اللاذقية -سانا
احتفى الفنان والشاعر باسم غدير غدير في معرضه التصويري الاول لون من بلدي بالمشاهدين من خلال تقديمه خمسين صورة تؤسس للأمل والتفاؤل وبأن الآتي أجمل وهي إشارة إلى الرغبة بصنع أيقونة للتجدد وإعادة تشكيل الحياة .
فجميع الصور التي اختارها الفنان كان لها هدف أساسي وقوي هو إعادة تحريض الأمل الساكن في دواخلنا لدى مشاهدتنا المساحات الواسعة من اللون الذي يبث الحياة للولادة رغم كل أدوات الحرب ومفاعيلها.
ويعتبر المعرض الذي أقيم في كلية الاقتصاد بجامعة تشرين بمثابة محرك بحث عن لون في مساحات قاحلة بعد ان تلوثت اعيننا بالكثير من الخراب والدمار الذي خلفته الحرب الكونية على سورية وأمسينا بحاجة الى غسل عيوننا بمساحات اخرى من اللون يمكن ان تبعث على التفاوءل والامل بالمستقبل.
وينظر الفنان الى اللقطة بعين الشاعر التي تسكنه ولا يأبه لتقنيات التصوير بمقدار اهتمامه باللحظة التي يعيشها مع اقتناصه للون كما يقول وهو في هذا المعرض يعير المشاهدين عيناه لبعض الوقت للاستمتاع بحكايا الجمال والحنين والالتصاق بالوطن ملتقطا صوره من اماكن كثيرة في سورية حسب ما أوضح الفنان غدير وليس المعرض معرض امكنة لذلك جاءت الصور بروح اللون بغض النظر عن المكان الملتقطة فيه.
وبدأ المعرض بأول مجموعة عن افق من الاخضر والجبال ومساحات من الماء البعيدة والمجموعة الثانية كانت عبارة عن الماء في تجليات عدة ملتقطة من بحيرات مختلفة مثل بحيرة سد 16 تشرين والنهر الكبير الشمالي في محافظة اللاذقية ومجموعة اخرى بعنوان بريات وهي عبارة عن أزهار برية متناهية الصغر تتواجد على اطراف الطرقات ويمر بها الناس دون اكتراث لكنها توحي بالكثير من الامل والتجدد اضافة الى مجموعة اخرى تحت عنوان لوزيات وهي أزهار ربيعية توحي بالكثير من الخصوبة ومجموعة اخرى بعنوان آثار وجاءت من بعض المواقع الاثرية كحصن سليمان في طرطوس وشخصية رجل مسن وجذع شجرة مقطوعة ومجموعة اخرى صورت تجليات اللون عند الغروب وما يجمعها مع النار.
والتصوير هواية قديمة عند الفنان غدير وربما تمتد لأكثر من عشرين عاما لكن الاحتراف لم يكن ابدا هدفه لانه كان يفضل دائما ان تكون مجرد هواية يبحث فيها عن لقطات يتوقف فيها للحظة ويراقب تفاصيل في العالم.
ومن الطبيعي أن الفنان تأثر ببيئته الريفية حيث تختزن عيناه الكثير من طاقة اللون الطبيعية ومن هنا عندما يلتقط الصورة فإنه لا يحاول اللعب ابدا على عفويتها الأولى فلا يستخدم أي تقنيات أخرى مثل الفوتوشوب ولا أي برامج أخرى في تعديل أي تفصيل صغير في الصورة.
ويقول في هذا الإطار لا أريد لمن يشاهد الصور التي التقطها ان يشاهد صورة غير موجودة في الواقع بل على العكس أريده أن يرى صورة في لحظة ما يمر بها عابرا ويتوقف عندها للحظة من الزمن فالصورة التي اصورها موجودة في الحقيقة وفي كل مكوناتها في الواقع وما أقدمه فقط انني أعير المشاهدين لها عيني لبعض الوقت فالكاميرا التي يستخدمها في التقاط صوره هي كاميرا رقمية عادية.
كما صور الفنان شقائق النعمان التي لها رمزية تعبر عن الشهادة وقد كثرت كثيرا في بلادنا لتترك أثرا أرضيا لأرواح الشهداء المحلقة في السماء لكنه اختار ان تكون مثقلة بالندى لترمز الى ما يمكن أن يقدمه الشهداء من أمل بالحياة.
أما صورة ثمر البلوط الدوام كما يراها الفنان غدير فهي جزء من التراث الطفولي للريف السوري حيث كنا في طفولتنا نحتفي بجمع ثمار البلوط في شتاءاتنا القاسية ونبحث عن حلوها بين الكثير من حباته المرة فهي حالة رمزية للبحث عن الأشياء الطيبة بعد جرعات المر التي يمكن ان نتناولها وربما لثمار البلوط رمزية اخرى تدل على عراقة هذه الشجرة التي تستوطن بلادنا ومنها مايعود في العمر إلى أكثر من ألفي عام.
يذكر أن الفنان غدير من مواليد عام 1976 اللاذقية دكتور في كلية الاقتصاد بجامعة تشرين اختصاص تجارة الكترونية شاعر يكتب الانماط المختلفة من الشعر سواء الشعر العمودي او التفعيلة او قصيدة النثر وقد ظهرت هذه التوليفة في دواوينه المنشورة والتي يبلغ عددها خمسة دواوين ومنها جلنار.. عندما يضحك الربيع وتجليات في موسم العشق عام وعيناك ..ماذا يخبر الوقت وكتاب لعينيك كل هذا وعندما تنحني الوردة وهناك ديوانان قيد النشر هما الحنين وذاكرة المطر نال العديد من الجوائز.