بيروت-سانا
اعتبر الدكتور فيصل المقداد نائب وزير الخارجية والمغتربين أن “لقاء موسكو التشاوري الثاني الذي انتهى أول من أمس بث أجواء تدعو إلى الأمل والتفاؤل” مشيرا إلى أن الجديد في هذا اللقاء “أن النقاش كان أكثر تنظيما ومنهجية واتسم بالجدية ما أنتج إجماعا من كل المشاركين على نقاط لم يتم الاتفاق عليها بين الحكومة والمعارضات المشاركة منذ بدء الأزمة في سورية”.
وفي مقال له نشرته صحيفة البناء اللبنانية اليوم أكد المقداد أن جدول الأعمال الذي قدمه الميسر الروسي لهذا الاجتماع كان عاملا أساسيا في إنجاح المناقشات من خلال منطقيته وشموليته وتسلسل المواضيع المطروحة موضحا أن “ما أخر التوافق على البند الثاني المتعلق بمكافحة الإرهاب هو أن بعض الشخصيات المعارضة لم تستطع الخروج من ذاتها وكررت الخطأ الذي حصل في جنيف 2 عندما أصر وفد ما يسمى الائتلاف على القفز على جدول الأعمال للوصول إلى استنتاجات خاطئة” ولذلك يجب السير بجدول الأعمال “كما هو” وإخضاع كل المناقشات والتحليلات التي ستتم وفقا للتسلسل المنطقي الذي وردت فيه.
ودعا المقداد الجميع لإدراك حقيقة أن “الوفد الحكومي لديه التكليف والتفويض اللازم لمناقشة كل العناصر الواردة على جدول الأعمال وليس هناك أي مبرر للخروج باستنتاجات عاجلة ووهمية مبنية على عامل عدم الثقة” موضحا أن عامل بناء الثقة الأساسي الذي يطالب بترسيخه كل الشعب السوري هو توحيد جهود الحكومة والمعارضات الوطنية لمواجهة افة ومخاطر الإرهاب.
كما دعا المقداد المعارضات الوطنية السورية التي ترفض الإرهاب للعمل يدا بيد مع الحكومة السورية والجيش العربي السوري والقوات المسلحة للقضاء على هذا الخطر الداهم الذي لا يهدد سورية فحسب بل يهدد المنطقة والأمن والسلم الدوليين.
وأوضح المقداد أن على هذه المعارضات أن تأخذ بعين الاعتبار أثناء إجراء الحوارات حول حل الأزمة في سورية التطورات التي شهدتها سورية والمنطقة منذ عام 2012 إلى اليوم وخاصة أن “خطر الإرهاب ظهر بشكل لا يدع مجالا للتفسير وسوء التفكير كما أن بروز دور تنظيمي داعش وجبهة النصرة الإرهابيين والدور الإرهابي لما يسمى الجيش الحر وتنظيمات القاعدة الأخرى واعتماد مجلس الأمن لقرارات أساسية في إطار الجهد الدولي للحرب على الإرهاب ومكافحته.. كلها جوانب استجدت بعد جنيف الأول وتفرض على الجميع أخذها بالحسبان”.
وتابع المقداد “إن الكثير من الآراء والأفكار التي طرحها الممثل الخاص الأسبق للأمين العام للأمم المتحدة إلى سورية كوفي أنان وحتى الأخضر الإبراهيمي تجاوزتها الأحداث ويجب أن تخضع لمناقشات تتعلق بمدى صلاحيتها لمعالجة الوضع العام في سورية كما أن المهمة التي يقوم بها المبعوث الدولي إلى سورية ستافان دي ميستورا تطور جديد يجب تناوله بما يستحق من الأهمية والاعتبار”.
ورأى المقداد أن “انفضاح الأطراف التي تورطت في دعم الإرهاب على سورية في مخالفة منها لميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن رقم 2170- 2178- 2099 يحتم على أطراف المعارضة المشاركة في الحوار وخصوصا التي ربطتها علاقات مباشرة أو غير مباشرة بداعمي الإرهاب إجراء مراجعة للمياه التي جرت تحت الجسر لوضع النقاط على الحروف وحشد كل طاقات السوريين حكومة ومعارضة لمواجهة الإرهاب بعيدا عن الانتهازية وازدواجية المعايير التي ما زالت تلف عمل بعض المعارضات التي لم تحسم موقفها بعد”.
وأكد المقداد أن الأمر الأبرز الذي اتضح خلال عمر الأزمة في سورية هو “النهوض الجماهيري السوري والوعي الذي يمارسه الشعب السوري وخصوصا التفاف الأغلبية المطلقة من أبناء هذا الشعب حول قيادته وجيشه” مشيرا إلى أنه “إذا كان الهدف الأساسي للجهود المبذولة هو احترام إرادة الشعب السوري فإن الشعب السوري عبر عن هذه الإرادة في الانتخابات الرئاسية العام الماضي وكذلك في الخطط والإجراءات التي اتخذتها حكومة الجمهورية العربية السورية لمواجهة التحديات”.
ولفت المقداد إلى أن “الأصدقاء الروس كانوا شاهدا موثوقا ونزيها على ما تم إنجازه في لقاء موسكو رغم كل محاولات التشكيك التي مارسها الإعلام السعودي وغيره” ليتبين أن السوريين وحدهم بمساعدة أصدقائهم المخلصين هم القادرون على إعادة الأمن والاستقرار إلى ربوع وطنهم من خلال حوار سوري سوري وبقيادة سورية ومن دون أي تدخل خارجي.
وفسر المقداد الموقف الروسي المتقدم في السعي إلى حل الأزمة في سورية بالطرق السلمية بأن “الأصدقاء الروس وعوا بحكم تجاربهم مع الغرب وتحليلهم للوضع الجيوسياسي في المنطقة والعالم طبيعة المخططات المرسومة لإخضاع سورية والمنطقة وأدركوا أن الحل يكون في إطار مبادئ القانون الدولي والشرعية الدولية وانطلاقا من كل ذلك منعت روسيا استخدام الأمم المتحدة كمنصة لتبرير أي عدوان غربي على سورية ومارسوا دورهم المسؤول والإنساني في إطفاء نيران الأزمة وانطلاقا من ذلك جاءت المبادرة الروسية بعد فشل جولتي جنيف وبذلك أعاد الأصدقاء الروس الأمل في تجاوز مرحلة الفشل من جهة وإذكاء روح التفاؤل من جهة أخرى”.
وأبدى المقداد ثقته بأن المواطن السوري الذي واجه طيلة السنوات الأربع الماضية حربا لا سابق لها في تاريخه قادر على تحليل التطورات والخروج باستنتاجات تكون في أغلب الحالات أقرب إلى الدقة والموضوعية لأن هذا المواطن يعي حجم الكارثة التي تم فرضها من قبل أعدائه ويعرف كل سوري أن التدخل الخارجي المباشر في شؤون بلده استخدم أدوات داخلية أيضا في محاولته لتدمير سورية والمنطقة حفاظا على مصالح إسرائيل أولا وعلى مصالحه ومصالح أدواته ثانيا.
مقالات سابقة للدكتور فيصل المقداد:
الاتفاق الإطاري في لوزان فرصة لتراجع الغرب عن دعم إسرائيل والإرهاب