الشريط الإخباري

التراث المادي وقضايا الهوية والانتماء في ندوة أيام التراث السوري

دمشق-سانا

تواصلت في المركز الثقافي العربي بأبو رمانة فعاليات أيام التراث السوري بمجموعة من المحاضرات التي تمحورت حول أهمية الحفاظ على التراث بشقيه المادي واللامادي بمشاركة باحثين متخصصين في هذا المجال.

وتحت عنوان التراث الثقافي اللامادي ودوره في بناء الهوية والانتماء قدم الدكتور هاني شحادة الخوري محاضرة أشار فيها إلى أن عدم وجود هوية اجتماعية وثقافية يجعل الأفراد يغتربون عن بيئاتهم وحتى عن أنفسهم وبدون تحديد واضح للاخر لا يمكن تحديد هوياتهم الاجتماعية والثقافية.

2

وبين أن أهم مكونات الهوية الثقافية المميزة لمجتمع ما هي اللغة والدين والتاريخ والعادات والتقاليد والتربية وطرق التفكير السائدة والطعام لافتا إلى أن هذه العوامل تعتبر جزءا من التراث اللامادي المؤثر في بنية وانتماء الشعوب.

وخلص الباحث إلى أن التراث يتجدد اليوم في عاداتنا وافكارنا وأثارنا والهوية تكتنز في العواطف والثقافة والتربية وبناء الهوية الوطنية الحضارية بوعي جديد يتطلب لغة تفاعل حضاري تحفظ الجوهري في تاريخنا وثقافتنا وتعمل على قراءته بطريقة تاريخية نقدية وتحليلية.

وأكد على أن مسؤولية الهوية اليوم مسؤولية مجتمعية ثقافية نخبوية معقدة تتطلب انفتاحا وثقافة وتفاعلا إيجابيا للتغيير لبلورة الهوية في إطار متغيرات العالم وتطور تكنولوجيتها مؤكدا أنه لا يمكن البناء على تشوهات الهوية ورواسب التراث السلبية فالانتماء أعمق من ذلك ويبنى بالتفاعل الحضاري النوعي.

ورأى أن تصنيع الهوية الحديثة هو حصيلة تفاعل الثقافة والتراث اللامادي الروحي والتربوي والثقافي مع رؤية التفاعل الحضاري التقني والحداثي والتحليلي وهو هوية متجددة نوعية ترتبط بالمشروع الوطني والقومي ونضجه وأخلاقياته.

3

وقدم الدكتور محمد سعيد الحلبيمحاضرة بعنوان المجتمع الأهلي ومؤسساته ومنهجية الحفاظ على التراث الثقافي تناول من خلالها التعريف بالمجتمع الأهلي التطوعي بشكل عام والأدوار والمهام التي يقوم بها في مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية في سورية والتعريف بمفهوم التراث الثقافي العالمي والإنساني إضافة إلى التعريف بجمعية أصدقاء دمشق والأدوار والمهام التي تقوم بها في إطار التراث الثقافي لمدينة دمشق القديمة.

ولفت إلى الدور الكبير التي لعبته جمعية أصدقاء دمشق في وضع دمشق القديمة ضمن لائحة التراث العالمي لمنظمة اليونيسكو والتي أكدت خلال نشاطاتها وأعمالها ودراساتها بأن التراث الثقافي لمدينة دمشق يبرز ويعطي المعاني الحقيقية لحياة المجتمع الدمشقي الذي كان يعيش في الماضي ويبين الهوية التي يعرف بها المجتمع الدمشقي وخصائصها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية.

وتحدث الحلبي عن جهود الجمعية في تحقيق الكثير في مجال تعزيز وحماية التراث الثقافي من خلال تنظيم الندوات والمؤتمرات وورشات العمل حول مختلف موضوعات التراث الثقافي والمشاركة والمساهمة الفعالة في الندوات والمؤتمرات وورشات العمل التي تنظمها الهيئات الحكومية الرسمية أو منظمات المجتمع المدني على المستوى الوطني والإقليمي والدولي.

كما عملت الجمعية وفق الحلبي على إعداد الدراسات والأبحاث عن مختلف الشؤون ذات العلاقة بالتراث الثقافي لمدينة دمشق القديمة وتقديمها للجهات الرسمية للدراسة وإجراء اللازم بخصوصها باعتبار الجمعية جهة مقترحة وليس لها صفة الإلزام للجهات الحكومية الرسمية.

وتحت عنوان “التراث الثقافي غير المادي ومنهجية البحث في التنمية غير المستدامة” قدم الدكتور عمار النهار محاضرة بين فيها أن جزءاً كبيراً من تراث سورية اللامادي والمعروف بالتراث الحي ما زال خارج دائرة التوثيق نظراً لقصور هذه الجهود وعدم الدفع بها على نحو متسارع الأمر الذي ينذر بتهديد حقيقي لهذه الذاكرة الحضارية الخصبة حيث ان معظم هذه الموروثات ما زالت في طورها الشفاهي الآيل للزوال والاندثار بفعل عوامل وأسباب عدة من بينها تغير نماذج التعبير الخاصة بالكثير من الممارسات والطقوس التقليدية.

وبين أن الجهود الفردية في توثيق التراث لا يمكن أن تكون كافية أو مجدية إلى حد كبير وإن كان الكثير من الباحثين قد بذلوا جهداً لا يستهان به في توثيق العديد من الجوانب التراثية المهمة إلا أن العبء الأكبر يقع على عاتق المؤسسات الثقافية التي يجب أن يعول عليها نظراً لقدرتها على وضع أسس منهجية وتوظيف الكوادر الكافية للقيام بهذا العمل الشاق.

وأكد أن تشكيل فرق ميدانية لجمع هذا التراث هو أمر ملح للغاية لا يمكن أن يستوي دونه أي جهد حقيقي لجمع التراث المتناثر في كل بقعة من وطننا الغالي وعلينا الإسراع في جمعه بطريقة منهجية منظمة وإلا ضاع وضاعت معه كل المقدرات التراثية النفيسة وإن هذه الجهود تتطلب الجدية في العمل حيث أن سباقاً حقيقياً يجري الآن مع الزمن ولا سيما في جانب التراث اللامادي كون غالبية حاملي هذا التراث الشفاهي قد قضوا نحبهم والقلة المتبقية جلهم من المعمرين.

وبدأت الجلسة الثانية بمحاضرة للدكتور غياث كلسلي حول الترميم الاثري ودوره في الحفاظ على التراث الثقافي المادي وغير المادي بين فيها أن التراث الثقافي هو ميراث الإنسان من المقتنيات المادية وغير المادية والتي تخص مجموعة موروثة وأجيال سابقة.

وأكد ضرورة أن يقوم المعنيون بحصر هذه المفردات اللامادية والعمل على توثيقها وإجراء التدابير اللازمة لاستدامتها وتطوير نقلها للأجيال القادمة.

وانتقل إلى الحديث عن الترميم وأهميته في حفظ الآثار مبينا أن الترميم يشكل إصلاح وعلاج ما تلف من الأشياء المادية التي لها قيمة جمالية وأثرية وتراثية.

ولفت إلى أن مراحل الترميم في مديرية الترميم التابعة للمديرية العامة للآثار والمتاحف تشمل التوثيق الكتابي والفوتوغرافي والرقمي والتحليل والدراسة إضافة إلى مرحلة التنظيف والتثبيت والإكمال ووضع المقترحات والتوصيات لما بعد الترميم.

4

وعرض مجموعة من أعمال الترميم التي قامت بها المديرية والتي تشمل إعادة ترميم تمثال أورنينا وترميم قاعة المكتبات في بيت التراث الدمشقي شارحا مراحل الترميم والدور الذي لعبته في الحفاظ على هذه الآثار واكد ضرورة حفظ التراث بكافة السبل وضرورة إيصاله إلى الأجيال القادمة.

فيما بين الدكتور محمد فياض في محاضرة بعنوان نشأة علم الحفاظ على التراث الثقافي أنه لا يمكن فصل التراث المادي وغير المادي عن بعضه البعض مشيرا إلى أن تحديد تاريخ معين لنشاة علم التراث هو موضوع شائك.

وعرض فياض تجارب بعض الدول في مجال حماية التراث مثل التجربة الألمانية من خلال جمعية الفلكلور التي اصدرت قواميس الفلكلور الألماني والحكايات الشعبية الألمانية وأرشيف الحكايات الشعبية الألمانية.

واختتمت الفعالية بمحاضرة للدكتور سهيل الملاذي تحدث فيها عن أهمية التراث اللامادي مبينا أن مظاهر هذا التراث تشمل القيم والأفكار والعادات والتقاليد والحكايات الشعبية والادب الشعبي والحرف والقيم التراثية بينما يشتمل التراث المادي على الآثار والتحف والمخطوطات.

وبين أن حماية التراث بمختلف اشكاله تشكل قضية استراتيجية بالنسبة لسورية مشيرا إلى أن سورية تميزت بتراثها العريق ودورها معروف في إنتاج الحضارة الإنسانية.

ولفت إلى الاتفاقية الوطنية المتعلقة بصون التراث الثقافي اللامادي التي صدقت عليها سورية عام 2004 مشيرا إلى أن هذه الاتفاقية حددت آلية صون التراث اللامادي وصيغة التعاون الدولي في مجال تبادل المعلومات والخبرات في هذا المجال.

واعتبر أن التراث والحداثة لا يتعارضان مع بعضهما البعض فالحداثة تشمل الارتقاء بأسلوب التعامل مع التراث وبناء حداثة خاصة بنا لا تتعدى على تراثنا.

انظر ايضاً

انطلاق فعاليات مهرجان حوران الأول للتراث الشعبي في درعا

درعا-سانا انطلقت فعاليات مهرجان حوران الأول للتراث الشعبي في صالة المركز الثقافي بمدينة درعا اليوم …