حماة-سانا
مع انتهاء موسم حصاد القمح تنشغل معظم الأسر في مختلف المناطق السورية خلال شهري آب وأيلول من كل عام بتصنيع البرغل وتحضيره كمؤونة لفصل الشتاء.
ففي قرية نهر البارد بمنطقة سلحب بريف حماة لا يزال هذا التقليد المتوارث مستمراً كما في معظم المناطق السورية، حيث تحرص الأسر على المشاركة في تصنيع البرغل أو ما يعرف “بالسليقة”.
وعن طريقة تحضير القمح وتحويله إلى البرغل بين أيهم حيدر أحد أبناء القرية أن طريقة تصنيع برغل المؤونة لا تزال محافظة على طابعها التقليدي الشعبي في مناطق وقرى سلحب والغاب رغم مرور مئات السنين عليها، حيث يحرص قسم لا بأس به من الأسر على القيام بسلق القمح وتجفيفه تحت أشعة الشمس بضعة أيام قبل جرشه، وتصنيع البرغل تقليد متوارث عن أسلافهم لتموينه كغذاء رئيسي خلال فصل الشتاء أو تقديمه في الولائم والمناسبات الاجتماعية الكبيرة.
ولفت حيدر إلى أنه مع انتهاء موسم حصاد القمح تقدر كل عائلة حاجتها من هذه المادة لمؤونة البرغل، فيما تبدأ مراحل التحضير بشراء القمح ومن ثم تشرع النساء إلى غربلته لفصله عن حبات التراب والحصى والقش والشوائب الأخرى المرافقة لعملية الحصاد، وبعدها تتم عملية “تصويل” القمح أي نقعه في الماء وتنظيفه من الغبار كمرحلة أولى من تحضير البرغل.
بدورها أشارت أم محمود من أهالي القرية إلى أن المرحلة الثانية من تصنيع البرغل تقتضي تجهيز موقد الحطب وإشعال النار لوضع الحلة، وهي عبارة عن وعاء معدني كبير يوضع القمح في داخلها على دفعات ويسكب فَوقه الماء لحد الانغمار لإتمام عملية السلق، موضحة أن مدة سلق القمح تتراوح بين 3 و4 ساعات، وذلك تبعاً لنوع القمح وقساوته.
وبعد تفتح حبات القمح وانتفاخها تتابع أم محمود: “يتم إضعاف قوة النار مع ترك القمح يغلي رويدا فوق نار هادئة، وتغطى السليقة لبعض الوقت لاستكمال مرحلة النضج وبعدها تفرغ السليقة من الحلة، وتنشر على سطح المنزل لثلاثة أيام متتالية مع مراعاة تقليبها وتعريضها لأشعة الشمس لتجف حبات القمح بشكل تام”.
ووفقاً لما أشارت إليه أم محمود فإن المرحلة الثالثة من إعداد البرغل تبدأ بجمع السليقة عقب جفافها، ومن ثم إعادة غربلة القمح المسلوق مجدداً بغية ضمان نقائه وخلوه من أي شوائب قد تنجم عن عملية السلق والتجفيف لتتم تعبئته بأكياس وإرساله إلى المطحنة.
وعن طقوس إعداد وتحضير “السليقة” أوضحت أم الحارث أن هذه الطقوس والعادات لا تنحصر على مشاركة الجيران والأقارب فحسب، وإنما تشكل عيدا للأطفال الذين يتجمعون حول الحلة وبحوزتهم صحون صغيرة بانتظار الحصول على حصتهم من السليقة المخلوطة بقليل من الملح وزيت الزيتون أو المحلاة بالسكر والسمن العربي، ليتلذذ الأطفال أكثر بنكهتها.
ولفتت أم الحارث إلى أنه ورغم انحسار عملية سلق القمح في السنوات الأخيرة إلا أن هذا الطقس يلقى شعبية كبيرة لدى الأهل من شباب وأطفال وغيرهم، لذلك تجدهم مستمتعين بهذا الطقس الذي لا يتكرر إلا مرة واحدة في العام.
وأشارت أم الحارث إلى أن عملية السلق تترافق مع سلق عرانيس الذرة وتحضير “السيالات”، وهي صنف من الحلوى التقليدية حيث تستفيد الأسر من اشتعال الموقد لإعدادها، ويتم تحضير الطحين والسميد والحليب وخلط العجينة جيداً ومدها على سطح الصاج بمساحة رغيف الخبز، ثم دهنها بالسمن العربي والزيت ورشها بالسكر وتناولها بشكل ممتع مع جمعة الأهل.
إيفانا ديوب
متابعة أخبار سانا على تلغرام https://t.me/SyrianArabNewsAgency