لماذا لا تريد أمريكا لنا الديمقراطية؟..-صحيفة تشرين

قراءة سريعة في تشكيل الأنظمة العربية الحاليّة تؤكّد المعادلة الآتية: «استبداد يساوي استقرار يساوي دعم أميركي مطلق». وهناك معادلة مقابلة: «تحوُّل نحو الديمقراطية يساوي توتّر يساوي فوضى أميركية خلاقة وحرب إرهابية متوحشة»..

هل هناك من يستطيع اليوم أن ينكر هاتين المعادلتين؟ إن فك رموزهما بسيط وواضح. فالاستبداد يعني قهر الشعب وبالتالي يعطي للمستبد القدرة على أن يكون تابعاً للولايات المتحدة التي تضمن له الحماية «وطول البقاء» من غضب شعبه.. أما من يتجه نحو الديمقراطية فعليه أن يتحمّل التبعات الأمريكية والإرهابية..

على سبيل المثال لا الحصر: هل كان بإمكان السادات زيارة الكيان الصهيوني ذليلاً مستسلماً لو أن النظام المصري عندها كان ديمقراطياً أي أن الشعب هو صاحب الكلمة؟.. كان السادات سيسقط بعد ساعات من قراره أو على الأقل سيدخل في أزمة سياسية داخلية تؤدّي إلى سقوطه بسرعة وفق الأسس الديمقراطية.

انظروا إلى خريطة الأنظمة العربية تجدوا أن الأنظمة الاستبدادية من قطر وحتى «أمير المؤمنين» في المغرب مروراً بالسعودية والأردن وغيرها تحظى باستقرار أساسه مباركة ودعم أميركي مطلق. أما بالنسبة للأنظمة السياسية التي تتحول إلى الديمقرطية أو تعمل على ترسيخها فهي عرضة للغضب الأمريكي، ومن المؤكد أن الغضب الأمريكي على دمشق بدأ ينفجر خصوصاً عام 2007 عندما أعلن الرئيس بشار الأسد في خطاب القسم آنذاك توجّهاً حقيقياً نحو البدء بمشروع الإصلاح الديمقراطي النوعي. عندها بدأت عملية عرقلة الجهود السورية نحو دسترة الديمقراطية عبر تدخّلات وأزمات متتالية، ثم كان التفجير الحقيقي عام 2011 ومازال مستمراً لأنه ممنوع على الشعوب العربية أن تحكُم… الاستبداد هو حليف واشنطن الموثوق.. هذه هي القاعدة التي لا تخفيها واشنطن لأن دعمها لأنظمة الاستبداد واضح وعلني وقوي، كما أن غضبها على الأنظمة التي تتجه بخطى ثابتة نحو الديمقراطية واضح وعلني وقوي أيضاً.

أهم ما يمكن أن نستخلصه من هذا التحليل الذي يثبته الواقع والتجربة، هو أن الديمقراطية ينبغي أن نفهمها كواحد من أهم أسلحة مواجهة الهيمنة والصهيونية والإرهاب والرجعية، إضافة إلى أنها ضمان الاستقلال.. لأنها حكم الشعب.

بقلم: د. مهدي دخل الله

انظر ايضاً

تشرين .. انتصارُ الانتماءِ على السلاح.. بقلم: ناظم عيد

“حاربْ عدوك بالسلاح الذي يخشاه، لا بالسلاح الذي تخشاه أنت”.. حكمةٌ شهيرةٌ منقولةٌ عن المهاتما …