اللاذقية-سانا
يعتبر النقد الأدبي رافعة للأدب والإبداع، ودافعاً لتطوير الحركة الإبداعية والارتقاء بتجارب المبدعين من خلال تناول أعمالهم بالتحليل والدراسة والإشارة إلى الإضاءات في أعمالهم للاهتمام بها والسير على خطاها وإلى الهنات لتجاوزها.
والشاعر سليمان السلمان من الأقلام السورية التي أغنت المشهد الشعري وكتبت في النقد الأدبي وهو عضو جمعية الشعر باتحاد الكتاب العرب ويكتب المقالات والدراسات النقدية، ويتابع الحركة الأدبية والنقدية.
وأوضح السلمان في حوار مع مراسل سانا أن النقد رؤية جديدة لما هو متخيل وأنه حالة علمية إبداعية داخلية تحقق توازنا بين القائل والناقد، مشيراً إلى أن هذه المسألة تتطلب ثقافة عالية وحساً نقدياً إبداعياً خلاقاً.
ولفت السلمان إلى أن النقد ليس تمجيداً وتهليلاً لما يقال، وإنما هو تصحيح له وتنقية من الشوائب باتجاه الكمال، مبينا أن هناك أسماء مهمة في النقد، ولكنها لا تضج بالنور وتضيء على الإبداع وغائبة عن المشهد الأدبي والنقدي.
ورأى السلمان أن الحركة النقدية اليوم لا توازي الحركة الشعرية والذين يظهرون على المشهد النقدي يغردون في جانب، والمبدعون يغردون في آخر، وإن وجدت بعض المقالات النقدية في بعض المجلات التي أصبحت إلكترونية فهي غائبة عن كل رؤية لأن الكثيرين لا يقرؤون، وخصوصاً إذا كانت المادة إلكترونية على الأجهزة المحمولة التي تضيع الأوقات ولا تعطي الأشياء حقها، فالنقد لا نراه في ظل غياب الصحافة الورقية.
وأوضح السلمان أن النقد مقتصر على وسائل الإعلام المسموعة والمرئية ويتناول قشور النقد، ولا يدخل إلى عمقه لأنه يسعى إلى الأسماء التي برزت في الساحة النقدية وهي دخيلة على النقد في غياب وتغييب للنقاد الحقيقيين، فالنقد يجب أن يتناول كل جوانب النص، لأن القصيدة قصر مشيد بالجمال يجب أن ينظر إليه أولاً نظرة كلية، ثم ينظر إليه بشكل مفصل ويشار إلى الجوانب المضيئة والمظلمة بياناً ولغة وموسيقا وأفكاراً مجموعة ومفصلة وإلى الغاية والعبرة منه.
ويرى السلمان أن الناقد يجب أن يكون عالماً بكل الفن الإبداعي الذي ينتقده وهذا يحتاج إلى دراسة وتحليل وغوص إلى أعماق النص وتناوله بالتفكيك والتركيب والإشارة إلى الإضاءات والهفوات، مبيناً أن أهم ما عند الشاعر هي تلك الرتوش الناعمة التي لا يراها إلا ناقد عظيم، فالشاعر يجب ألا يخاف من النقد لأنه يصحح ويصقل تجربة الشاعر، ويجعله مسؤولاً أمام الناقد والجمهور.
ولفت السلمان إلى أنه ليس بالضرورة أن يخلد كل ما يقول المبدع، ولكن عملاً إبداعياً واحداً أو قصيدة أو بيتاً من الشعر يحظى بالخلود يكفي ليكون الشاعر مهماً، فالشاعر الذي يخرج من الحياة دون أن يحفظ له بيت ليس شاعراً ويكفي أن تضيف بيتاً أو نقطة أو حرفاً إلى مكتبة الشعر العربي لتكون شاعراً.
وأشار السلمان إلى أن الشاعر يجب أن يكتب بلغة يفهمها الشارع والجمهور العريض مذكراً بقوله: ” إن لم يفهم الفقير ما أقول لا شك أني شاعر مقتول ” فالناس البسطاء والجمهور العريض هم من يتلقى رسالة المبدع، ويجب أن تحمل آلامهم وآمالهم وتكون مكتوبة بلغة يفهمونها.
وأوضح السلمان أن الأدب العربي في الماضي كان أغنى إبداعياً ونقدياً وكان هناك توجهات نقدية عالية وأعلام كبار منهم الجرجاني والقرطاجني والجاحظ وكان العصر العباسي متوهجاً بالإبداع والنقد، أما اليوم فنتكئ على النظريات الغربية في النقد وهي غريبة عن أدبنا.
وأكد أهمية أن يخرج الأكاديميون بالنقد من الأكاديميات إلى المنابر والجمهور وأن يكون النقد فعالاً وصوته مسموعاً حتى يستطيع تنقية الجيد من الرديء وإفساح المجال للأقلام المبدعة والخلاقة وعدم السماح للدخلاء على الأدب بالصعود إلى المنابر الأدبية.
بلال احمد
متابعة أخبار سانا على تلغرام https://t.me/SyrianArabNewsAgency