دمشق-سانا
شغل الرثاء حيزا هاما في الشعر العربي على مر تاريخه حتى لم تعرف العربية شاعرا لم يطرق هذا الباب بل وهناك من تخصص به وصور ما يختلج النفس من حزن وانكسار لفقد كل غال بل وهناك من حدا بهم حزنهم إلى ولوج عالم الشعر كما فعل الشاعر موسى حسون.
ويقول حسون في حديث مع سانا الثقافية كنت لسنوات خلت أكتب الشعر المحكي ولكن الحزن الذي سيطر علي وأدخلني في أزمة نفسية عندما فقدت اثنين من أبنائي دفعة واحدة قبل نحو خمسة عشر سنة جعلني ألوذ بالشعر واعتبره ملجأ يحميني من لوعتي كأب فكان الشعر هو من أخرجني من أزمتي وأحزاني وكانت أولى قصائدي خليطا بين المحكي وبين العمودي حيث قلت.. “بكير يا ابني رحلت عالبيت الجديد..وتركت بيك من بعد منك وحيد معذور يا ابني ما بتعرف بالقدر..وما بتعرف الدهر الردي بيغدر أكيد”.
ويتابع حسون قائلا تعود قلمي على كتابة شعر الرثاء وصرت أنقحه من اللهجة المحكية لاتجه نحو الشعر العمودي الصحيح لأن شعر الرثاء يستميل القلوب “وصرت أحاول دائما أن انتقد الدهر وما يتركه في المرء من أحزان وآلام حتى دفعني رئيس تحرير المجلة التي أنشر فيها إلى تناول أغراض شعرية مختلفة فكتبت قصائد غزلية ولكني لم أستطع أن أخرج من حيز الحزن والأسى واعتبار الدهر عدوا يترصد بالإنسان كما لم أرفع بالمرأة إلى سماوات عالية كفعل بعض الشعراء بل هي عندي صنو الرجل لأن الشاعر ينقل الصورة التي في ضميره ولا يخالف أحساساته وقناعاته” فكتب.. “إن تسأليني عن الأيام اعتذر..فالجرح تلحظه الأرقام والصور يقرح الجفن سقم بات يحرقني..كجمرة النار لا تدري به البشر”.
وعن الوطن في القصائد التي يكتبها يقول حسون “أحاول أن أكون منسجما مع أحزان وطني وما يمر فيه من آلام وأجد لذلك صدى في ذاتي لأن الألم هو الذي أسسني كشاعر ولا أستطيع منه فكاكا” فقلت في إحدى قصائد..
“هذي دمشق وهذا الجرح والألم .. والصدع هذا وهذا الجرح والسقم لم يثنها الغدر عن نهج به عرفت.. يوما ولا الحقد أو تجدي بها النقم مهد الحضارة كم كانت لهم مددا..وبلسم الجرح والترياق إن سقموا”.
وينفي الشاعر أن يكون ترسيخ الألم في الشعر يودي بالقصيدة إلى الوقوع في التشابه موضحا أنه ميال لتغيير أدوات القصيدة بما يخدم ذات المضمون والهدف لتبقى الكلمات بسيطة ولتستطيع أن تؤثر بالشرائح المثقفة والأقل ثقافة وإن أدى ذلك للتشابه الذي لا يصل إلى حد التطابق معتبرا أن محاولة الشاعر للقيام بتغيير جذري في قصائده سوف يعيده ذلك إلى نقطة الصفر كما أن لكل شاعر أسلوبا يجب أن يميزه ويعرف به ولأن الشاعر موسى حسون يكتب الشعر العمودي ولا يخرج عن أوزان الخليل الصارمة فإنه يقدم رأيا خاصا به عن شعر التفعيلة فيقول “لا أميل لشعر التفعيلة ولا أقدر على رسم الصورة التي في داخلي عبره وأجد قوافيه وحروفه ناقصة” أما عن شعر النثر فيقدم فيه حسون رأيا أكثر حدة قائلا “هو كلمات تفتقر الإبداع وهو يذكرني بالخواطر التي يكتبها الإنسان في مرحلة من حياته والتي تكون وليدة ظروف تموت في لحظته”.
وعن غلبة الغموض والرمزية على النتاج الشعري الحالي يقول حسون “عندما يستخدم الشاعر هذين العنصرين فهو يوحي بضعف قدرته على رسم الصورة التي يريد بالجمل الواضحة المعبرة ومع إصراره على رسمها لا يبقى لديه سوى الغموض أو استخدام الكلمة التي تعطي أكثر من معنى فيضيع القارئ”.
ويفضل حسون أن يترك الصورة تتخمر في ذهنه وبعد ذلك تصاغ شعرا والصورة عنده تفرض ذاتها في دافع من العقل الباطن لأنه يؤمن بمقولة أن الشاعر لا يكتب إلا الشيء الذي يؤمن به.
الشاعر موسى حسون يكتب الشعر العمودي المقفى ولديه مئات القصائد المنشورة في صحف ومجلات سورية يركز على الشعر الوطني في جل ما يكتب ويعمل محررا في جريدة ومجلة نضال الفلاحين.