أكثر من ألف وثمانمائة عام عمر الحروب في العالم، ليس هنالك قرن بدون عدة حروب لها أشكال، في القرن الذي مضى حربان كبيرتان عالميتان وحروب عديدة لها طابع حدودي .. أما حروب اليوم التي هي مطلع هذا القرن، فليست عادية، وليست محلية وإن كانت محصورة ضمن منطقة محددة، هي عالمية الطابع، إلا أنها تجري داخل أوطان لها سيادة وطنية.
الحروب الحالية صارت على المكشوف اقتلاعية، هكذا هي حروب البرابرة، يشنون حروبهم من اجل اقتلاع أنظمة وسلطات وتغيير شعوب .. هم ليسوا تغييريين لأنهم لا يعرفون غير التهام الموجود كي لا يبقى موجودا.
هؤلاء القوم يتعايشون على صيحات الله اكبر، لكنهم ليسوا مسلمين ولا يعرفون لا الاسلام ولا المسيحية ولا اليهودية ولا حتى البوذية، لم يقرأوا الانسانية فهم بالتالي لا يقرونها، ظلاميون الى أبعد الحدود، الاحزاب الفاشية ممنوع عليها القراءة والكتابة والتعلم والتطلع الى التلفاز والاستماع الى المذياع، كما ممنوع عليه، إلا طعام معين، وكل التربية الأخرى موبقات بالنسبة اليها .. فهم بالتالي لايستمعون إلا لصوتهم الداخلي الذي هو فرح بقتل الآخر، بذبحه كي يغتسلوا بدمه .. هذا العالم البربري يتقن تنفيذ الأوامر لأنه ممنوع عليه الاجتهاد أو التفكير في أي أمر، من أشهر ما يعرفه أنه تعرض لعملية غسل دماغ، ولذلك ينتحر فورا عندما يطلب منه أن يفعلها بدون نقاش.
يربحون معاركهم تحت ظنون تفكيرهم بأنه البقاء الدائم حيث هم .. ولأنهم لم يقرأوا التاريخ ولا يعرفون أن ثمة تاريخا قبلهم، ينسون انهم كسبوا جولة لكنهم لن يربحوا المعركة الكبرى حين يتم اجتثاثهم .. لهم أمثال كثيرة جاءت الى المنطقة لكنها أخرجت عنوة، لم يبق منها غير ذكريات فحشهم وبربريتهم. كلهم ذهبوا وبقي أبناء المنطقة، حاولوه مع الشام فظلت الشام لأبنائها الحقيقيين، ومع العراق فلم يستطيعوا البقاء، ومع مصر التي ظلت راياتها مرفوعة وعالية، مع كل مكان عربي، فإذا بهم مروا وتركوا أسوأ الذكرى، ككل الاستعمار وكل الدخلاء.
يكرر التاريخ نفسه وإن بصيغ مختلفة وأسماء مختلفة، لكن الأهداف واحدة، فهل سيعيشون كل تلك السنين التي عاشتها اسرائيل وعمرت في المكان الذي ليس لها حيث اقتلعت اصحابه الشرعيين الحقيقيين .. سؤال قد يكون في محله، وقد لا يصدق البعض ان اجيالا مفروض عليها ان تحارب كي لاتسقط اوطانها، فهي الحرب التي بشر بها الاميركي الذي يعرف التفاصيل بأنها مائة عام، وربما أكثر .. إذ ليس مقبولا أن يبقى واحد بربري على وجه المنطقة.
بهذا المفهوم علينا ان نجهز مسرح القتال الطويل، وان يكون لدينا الاقتصاد الحربي الذي نحتاجه لسنين القتال المفتوحة، وان نجهز الجيوش تلو الجيوش والأجيال تلو الاجيال حتى لا نفقد القدرة، فعلى كل قادر ان يحمل السلاح وأن يكون الى جانب الحشد الشعبي وجيش بلاده، وإياكم الهروب من المعركة، فمعناه أن أوطانكم جذوركم سوف تخسرونها إلى الأبد.
بقلم زهير ماجد