واشنطن-سانا
كشفت وثيقة تابعة لارشيف وكالة الاستخبارات التابعة لوزارة الدفاع الأمريكية رفعت عنها السرية بموجب امر قضائي ان الادارة الامريكية كانت تدرك منذ عام 2012 ان التيارات المتطرفة ومن بينها تنظيم القاعدة تقوم بدور رئيسي بالأحداث في سورية وان سياسة واشنطن قامت على السماح بتمدد التطرف للضغط على الدولة السورية.
وتقول الوثيقة التي يعود تاريخها إلى شهر آب عام 2012 وأعدها خبراء استخبارات.. ان السلفيين والإخوان المسلمين وتنظيم القاعدة في العراق تعد القوى الرئيسية التي تدفع التطرف في سورية وهذا المضمون يتعارض تماما مع ما كانت تروجه الدبلوماسية الامريكية بأن ما يجري في سورية يتم “بصورة عفوية معتدلة”.
وتتابع الوثيقة التي شطبت بعض البنود منها قبل تسليمها للناشطين الحقوقيين.. ان تنظيم القاعدة في العراق كان يدعم المعارضة السورية منذ البداية أيديولوجيا وعبر وسائل الإعلام وتشير أيضا إلى ان الغرب ودول الخليج وتركيا تؤيد المعارضة ما يعني ان واشنطن كانت تعلم تماما ان القاعدة وهذه الدول يقفون في جبهة واحدة ضد الدولة السورية.
وتعود الوثائق المنشورة لوكالة الاستخبارات التابعة لوزارة الدفاع الأمريكية التي ردت على أسئلة وجهت إليها بشأن مضمون الوثائق بتكرار عبارة “لا تعليق” حتى لدى الإجابة عن سؤال حول ما إذا كان الأمريكيون يدعمون تنظيم “القاعدة في العراق” بصورة مباشرة علما ان هذا التنظيم غير اسمه لاحقا إلى “داعش”.
وجاء في مقال كتبه الباحث براندن بوربفيل لموقع “غلوبال ريسريش” الإلكتروني.. ان الصحفي بارند هوف اتصل بالوكالة يوم 22 أيار للحصول على تعليق بشأن مقاله السابق المتعلق بإحدى الوثائق المنشورة لكنه لم يتلق أي رد قبل 27 أيار وفي اتصال هاتفي معه لم يقدم المتحدث باسم الوكالة تعليقا على أي من الأسئلة لكنه شدد على كون الوثيقة لا تتضمن إلا معلومات أولية لم يتم تحليلها أو تفسيرها.
ولتزيد الوثيقة التأكيد على مضمونها الخطير فانها توضح حرفيا ان تنظيم القاعدة في العراق له جيوب ومعاقل على كلا طرفي الحدود السورية-العراقية تعمل لحشد تدفق المعدات العسكرية والمجندين الجدد كما تقر بأن مواقع التنظيم الارهابي في المحافظات الغربية للعراق التي ضعفت في عامي 2009 و 2010 تنامت قوتها فيما بعد.
وبحسب الوثيقة تنبأت الاستخبارات الامريكية منذ عام 2012 بأن الدولة السورية لن تسقط لكن الصراع سيزداد حدة في المنطقة وسيتحول الوضع إلى “صراع بالوكالة” كما تنبأت الاستخبارات الامريكية منذ ذلك الوقت بأن الدول الغربية ودول الخليج وتركيا ستدعم جهود ما يسمى “المعارضة السورية” للسيطرة على أراضي شرق سورية على الحدود العراقية وستعمل هذه الدول على إقامة مناطق عازلة تتم حمايتها بجهود دولية على غرار المنطقة التي تمت إقامتها حول بنغازي في ليبيا عام 2011.
وأشارت الوثيقة أيضا إلى امكانية قيام كيان متطرف شرقي سورية والأخطر انها تفيد بأن هو بالذات ما تريده الدول الداعمة “للمعارضة” من أجل عزل الحكومة السورية.
وبحسب الوثيقة فان الاستخبارات الامريكية كانت على قناعة بأن تدهور الوضع في سورية سيأتي بعواقب وخيمة على الوضع في العراق وهذه التطورات ستوفر بيئة ملائمة لعودة تنظيم القاعدة في العراق إلى مواقعه القديمة في الموصل والرمادي واحتمال إعلان التنظيم عن قيام دولة إسلامية مع إقامته تحالفات مع منظمات إرهابية أخرى في العراق وسورية ما سيأتي بمخاطر كبيرة على وحدة العراق كما تشير إلى ان تدفق العناصر الإرهابية من العالم العربي برمته إلى الساحة العراقية سيستمر.
ولا تحتاج هذه الوثيقة الخطيرة الى كثير من التعليق والتحليل للخلاص الى ان الولايات المتحدة كانت تقود عملية التطرف والقتل في المنطقة عبر فتح الابواب امام المتطرفين والارهابيين والدول الداعمة لهم لاستهداف سورية والعراق وعرقلة اي جهود دبلوماسية للحل.
وكانت الولايات المتحدة اختارت موعد مؤتمر “جنيف 2” في بداية عام 2014 لتعلن عن تقديم مساعدات عسكرية لما تسميه “المعارضة السورية” كما انها تتغاضى عن صلات حلفائها في الخليج وتركيا مع تنظيم “جبهة النصرة” الإرهابي الذي بات مسلحا بصواريخ امريكية مضادة للدروع ويستخدم السلاح الامريكي الذي يصله عبر تركيا والسعودية وقطر.
وكانت منظمة “جوديكال ووتش” الحقوقية نشرت في 18 من الشهر الماضي مجموعة من الوثائق التابعة لوزارة الدفاع الأمريكية رفعت صفة السرية عنها نتيجة دعوى قضائية رفعتها المنظمة ضد الحكومة الأمريكية وكانت الدعوى ومعظم الوثائق تتعلق بأحداث بنغازي عام 2012 لكن إحدى الوثائق تتضمن معلومات مهمة للغاية متعلقة بالوضع في سورية والعراق.