حمص-سانا
خمسون عاما هى عمر التجربة الإبداعية لدى الأديب والشاعر الرحل محمد ديب الزهر والذى فقدت الساحة الثقافية فى حمص بغيابه أحد روادها وشاعرها الأكثر نشاطا وتميزا فى مهرجانات الشعر التى طالما عرفتها.
والتجربة الشعرية لدى الشاعر الزهر الذى توفى الثلاثاء الماضي عن عمر ناهز السادسة والسبعين بعد صراع مع المرض غنية بكل شىء فيها اندمج بالسياسة بكل الوانها وحمل عبرها هموم وأوجاع الإنسان واستقر فى شاطىء الوطن والقومية ولم يتخل أبدا عن البحث عن العدالة الاجتماعية ومناصرة الكادحين وأشعاره المنشورة خير من يجسد هذه الروح لديه.
والشاعر الزهر الذى ولد فى مدينة حمص عام 1939 بدأ حياته يصنع الفخار مع والده وعرف مسيرته مع الشعر منذ المرحلة الإعدادية مع تعلمه العروض والأوزان وحصل على الشهادة الجامعية من كلية الآداب بدمشق قسم اللغة العربية عام 1965.
عمل معلما ووكيلا ثم مدرسا فى سورية ومعهد إعداد المعلمين في الجزائر 1969 وفي السعودية ثم عاد إلى سورية فعهد إليه بإدارة بعض الثانويات والإعداديات ثم أعير الى موريتانيا فعمل مدرسا فى المعهد العالى للدراسات والبحوث الإسلامية ثم عاد إلى سورية فعمل مدرسا فى كليتى العلوم والآداب فى جامعة البعث الى جانب تدريسه فى ثانويات حمص وإدارته للمسرح المدرسى فيها.
عاش الشاعر الزهر حياته الأدبية مبدعا ومنظما ثقافيا للعديد من مهرجانات الشعر والأدب بحمص ولا سيما مهرجانات رابطة الخريجين الجامعيين التى كان عضوا فى مجلس إدارتها منذ تأسيسها سنة 1961 وكانت تعد إحدى أهم المنابر الثقافية الرائدة في سورية يلتقى فيها كبار المفكرين والأدباء والفنانين السوريين و العرب.
ورغم مشاركاته العديدة فى المحافل الأدبية التى وصلت فى الشعر وحده الى أربعة عشر مهرجانا فان الراحل الزهر لم يجمع قصائده فى ديوان حتى عام 2006 حيث صدرت باقة منها فى مجموعة شعرية أولى بعنوان/ تداعيات فى حضرة الموت الشرقى/ ضمن منشورات اتحاد الكتاب العرب ولديه عدة دواوين جاهزة للطبع منها / بوح المريد/ و /الحزن فى عشقى/ و /غناء حزين لشهرزاد/ إضافة إلى كتاب نحوى صرفى عنوانه /جنى السنين فى تطبيقات النحو والصرف/ وكتاب نثرى بعنوان /ذكريات حمصية متوهجة/ رصد فيه الحياة بكل أبعادها من خلال سيرة حياته.
وكتب الراحل فى إهداء ديوانه /تداعيات فى حضرة الموت الشرقى/ /الى وطنى العربى الذى يحاصره الموت ولكنه يقف نخلة حياة وشجرة زيزفون متحديا الموت00 معلنا أن الحرية والدفاع عنها أجمل قصيدة/ كما وجد فى المرأة تجسيدا للوطن وضمانا لتحقيق حلم الشعوب فى الخلاص من المستبدين الطغاة حيث يقول فى إحدى قصائد /أحببت فيك اسمرار الارض فى وطنى وعشت فيك هوى الأوطان إيمانا أنى لعينيك يا سمراء من وطنى آمنت بالشعب بعد الله ديانا كل الطغاة زوال كلهم أبدا والشعب باق برغم الظلم سلطان/.
حظى الزهر باحترام نخبة من المؤرخين والادباء فى مختلف الدول العربية فكتب عنه الاديب والشاعر محمد غازى التدمري فى كتابه /الحركة الشعرية فى حمص و محمدى بن القاضى ومحمد بن عبد الله ولد الشيخ فى صحيفة الشعب الموريتانية عامى 1979 -1980.
وفيه يقول الدكتور والاديب /نزيه بدور /مدير النادي السينمائي بحمص لم يكن الراحل مدرسا للغة العربية وحسب بل كان شاعرا مجيدا ومرجعا لغويا فى قواعد اللغة العربية ونحوها واشتهر كمثقف واديب من خلال خدمته لجمعية رابطة الخريجين الجامعيين بحمص و برحيله خسرت الساحة الثقافية والأدبية علما من إعلام حمص والذى اشتهر بدماثته وتواضعه واحترامه للكبير والصغير.