الشريط الإخباري

تدوير إرهابي.. وفق السياسة الأمريكية-صحيفة تشرين

المتتبع لمجريات ما يحدث في المنطقة، وسورية تحديداً، يرى أن الولايات المتحدة الأمريكية، حزمت أمرها على نقاط التلاقي والاختلاف في بنية الحرب الإرهابية التي أعدّت لها جيداً، وخططت لها مع حلفائها واللاعبين الصغار والأجراء المنفذين على الأراضي السورية.

فما كاد ينقضي لقاء قمة كامب ديفيد الخليجي- الأمريكي، حتى كان التنظيم «الداعشي» يتحرك باتجاهات البوصلة الأمريكية وحدها، مع ما تشكله الدولة العثمانية، وتدعمه بإمكانات لوجستية وإعلامية، مع أدواتها المتحالفة للتحرك من المنطلق البند والهدف المرسوم تقسيماً في الخرائط التي ما زالت تحمل سيناريوهات الوجوه المتبدلة حسب الطلب، وحسب مقتضيات الميدان على الأرض المتشعبة بين المدّ الإرهابي وجزره.

فما معنى، أن تعيد يد أمريكا العسكرية «الداعشية» خطتها بالعودة للدخول إلى تدمر، أيقونة الآثار العالمية، مرة ثانية بعد محاولتها الأولى؟..

الجواب التحليلي لهذا المنطق قد يشير إلى الأصابع الأمريكية ذات الأوامر الراسخة بضرورة خلط الأوراق في خط التوازي مع احتلال مدينة الرمادي العراقية، ومجريات القضاء على الإرهاب في مساحة لا يستهان بها في منطقة القلمون.. وفيما بين الرمادي وتدمر يد إرهاب تمتد أفقياً، في بُعد أجندة قد لا تظهر أهدافها مباشرة، وبما هو مطلوب أمريكياً، من «داعش» التي احتلت الرمادي، واحتلالها تدمر، بما تعنيه حوامل تلك التمددات الإرهابية بين العراق وسورية.. في الوقت الذي على أمريكا محاربة ذلك في العراق، مع سماحها وإصرارها على تنظيم «داعش» للوصول إلى الأيقونة الأثرية العالمية في سورية ومثلها في اليمن. والناظر إلى خط التوازي الإرهابي هذا، يدرك ماهية القرار الذي اتخذته الحكمة بالحفاظ على الأهالي والدفاع الشعبي، بحقيقة قد لا يُفهم مغزاها في الوقت الحالي الذي تخضع فيه الجغرافيا إلى كرّ وفر إلا إذا قام الفرد منا بالنظر بعمق إلى التحليل السياسي والعسكري المراد من هذه الخطوة حصراً، والتي أتت متزامنة مع تحرك أوباما بإعطاء تعهده لتونس، موئل المد الإرهابي بمنحها صفة حليف أساس غير عضو في حلف الأطلسي، كما منحها سابقاً للأردن «مسرح غرف العمليات الإرهابية على سورية» والمغرب التي تلعب دورها المعروف كلعبة بيد اللوبي الصهيوني.

أما لماذا الرمادي في خطها الأفقي، فلأنها تعد مدينة لها أهميتها التجارية الواصلة بين العراق وسورية والأردن، وكذلك كانت تعد نقطة رئيسة للمقاومة العراقية أثناء الاحتلال الأمريكي للعراق، حيث تحتوي على خط السكة الحديدي الرئيس الذي يقود إلى سورية، ولذلك كان القادة العسكريون الأمريكيون يعدون المدينة منطقة تنقل للمقاومين العراقيين.

من هنا تبرز أهميتها الأفقية مع تدمر باتجاه الغرب السوري، لتكون خط التنقل المهم لـ«الدواعش» بالمنظور الأمريكي، الذي أعطى أوامره بالهجوم الإرهابي الكاسح على المدينة الأثرية التي لا يهمه فيها أثر ولا أوابد، بمقدار ما يسعى إلى تنفيذ أهداف باتت معروفة في سياسة أمريكا الخارجية الساعية إلى تنفيذ المشروع الموضوع، والمحاولات المتعددة لكسر شوكة المقاومة وخطها، ولاسيما بعد الذي جرى من القضاء على إرهابيي القلمون.

بعد كامب ديفيد الخليجية- الأمريكية، كان للسياسة الأمريكية بعد النظر في إعادة بلورة رؤية معينة وفق الأهداف الجديدة، ومنها ما جرى في القطيف من استهداف تبنته مولودة أمريكا «داعش»، مع وضع كل ما يجري حالياً في خانة إعادة التدوير الإرهابي بما تقتضيه مصلحة السياسة الأمريكية وحلفائها في المنطقة، العاملة على ترسيخ الإرهاب ودعمه وتمويله، وبما برز من معطيات نشرت عن الدعم اللامحدود لـ«داعش» من التحالف نفسه الذي أتى «ليحاربه» ويقضي عليه «إعلامياً» فقط.

والمهم تالياً أن الخليج وحكامه الذين جلسوا عبيداً تحت أقدام أسياد البيت الأبيض، باتت نهاية دورهم وشيكة، وقد بدأت تتضح معالمه، وسيدفعون الثمن من سياسة «الفوضى الخلاقة» التي قبلوا أن يكونوا أجراء في تنفيذها على أشقائهم وأهلهم، وقد باعوا أنفسهم للشيطان الأكبر، فسياسة أمريكا لا دين لها والتاريخ يعطي الأمثلة والعبر!

بقلم: رغداء مارديني