المواجهة، لأنها تترافق بعمليات حاسمة في أكثر من موقع، سواء كان في الحسكة أم في درعا وأطراف السويداء وصولاً إلى أيام قادمة ومعارك فاصلة في أكثر من نقطة مواجهة على امتداد الأرض السورية، بحيث تلجم الكثير من الاندفاعات والحماقات التي ترتسم في الخارج الإقليمي أو أبعد منه قليلاً !!‏

بقلم: علي قاسم

انظر ايضاً

ما وراء طرح دولة منزوعة السلاح ..؟ بقلم: ديب حسن

أخفق العدوان الصهيوني في غزة وعرى الكيان العنصري أمام العالم كله، ومعه الغرب الذي يضخ …