الشريط الإخباري

إنه .. زمن التغيير-صحيفة البعث

في مكان ما يمكن القول، بكثير من الثقة: إنها الحرب العالميّة الثالثة، وإن ما يحدّث اليوم إحدى محطاتها المفصليّة، حيث تُكتب الفصول النهائية، وإن لم تكن الأخيرة بعد، وهو ما يفسّر سرعة تواتر الأحداث، وتسارع رسم مشاهد واصطفافات جديدة.

ففيما كتبت “أثينا” صفحة جديدة في مستقبل الاتحاد الأوروبي، ربّما تكون صفحة نهاية “اليورو” مع ما يعنيه ذلك لاتحاد قام على أسس اقتصادية، وتمزّق “طهران” آخر صفحات حصارها الجائر، وتستكمل “دمشق” كتابة أسطورة الفينيق السوري، الذي يعود للحياة في كل مرة يظن القتلة أن الأمر قد انتهى، وتتهيأ موسكو وبكين لمقعد الشراكة الوازنة في القرار الدولي، تستمر بعض العواصم الأخرى في السعي المحموم إلى خراب ما بعد بعد البصرة، بحثاً عن مكان تحت الشمس التي ستنير العالم لمرحلة جديدة مقبلة.

والحال فإن تزامن موعد القمة الأوروبية التي تعقد اليوم لدراسة الحدِّ من نتائج الزلزال اليوناني، مع اليوم الأخير لموعد الاتفاق النووي الزلزالي أيضاً، مهما كانت مآلاته، دليل واضح وضوح الشمس على زمن انحسار وهم “الظل الطويل” لدى البعض. والتداعيات العالمية والإقليمية لهذين الحدثين، ليست أقل من ارتسام ملامح زمن التغيير، فـ “اليوم اليوناني” هو أكثر من حدث أوروبي داخلي، وإذا كان من الصحيح أنه معركة ضد سلطة المال وسطوته التي لا تعترف بالشعوب إلّا منجماً للنهب المحموم، وأنه سيفتح النقاش العلني حول تهميش دول الشمال الأوروبي لدول جنوبه، فإنه أيضاً دلالة على بدء سلسلة هزات زلزالية مدمرة ليس لنتائج الحرب العالمية الثانية ومؤسساتها فقط، بل لنتائج الحرب الباردة أيضاً.

بهذا الإطار نفهم لجوء السعودية السياسي إلى الجدار الروسي، الذي حاولت جهدها هدمه سابقاً، والذي يوفّر لها اليوم، ولغيرها من المتورطين بدعم الإرهاب، سلّم الخروج من الغرق في “سد مأرب” و”نهر بردى”، عبر طرح تشكيل تحالف جديد لمكافحة الإرهاب، لاقته سورية، كما كتب نائب وزير الخارجية الدكتور فيصل المقداد، بالتأكيد على أنها، وهي ماضية “نحو نصرها الأكيد والقريب، لا تريده نصراً على أيّ من الأشقاء بمن فيهم من ظلموها وآذوها”، كما نفهم أيضاً الجنون الأردوغاني وهو يحاول، عبر حشد صناديق الرصاص على الحدود السورية الشمالية، عكس سير قطار التغيير الذي وصل إلى “ذقنه” عبر صناديق الاقتراع، ونفهم، أيضاً وأيضاً، توقيت كشف “إسبانيا” عن 6 منظمات إرهابية تتلقى أموالاً من قطر، بحسب صحيفة “الموندو” التي اكتشفت بالأمس فقط:

“إن التمويل المباشر من دول عربية على رأسها قطر هي التي تجعل الإرهاب موجوداً في العالم”!!.

إنه زمن التغّيير.. والنار قد اشتعلت في “الثياب” التي حيكت للنظام العالمي بعد الحرب العالمية الثانية، وهي لن توفّر أحداً، لكن هذا لا يعني أن النتائج ستظهر غداً، فما زال هناك الكثير من العنف والدماء، ولكن القطار استقر على سكّته الصحيحة، وحين يكتب التاريخ قصته بعد حين، سيسجل أن “بلاد الإغريق” أعادت، مرة جديدة، كتابة تاريخ أوروبا، وأن صمود دمشق أسهم “في صناعة مشهد إقليمي دولي جديد منح الحلفاء فرص الدفع نحو تغيير نمط العلاقات الدولية والإقليمية باتجاه صيغ تتسع فيها شروط شراكة الدول المستقلة في صياغة القرارات الدولية والإقليمية”.

وفيما سيتوقف علماء السياسة مستقبلاً أمام معنى هذا الصمود، وسيدرس خبراء الحرب محطّاته ومفاعيله، ويدرّسونها في أكاديمياتهم العسكرية، سيقول الجميع: إن سورية صبرت طويلاً على البلوى، وتركت الباب مفتوحاً لعودة الاخوة والأبناء الضالين، لكنها “لا تستطيع أن تضمّ إلى جبهة المنتصرين من يصرّون على البقاء في جبهة المهزومين”، وعليهم وحدهم اغتنام هذه الفرصة التاريخية للصعود إلى متن القطار، وشرط بطاقة الركوب الوحيد نبذ الإرهاب، تسهيلاً وتمويلاً وممارسة، فهل هم قادرون؟.

أحمد حسن

انظر ايضاً

عصر التحولات الكبرى الجديدة بقلم: بسام هاشم

.. للمفارقة، فقد توجت “نهاية التاريخ” بتدمير نظام القطبية الأحادية نفسه، ليدخل عالم اليوم مرحلة …