دمشق-سانا
في التاسع والعشرين ومن عام 1945 رفضت حامية البرلمان في دمشق تحية علم الاحتلال الفرنسي فارتقى أفرادها شهداء في سبيل الحرية ضاربين أمثولة حية في الدفاع عن الوطن وكرامة أبنائه والالتزام بإرادة المقاومة في الاستقلال عن نير الاستعمار الفرنسي.
ففي صباح ذلك اليوم وجه قائد القوات الفرنسية اوليفار روجيه إنذارا مباشرا إلى رئيس المجلس النيابي يهدده فيه بالقضاء على كل من يحاول الاعتراض على إرادة فرنسا ويعمل من أجل إخراجها من البلاد واشترط عليه أن تقدم حامية البرلمان من رجال الشرطة والدرك التحية للعلم الفرنسي عند إنزاله من على ساريته فوق مبنى الأركان الفرنسية المقابلة للبرلمان آنذاك وما إن قوبل التهديد بالرفض وامتنعت الحامية عن أداء التحية للعلم الغريب حتى باشرت الأسلحة الفرنسية صب حممها على مبنى البرلمان ووقف حماته يدافعون عن مواقعهم ببسالة وشجاعة في معركة غير متكافئة ببنادقهم المتواضعة في مواجهة المصفحات والمدافع والرشاشات.
وكانوا ثلاثين في مواجهة المئات وبعد أن نفدت ذخيرتهم وشبت الحرائق في المبنى وتهدمت أجزاء منه اقتحمه الجنود الفرنسيون المدججون بالحقد والسلاح وأجهزوا على من بقي من عناصر الحامية بقساوة وفظاعة ولم ينج من الثلاثين إلا اثنان أثخنتهما الجراح وظنهما المستعمرون في عداد الأموات.
ذلك اليوم كان مشهودا وممهورا بدماء الأبطال فاتخذت منه قوى الأمن الداخلي في سورية عيدا وطنيا نحتفل بذكراه السبعين هذا العام في وقت لاتزال فيه هذه البطولة راسخة في الأذهان تكرس يوما بعد اخر قيم الشهادة والشهداء والمعاني السامية للتضحية ومحفزة للعطاء ودحر الإرهاب وأدواته عن كامل التراب السوري.
لم يكن التاسع والعشرون من أيار بما جسده أبطال قوى الأمن الداخلي من وفاء للوطن وتضحيات في سبيل مجد سورية الموقف الوطني الوحيد لهم بل هناك الكثير من المواقف المشرفة خلال سنوات النضال ضد الاحتلال الفرنسي إضافة إلى مشاركتهم الفعلية في معارك فلسطين 1948 وفي حرب تشرين التحريرية عام 1973.
وما أشبه اليوم بالأمس.. أمس صمد شعبنا وقاوم وصارع الاستعمار الفرنسي وقهره وأجبره على الرحيل وبقيت سورية صامدة.. واليوم يقف شعبنا بجيشه الباسل المعطاء وقوى الأمن الداخلي وجميع الشرفاء في هذا الوطن متصدين للإرهاب وكل داعميه ومموليه وقفة شهامة ورجولة يدحرون الإرهاب ويطاردون فلولهم ويدكون أوكارهم مؤكدين أن سورية ستنتصر وستبقى كما كانت على الدوام حصن الكبرياء وقلعة المجد المكللة بغار الانتصار.
ويؤكد مدير إدارة التوجيه المعنوي في وزارة الداخلية العميد محمد العلي أن ملاحم البطولة والتضحية التي سطرها رجال قوى الأمن الداخلي إلى جانب رفاقهم في القوات المسلحة ستبقى على الدوام الجواب الشافي لكل واهم أو مشتبه بكسر إرادة سورية والهيمنة على قرارها الحر المستقل.
وأضاف العميد العلي إن الأحداث والتطورات الأخيرة التي تشهدها سورية فرضت مهام إضافية على رجال قوى الأمن الداخلي إلى جانب مهامهم الأساسية في حفظ الأمن والنظام العام فهم اليوم جنبا الى جنب مع رجال الجيش والقوات المسلحة يتصدون للإرهاب ويحاربون التنظيمات الإرهابية على امتداد أرض الوطن مؤكدا الجهوزية التامة والعزيمة القوية والاستعداد الدائم للتضحية والفداء حتى تحقيق النصر على أعداء الوطن.
من جانبه يقول الملازم أول أحمد بطل من أبطال قوى الأمن الداخلي الذي أصيب أثناء تصديه للإرهابيين “نحن أبناء قوى الأمن الداخلي نذرنا أنفسنا لخدمة أبناء شعبنا الأبي والحفاظ على أمن واستقرار وطننا الحبيب وسنبقى على الدوام جاهزين لتقديم كل ما يتطلبه هذا الواجب المقدس وأن الإصابات والجراح التي تعرضنا لها لن تثنينا عن مواصلة التضحية والعطاء حتى تحقيق النصر أو نيل شرف الشهادة دفاعا عن تراب الوطن”.