الفصل الأهم في الصراع التاريخي- البعث

يؤكد تزامن العدوان السعودي على اليمن مع الهجمات الإرهابية التكفيرية على مدينة جسر الشغور، وقبلها إدلب، في سورية، وتراجع وتائر النجاح العراقي في مواجهة  “ داعش”، أن المحور الأمريكي الصهيوني الرجعي يحاول استعادة زمام المبادرة، وتوجيه ضربات قاسية لمحور المقاومة، تنال من معنوياته، وتضعف مواقعه في عمليات التفاوض السياسي القادمة، مع اقتراب موعد التوقيع على الاتفاق النووي مع إيران نهاية حزيران القادم.

ففي اليمن يستمر العدوان، بالرغم من فشل أهدافه السياسية، ويركز، أكثر فأكثر، على استهداف المدنيين، وتدمير البنى التحتية، عقاباً للشعب اليمني على صموده الوطني، وأملاً في تحطيم معنوياته، وكسر إرادته.

وفي سورية يستفيد الإرهابيون التكفيريون، أدوات مشروع إسقاط دولتها الوطنية المقاوِمة، من التدخل الأردوغاني المباشر (إدارة العمليات، تأمين المعلومات، التزويد بالسلاح، الإسناد الناري…) في القيام بهجماتهم الأخيرة، وارتكاب المجازر المروعة بحق المدنيين.

وفي العراق تعمل الولايات المتحدة على كبح التقدم الذي أحرزه العراقيون، جيشاً وقوات أمنية وحشداً شعبياً وأبناء عشائر، في مواجهة “داعش”، وإعادة البلاد الى مربع “المراوحة في المكان”، من خلال محاولة تصفية دور الحشد الشعبي الذي كان أساسياً في تحقيق ذلك التقدم.

لكن المحور المعادي لم ينجح، حتى الآن، في إحداث تغييرات ميدانية نوعية تحسم المعارك لصالحه، كما تزعم أبواقه الإعلامية، في سياق حربها النفسية القذرة. على العكس، تشير التطورات الميدانية والسياسية الى أن الأمور لا تسير في مصلحة ذلك المحور ، فقد بدأ صبر القوى الوطنية اليمنية التي امتنعت، حتى الآن، عن الرد على السعودية، بالنفاد، وبات استمرار العدوان، على هذا النحو الممعن في تقتيل المدنيين، يثير الحفيظة الدولية والاقليمية، مما سيضطر المملكة الوهابية الى وقف عدوانها فعلياً ، ودفع ثمن فشلها السياسي، فضلاً عن فشلها العسكري، وإلا جاءها الرد الرادع والكفيل بكسر شوكة غرورها وغطرستها.

ويستعد الجيش العربي السوري، بعد أن تمكن من إيقاف الهجمات الإرهابية، للهجوم المعاكس، واستعادة جسر الشغور وإدلب، علماً أنه أثبت، خلال حربه الطويلة والقاسية ضد الإرهاب التكفيري، قدرته العالية، على استعادة المناطق التي يتمكن الإرهابيون من دخولها، وأن الاختراقات الإرهابية التي تحدث هنا وهناك، لا تغير كثيراً، بالرغم من وحشية المجازر التي ترافقها، من الصورة العامة للوضع الميداني، ولا تستطيع النيل من المعنويات الوطنية العالية لدى الشعب والجيش.

وبرز مؤخراً في العراق ، طلب عشائر الأنبار دخول الحشد الشعبي لتحرير المحافظة، ومساندة القوات الأمنية وأبناء العشائر، في تأكيد قوي على فشل الولايات المتحدة في دق إسفينها الطائفي، وزعزعة الوطنية العراقية، وتقويض وحدة المجتمع العراقي، ليعجز العراق عن محاربة “داعش” بقواه الذاتية، ويبقى عرضة للتدخل والإبتزاز الأمريكي. وأعقب ذلك الطلب، رفض حكومي وشعبي عارم، أمس، لمشروع قانون في الكونغرس الأمريكي يمهد لتقسيم العراق…

صحيح أن شعبنا العربي في سورية واليمن والعراق يدفع أثماناً باهضة جراء تصديه البطولي للعدوان الرجعي الإرهابي غير المسبوق. لكن هذه الأثمان ترخص في سبيل غد جديد وكريم للعروبة، ذلك أن ما يجري اليوم هو أحد أهم الفصول الحاسمة في الصراع الوجودي التاريخي بين المشروعين الإمبريالي الصهيوني والقومي العربي.

محمد كنايسي

انظر ايضاً

فرع اتحاد كتاب طرطوس يستضيف الشاعر محمد كنايسي

طرطوس-سانا استضاف فرع اتحاد الكتاب العرب في طرطوس اليوم الشاعر والإعلامي التونسي محمد كنايسي الذي …