ريف دمشق – سانا
لأنها الأغلى من الذهب والأشهر بين الورود في العالم أحيا أهالي قرية المراح بمنطقة النبك صباح اليوم مهرجان قطاف الوردة الشامية الذى تنظمه محافظة ريف دمشق بالتعاون مع جمعية المراح للوردة الشامية بحضور جماهيري ورسمي واسع.
وقبل البدء بالحفل انطلق حشد شعبي منذ الصباح الباكر إلى حقول الوردة الشامية لجني أزرارها المنتشرة في القرية راسمين بذلك لوحة فلكلورية عبرت عن مدى حبهم لهذه الوردة وحرصهم على استمرارها لأهميتها الاقتصادية والغذائية والجمالية والطبية.
وعبر المشاركون في الاحتفال عن اعتزازهم بهذا النوع من الزراعات كون الوردة الشامية تقدم الكثير لأصحابها مقابل الاهتمام بها ورعايتها مؤكدين أن الوردة الشامية أصبحت جزءا لا يتجزأ من حياتهم.
وبينوا أن قرية المراح هي المنطقة الوحيدة التي تزرع الوردة الشامية كبساتين وأشجار مثمرة بطريقة بعلية وتعتبر المنتج الرئيسي للمزارعين هناك وليست للزينة فقط لافتين إلى أن الاهتمام بالوردة زاد بعد أن أطلقت الأمانة السورية للتنمية مبادرة “قطاف الوردة الشامية” ضمن إطار برنامج إحياء الوردة الدمشقية والمحافظة على سلالاتها المحلية من خلال تمكين المجتمع المحلي في القرية.
واعتبرت ريا البيطار مزارعة أن أهمية الوردة الشامية تأتي من كونها تدخل في صناعات مختلفة أهمها ماء الورد والشراب والمربى وغيرها لافتة إلى أن المزارعين يعملون في الشتاء على فلاحة الأرض وتهيئتها لهذه الراعة في الربيع بينما أشارت المزارعة سعاد نبهان إلى أن سكان القرية يعملون في الزراعة منذ القدم لكن زراعة الوردة الشامية تعززت أكثر بعد الاهتمام الذي قدمته الدولة لرعايتها.
وبينت خديجة خجا أن الوردة الشامية تشكل مصدر رزق بالنسبة لها فهي متخصصة في صناعة شراب الورد وتتقنه بينما لفت محمد عطا باكير مزارع إلى “أهمية زراعة الوردة الشامية وضرورة التوسع بها والمحافظة عليها لأن قيمتها عالية جدا وتاريخها عريق”.
وفي تصريح خاص لسانا أوضح مدين بيطار رئيس جمعية المراح لإحياء تطوير الوردة الشامية أن الجمعية تأسست عام 2010 بدعم من الأمانة السورية للتنمية التي تعنى بكل تفاصيل زراعة الوردة ومشاكلها وصعوباتها التسويقية مؤكدا أن “قرية المراح هي الوحيدة التي حافظت على سلالة الوردة الشامية الأصلية التي تقطف براعمها لاستخلاص الزيت العطري ويتم بيعها لتجار في البزورية بدمشق ومنها تصدر إلى لبنان وفرنسا”.
وأشار بيطار إلى أن بعض الزيت العطري للوردة يتم إنتاجه في معمل القرية المتواضع ويسوق داخل سورية خصيصا للمنتجات الطبية كاشفا أن سعر الغرام الواحد من الزيت العطري حاليا يصل إلى 18 مليون ليرة تقريبا بعد أن كان سابقا يتراوح بين مليون ومليوني ليرة مؤكدا أن كامل إنتاج الوردة الشامية لهذا الموسم سيباع لشركات عالمية تعنى بالطب والذي يقدر سنويا بين 60 إلى 70طنا على مستوى القرية.
وقال بيطار إن “زراعة الوردة الشامية أسهمت في زيادة شهرة القرية ليس فقط على مستوى سورية بل على مستوى العالم” لافتا إلى أن المساحة المزروعة لهذا الموسم تصل إلى 2500 دونم علما أنه كان من المتوقع زيادة المساحة إلى 5000 دونم لكن الأوضاع الأمنية وصعوبة وصول المزارعين إلى أراضيهم تسببت في عدم زيادتها.
وفي تصريح للصحفيين اعتبر وزير الزراعة المهندس أحمد القادري أن المشاركة في جني محصول الوردة الشامية له “رمزية خاصة ويأتي إحياء لتراث عريق تميزت به قرية المراح وهي بمثابة رسالة للعالم تؤكد أن إرادة الحياة عند الشعب السوري هي الأقوى”.
وأكد القادري أن الوزارة تعمل باستمرار على تشجيع زراعة وتطوير الوردة الشامية والنباتات الطبية والعطرية التي بلغت نسبة تنفيذ زراعتها هذا الموسم 133 بالمئة أكثر من المخطط نظرا لقيمتها الاقتصادية والطلب عليها خارجيا فهي تؤمن قطعا أجنبيا ودخلا مميزا للفلاح لافتا إلى أن الوزارة قدمت جملة من الخدمات للقرية منها المساهمة في حفر بئر لتأمين ريات تكميلية للفلاحين إضافة إلى الدعم الفني آملا بتحقيق فائض من الإنتاج ليتم تصديره إلى الخارج ويكون له مردود إيجابي على المزارعين.
إلى ذلك نوه الدكتور كمال الشيخة وزير الموارد المائية بأهمية المهرجان لكونه يعطي دفعا ودعما لمزارعي القرية للتوسع بهذه الزراعة مؤكدا استعداد الوزارة لتقديم المساعدة اللازمة ودعم أي مشروع زراعي من شأنه الارتقاء بالاقتصاد الوطني وتحسين أوضاع المزارعين.
محافظ ريف دمشق المهندس حسين مخلوف أوضح أن تنظيم مهرجان الوردة الشامية من قبل سكان وجمعية المراح للوردة الشامية سنويا يأتي للتعبير عن الاهتمام الرسمي والشعبي بمحصول هذه الوردة التي يعول عليها الكثير لكون منتجها قابلا للتصنيع والتصدير قائلا إن “الوردة الشامية لاقت الاهتمام الكبير بعد الزيارة التي قامت بها السيدة أسماء الأسد للقرية عام 2007 وتأسيس الجمعية التي أتاحت إقامة الدورات التدريبية للمزارعين”.
وأشار مخلوف إلى أنه تم استصلاح مساحة كبيرة من الأراضي في منطقة القلمون خصيصا للتوسع بهذه الزراعة بلغت 5000 دونم وحاليا توجد خطة لزيادة المساحة المستصلحة.
وتخلل الحفل العديد من اللوحات الفنية التراثية قدمها أطفال القرية كما تم في نهاية الاحتفال تكريم عدد من المزارعين المتميزين في زراعة الوردة الشامية والذين يعتبرون من أوائل زارعيها.
حضر الاحتفال أمين فرع ريف دمشق لحزب البعث العربي الاشتراكي ووزيرة الشؤون الاجتماعية ورئيس الاتحاد العام للفلاحين وقائد شرطة المحافظة وأعضاء المكتب التنفيذي في المحافظة.
تجدر الإشارة إلى أن الوردة الشامية ذكرت في الإلياذة والأوديسا للمؤرخ الإغريقي هوميروس ودونت في ذاكرة الإغريق عندما ذكرتها الشاعرة الإغريقية سافو في القرن السادس قبل الميلاد وأطلقت عليها ملكة الأزهار كما ذكرها الكاتب والشاعر الانكليزي شكسبير في إحدى مسرحياته بقوله جميلة كجمال وردة دمشق.
سفيرة اسماعيل