الشريط الإخباري

مصالح تخطت حدود القُبل!-صحيفة تشرين

يبدو أن الحلول السياسية في المنطقة، وسورية تحديداً، مازالت تدخل في أنفاق التحالف الاستعماري الغربي عامة والناتج عنه ذاك التزاوج بين السعودية و«إسرائيل» خاصة..

إذ لا يمكن أن يوصف اجتماع مسؤولي «إسرائيل» بأشقائهم السعوديين في واشنطن مؤخراً بالمفاجأة، فقد تخطّى مشروع الارتباط العضوي غير المعلن، والزواج السري بينهما، حاجز الصمت والمواربة، ليظهر للنور جلياً ساطعاً من دون أن يحمل في طياته حياءً وخجلاً من باقيات الأيام في مفكرة الزمن التاريخي لهذه المملكة، الذي ما تجسد فيه إلا الوبال على أمة الإسلام التي عنونت نفسها «حامية لها» في إطار عقلية تنظيم وهابي تكفيري، انتظم آل سعود في عقدها، ضمن الدور المرسوم لهم في أجندة الغرب الاستعماري منذ توليهم عرش المملكة، وسيطرتهم تالياً على منابع النفط التي اشتروا من خلالها النفوذ في العالم الغربي الذي قدم لهم كل التسهيلات لتمدد فكرهم الوهابي على كل شيء.. فكيف وقد استنفد وجودهم في صناعة الإرهاب خدمة لمشروع التقسيم الذي صدقت عليه أمريكا وغربها و«إسرائيلها» الأخت الشقيقة للسعودية التي باتت اجتماعاتها الثنائية الخلوية معلنة الفكر والتوجه والهدف؟

الصحف الأمريكية التي أبرزت لقاء المصالح المشتركة بين السعودية و«إسرائيل» وما سبقه من لقاءات في الإطار نفسه، وصفت هذه اللقاءات بالجديدة والاستثنائية، ولاسيما بعد العرض الإسرائيلي على آل سعود القبة الحديدية لحماية حدودهم من أي خطر والذي وصل إلى حد وُصفت فيه هذه العلاقة بأنها غريبة وأكثر من تبادل قُبل على لسان روبرت باري رئيس تحرير موقع كونسورتيوم نيوز الأمريكي.

والسؤال هنا: ماذا تعني المصالح المشتركة في ظل ما يجري من إرهاب تكفيري، وتخطيه مرحلة تبادل القبل إلى الزواج المعلن، ولاسيما إذا عرفنا أن السعودية قامت بتقديم ستة عشر مليار دولار خلال العامين ونصف العام الماضيين من أجل بناء المستوطنات، وتمويل مشروعات البنية التحتية في الداخل الإسرائيلي، في الوقت الذي أنفقت فيه أضعافاً مضاعفة، خدمة لـ«إسرائيل» أيضاً، ولكن في تخريب البنية التحتية العربية، وإزهاق أرواح المئات من الأبرياء في سورية والمنطقة.. مع تشكيلها للوبي صهيوني في أمريكا، ولوبي إرهابي في سورية، شكلا معاً الأجندة المشتركة التي تعمل عليها كل من السعودية و«إسرائيل» ومن لف لفهما، في المنطقة وسورية واسطة العقد الحضاري المقاوم.

ولعل الإجابة تكمن في التفاصيل العملية والميدانية التي جعلت هذين «الزوجين» يحددان قضيتهما المصيرية الواحدة بتنفيذ مشروع التقسيم، فكما أن «إسرائيل» تريد الحفاظ على وجودها بالعمل على الإثنيات والطوائف من دون تغيير في بنيتها الفكرية القائمة على «يهودية إسرائيل»، كذلك هي مملكة الرمال الساعية إلى درء خطر الرمال التي قد تتحرك لتجرف بنيتها واستراتيجيتها كعقيدة وهابية تكفيرية بعيدة كل البعد عن الدين الإسلامي الصحيح الذي جعل من جغرافيتها قبلة المسلمين في العالم.. وقد ظهر كل ذلك جلياً، ولاسيما بعد تولي الملك سلمان، وتخبط الأمراء والأسرة وتباين الأفكار والآراء في الاتجاهات والسيناريوهات بعد المغطس السعودي في اليمن، وفضيحة الدور السعودي في سورية والمنطقة، وركوب موجة الإرهاب وصناعتها في العالم.. مع قطر وتركيا الغائصة حالياً في فضائح أردوغان العثماني وكمّه للأصوات الإعلامية التي عرّت «السلطان» وإرهابه وقد تشدق أمام جماهير «الانتخابات البرلمانية» بضرورة السعي إلى إيقاظ الحلم العثماني وفتوحاته الاستعمارية..

باختصار، حميمية الزواج السعودي- الإسرائيلي، كشفت الأوراق القادمة لما هو مبيت للمنطقة، وسورية، والدور الذي شكلتاه معاً بإنشاء اللوبي: الصهيوني- الإرهابي، الذي استخدم من خلاله أهم خمسة مليارديرات في العالم «المشرفين على الفيسبوك/ التواصل الاجتماعي- وغوغل.. وشركات المال والإعلام في العالم» أدواتهما وزواجهما مع آل سعود والأجراء في المنطقة في حملة «الربيع» التقسيمي وفتح المعابر والحدود لكل مرتزقة ووهابيي الأرض، لتنفيذ أجندة «الموساد» صاحبة المصالح المتغلغلة في العالم أجمع.

فهل يمكن بعد هذا أن يوصف ما يجري بالغرابة، وهل يمكن أن يعوّل على بعض المنخرطين في المشروع في مجلس الأمن ومنظماته بمكافحة الإرهاب حتى ولو اتخذ عشرات القرارات في ظل مباركات بعض الدول الغربية من فرنسا وبريطانيا.. الخ، واستيقاظ حلم التقسيم العائد..

الأمر مرهون بالمجتمع العالمي المؤمن بالحقوق، والسيادات، وحق الشعوب في تقرير المصير، والمؤمن أيضاً بمسؤولياته تجاه حضارات الشعوب، وحقوقها الإنسانية..

فأين هم من حق الشعب العربي السوري، وسيادة دولته، وصون حضارته المغرقة في عمق التاريخ، الذي يبدو جلياً أنهم لا يعرفون معنى لهذا التاريخ وأصالته.

بقلم: رغداء مارديني

انظر ايضاً

خدمة لمشروع التقسيم-صحيفة تشرين

منطقياً لا تكتمل أي مؤامرة، مهما كبرت أو صغرت، من دون أن يرافقها بثّ حرب …