طرطوس-سانا
حفلت الأمسية الشعرية التي أقامها المركز الثقافي العربي في صافيتا بمشاركة الشعراء هويدا مصطفى ومحمد حمدان ونادر العجي بقصائد وطنية ووجدانية غلب عليها الالتزام بالموسيقا والتمسك بالثوابت الإنسانية والوطنية.
وتنوعت قصائد الشاعرة مصطفى بين حب الوطن والانسياب الوجداني وبين الشعر العاطفي ملتزمة بالروي والقافية والوزن الخليلي كما حاولت أن تشكل بنية فنية تؤدي إلى ترابط أسس القصيدة مع التزامها بالموقف الأخلاقي والوطني كما في قصيدة أغنية الشام..
مجد الشآم سنا شمسي وأقماري .. والورد بوح دمي والشعر قيثاري
غنيت مجدك يا فيحاء فانسكبت .. مواسم العطر في شدوي وأوتاري
الله أكبر باسم الشام صادحة .. وفي رباها شموخ النصر والغار
ثم جاءت قصيدتها أعلن مراسيم عشقي بشكل حديث اعتمدت فيه على البوح والعمل على تكوين الصورة الفنية وترسيخ العاطفة عبر الألفاظ البسيطة التي استعارتها من قاموس خيالها ومن حياتنا اليومية فقالت..
للمرة الأولى .. أتوق إلى معانقة البحر ومصافحة الريح …قبلة الشمس عبير روحي .. ألملم أكمام عمري .. أفك خيوط الفجر من على قمصان الخوف
وقدم الشاعر العجي مجموعة من قصائده الذاخرة بالهم الوطني والتي ظهرت في معانيها الام المجتمع السوري التي فرضتها عليه الحرب جراء مؤامرة الطامعين والغادرين ملتزما أيضا بالنغم الموسيقي والاهتمام بالعاطفة الشعورية واختيار حرف الروي المجلجل والمناسب للقضايا الوطنية فقال في قصيدة يا عاشق المجد..يا عاشق المجد إن كان الهوى نسب .. هذي دمشق لها الأمجاد تنتسبيا عاشق المجد في بستانها ثمر .. يهفو إليك كما الزيتون والعنب.
ويبشر الشاعر العجي بفجر جميل وبصباح قادم مهما طالت أيام القسوة ومهما حاول الجاحدون أن يمزقوا شخصية الوطن معتبرا أن المجتمع من واجبه أن يساهم بإشراقة الفجر وطلوع شمس الصباح فقال ..حفاف الليل تأتي بالصباح .. أطال مخاضه أو قد تعسر أما الشاعر محمد ابراهيم حمدان رئيس فرع اتحاد الكتاب العرب بطرطوس فبدأ قصيدته البائية في رويها باسلوب أصيل تكون من الغزل والضوء والموسيقا الشفافة متبعا بأسلوبه كبار الشعراء ليصل إلى المتلقي ثم يدعو إلى السماح والمحبة والغفران وعدم الكره والبغضاء لأن هذه الصفات من صفات الإنسان الكريم الذي يتمتع بالشهامة والأصالة والمروءة كقوله في قصيدة لأني ..
لأني عاشق أشعلت قلبي .. شموعا للهوى في كل درب
لأني لم أكن يوما شقيا .. غفرت لقاتلي أوزار صلبي
عشقت هواك من أزل التلاقي .. ومنك إليك قد اسلمت قلبي.
تميزت الأمسية الشعرية بالالتزام وأصالة الانتماء وظهور مواهب شعرية أخاذة بعضها وصل إلى مرحلة التألق كما هو في شعر حمدان وبعضها أبدى نجاحا لافتا كما هو شعر هويدا مصطفى ونادر العجي كما تنوعت القصائد بين بحري البسيط والوافر وهما البحران اللذان يتلاءمان مع مواضيع الحماس والغزل والوطن ما يدل على صدق الموهبة ورشاقتها في الاستجابة لعواطف الشعراء إضافة إلى نجاحهم في اختيار حروف الروي التي تعمل على إنجاح الإلقاء الخطابي للنص الشعري وهذا تجلى أكثر في شعر حمدان ومصطفى.
محمد خالد الخضر