الشريط الإخباري

ميدان العدو لا يزال هادئاً؟- بقلم أحمد ضوا

تطحن رحى المعركة على مستقبل المنطقة البشر والشجر والحجر، والجميع يدفعون ثمنا باهظا قد يختلف شكله ونوعه من منطقة لأخرى، وأيضا تتفاوت أهدافه من بلد لآخر، ولكن الجميع من أبناء المنطقة خاسرون في نهاية المطاف بدرجة أو بأخرى.

مصير هذه الحرب تحدده سورية، وهذا ليس بمفاجئ على الإطلاق، فتاريخيا كانت سورية العامل الجيوسياسي الاقتصادي الأول في مسار رسم مستقبل هذه البقعة من العالم، واليوم تعزز دور وموقع هذا العامل ليكون الحاسم في تحديد مصير حرب من نوع آخر.‏

المعركة حتى الآن حامية الوطيس، والمشاركون فيها يحسبون ويراجعون الوقائع بدقة متناهية، والغلبة لم تحسم لصالح فريق معين، إلا أن بعض المؤشرات على الارض بدأت تفرض واقعا جديدا.‏

قبل عامين من الآن كانت الصورة مشوشة أمام شعوب المنطقة، ولكن اليوم كل شيء أصبح واضحا، وظهر الدور الحاسم لأصحاب الأرض في حسم المعركة.‏

العدو وأدواته وخزائنه لم يعد خافيا على أحد، وانكشف مع العدوان السعودي على اليمن دور أسرة آل سعود في إبقاء هذه المنطقة تحت السيطرة الأميركية الصهيونية، وانكشف الخطر الذي تشكله هذه الأسرة على أمن واستقرار المنطقة مقابل الحفاظ على وجودها الذي بات مهددا أكثر من أي وقت مضى، وهناك من يعتقد أنها باتت تعد أيامها الأخيرة، ومن هنا يجب الأخذ بعين الاعتبار خطر الشرور التي من الممكن أن تصدر عنها قبل هلاكها.‏

آخر المعلومات التي نشرتها إحدى الصحف الأميركية أشارت إلى صرف السعودية نحو 70 مليار دولار لخدمة الحرب الإرهابية على سورية وأن معظمها او الجزء الأكبر منها صبّ في الخزائن التركية والصهيونية وهما الأشد عداوة وكرها وحقدا وطمعا بالعرب وثرواتهم الجيوسياسية والطبيعية.‏

والسؤال هنا وبعد عدوان أسرة آل سعود على اليمن وانفضاح الدوافع السعودية والغربية لهذه الحرب هو: أين هو موقع الطرف المواجه للعدوان الأميركي الغربي الخليجي على المنطقة، وهل هم يتصرفون على الأرض وفي المواقع السياسية بما يؤدي في نهاية المطاف إلى النصر ونقل المعركة إلى ميادين العدو؟‏

لا شك أن العدو بأطرافه المتعددة يملك أدوات مختلفة وعالية التأثير اقتصاديا وعسكريا، ولديه الإمكانات المالية الباهظة، ولكن الطرف الآخر لديه العنصر الأهم وهو الأرض والفكر، وحتى الآن لم يستخدم هذين العاملين على أحسن وجه في هذه المعركة الكونية.‏

إنّ اشتداد رحى الحرب في هذه الأيام يستوجب استخدام عناصر القوة من الطرف الذي يواجه أبشع عدوان تعرفه المنطقة وعدم تفضيل عنصر على آخر إلى أن يرى الطرف الآخر أن كل محاولاته وصلت إلى الطريق المسدود.‏

وبشكل أكثر تفصيلاً يجب على الدول التي تعلن صراحة تمسكها بالقانون الدولي وعلى سبيل الحصر إيران وروسيا والصين ومن يقف معها أن تكشف أكثر عن وجهها الرافض للموقف الأميركي وأدواته وألا تبقي المعركة تدور على أراضيها، إلا أن موقف هذه الدول من العدوان السعودي على اليمن لا يعكس ذلك بل يساعد في نجاح المشروع الأميركي.‏

إن الحرب الدائرة الآن في سورية والعراق واليمن وما يحدث في المغرب العربي لها أهدافها الاستراتيجية والتي تتخطى حدود المنطقة بآلاف الكيلومترات، ومن واجب القوى والدول المستهدفة أميركيا ألا تطمئن للتصريحات الأميركية وأن تزج في هذه الحرب أدوات العدو نفسها سعيا لإفشاله ومنع إطالة أمد الحرب.‏

يلوح في الأفق الكثير من المؤشرات على وصول إدارة أوباما إلى قناعة باستحالة تحقيق أدوات أميركا وجيوشها الإرهابية أهداف الحرب الجيوسياسية في المنطقة، ولكن الاستكانة لهذه المؤشرات لها محاذير خطيرة وخاصة أن الطرف الآخر لم يستسلم بعد وأن ميدانه لا يزال هادئاً!!!.‏

صحيفة الثورة

مقالات سابقة بقلم أحمد ضوا :

مقصلـــة الإرهاب الأميركي

انفجار البركان الإرهابي

الغباء السعودي والحديقة الخلفية