أواخر الشهر قبل الماضي، كانت الأردن, وهي حاضنة الإرهاب التكفيري، ومجسّ الاستعمار القادم للمنطقة، على موعدٍ في مجلس الأمن لتعطيل مشروع مقدّم حول ليبيا… فقط لأنه لا يتضمن التدخل الخارجي، على الرغم من ويلات ليبيا ومعاناة شعبها، وذلك فيما سارعت الأردن إلى تبنّي وتقديم مشروع مدعوم خليجياً بشأن اليمن، تمخض عنه في مجلس الأمن القرار ذو الرقم 2216، والقاضي بالموافقة على التدخل عسكرياً في اليمن ووضعها تحت البند السابع… هذا البند الذي يحقق في مضمونه ما كانت ترمي إليه السعودية من غايات وأهداف من عدوانها الذي تجاوز أسبوعه الرابع على الشعب اليمني.
والسؤال هنا: ماذا يعني ما جرى في مجلس الأمن من تبنّي وضع اليمن تحت النار التحالفية السعودية من خلال المشروع الأردني ـ الخليجي؟ قد تكون الإجابة عن ذلك أنه لا يعني شيئاً يذكر مقارنةً بما يجري حالياً على الأراضي اليمنية من عدوان دموي يقوم به آل سعود على هذا الشعب والبلد الحضاري الموغل في التاريخ العربي أصالةً وعراقةً، وعلى بنيته التحتية لكسر مقاومته وسيادته التي يدافع عنها في وجه المشروع الإطار الأمريكي ـ الإسرائيلي ـ السعودي، ضمن الاتفاقات التي أبرمت مع من يدّعون شرعية هادي منتهية الصلاحية في حكم اليمن، والذي أسلس مَن خلالها القياد لأمريكا، بتلك الاتفاقات التي أقل ما يقال فيها إنها تنزع السيادة عن أرض اليمن، فيما لو تمت كما خطّط لها آل سعود، عندما سلّموا مفاتيح البر والجو والبحر للقواعد العسكرية الأمريكية، بغية امتلاك أهم منافذ الملاحة في العالم، وما يجر ذلك من تحقيق مصالح اقتصادية كامنة وراء هذا الاحتواء الاستعماري، وتكبيل اليمن السعيد بالاتفاقات المبطنة، تمهيداً للخضوع الكامل فيما بعد، أي بعد انتهاء المشروع التقسيمي المعدّ للمنطقة العربية.
والفكرة المذكورة في الموضوع هنا أن السياسة ـ كما هو معروف ـ ليس لها ميزان، لأن حلفاء الأمس، هم أعداء اليوم، والعدوان على اليمن اليوم فقط لأنه خرج وشق عصا الطاعة والوصاية السعودية العاملة بإمرة الولايات المتحدة و«إسرائيل» عليه، ولعل سيناريو تدريب ما سمّي المعارضة المعتدلة المتنقل، وصل هذه الأيام إلى مناطق متعددة جعلوها أكثر سخونةً في العالم، من خلال إرسال الدول الغربية مدربين عسكريين إلى أوكرانيا لزعزعة الوضع فيها.. بعد أن طال نار هذا السيناريو الخبيث سورية والعراق من خلال تدريب وتسليح وتمويل وتمرير العصابات الإرهابية التكفيرية إليهما، ما يعني أن الإيديولوجيا الوهابية صارت أساس كل إرهاب في العالم ومع ذلك مازال متعامياً عما يحدث في كل بقاع العالم الملتهبة التي اكتوت بنار هذه الإيديولوجيا التي باتت تغزو عمق جيوب جغرافيته.
وليس من المستغرب، أن يكون للأردن التابعة البريطانية والأمريكية، هذا الدور المأجور في عمالة المشاريع التي يتوالى تقديمها إلى مجلس الأمن، وليس أدل على ما سبق من بعض المشروعات التي تبنتها الأردن أيضاً بشأن سورية في مجلس الأمن، وخرجت منها خالية الوفاض..
فما الدور الخبيث المتآمر الذي تلعبه الأردن حالياً؟ وكيف باتت تتصدّر واجهة الإرهاب المصنّع في معامل آل سعود، وحلفائهم الإسرائيليين والأمريكيين؟
وماذا يعني أن تقدم المملكة الهاشمية نفسها نيابةً عن أسيادها في أخطر أدوار المرحلة في الحرب على سورية، والمنطقة.. وتالياً، ما الثمن الذي تمنّي النفس بأن تقبضه أجراً لها على دورها القذر، الذي أجّجت من خلاله، كل هذا الإرهاب، وكل هذه الدماء؟
الغريب، أن آل سعود يقدمون أنفسهم حماةً للحرمين الشريفين، وآل الملك عبد الله، يقولون إنهم من سلالة الأسرة الهاشمية، في الوقت الذي يقوم فيه الاثنان معاً بأكبر مشروع تهديمي للإسلام الحنيف الذي يدّعون أنهم حملة سلالته وحماته.. وذلك كله خدمة لمشروع التقسيم الأمريكي ـ الصهيوني الذي لن يكونوا بعيدين عنه بالتأكيد حتى لو كانوا أرباب البيت، حين يحين دورهم.
بقلم: رغداء مارديني