درعا-سانا
في عامه الثامن حط مشروع التوثيق البصري لآثار سورية انطلاقا من حوران رحاله في بلدة معلولا بريف دمشق العمق التاريخي للسريانية والآرامية منجزا تقويماً يضم أكثر من مئة صورة للبلدة التاريخية التي تعرضت لهجمة ارهابية ممنهجة طالت أديرتها وكنائسها القديمة فأحرقت وخربت ونهبت الكثير من المعالم والأيقونات التي لا تقدر بثمن.
وقال الباحث عيسى مهنا أحد أعضاء فريق التوثيق البصري في تصريح لمراسلة سانا بدرعا إن التقويم الذي تشرف عليه أبرشية بصرى وحوران وجبل العرب للروم الملكيين الكاثوليك انطلق من أهمية حفظ آثار سورية بشكل صور فوتوغرافية ورقمية تكون بمنزلة ذاكرة للأجيال مشيرا إلى أن الفريق انطلق من جنوب سورية في خطته للتوثيق البصري والمشروع مفتوح زمنيا إلى أن يصل حتى آخر موقع أثري فيها.
وأوضح أن فكرة التوثيق لمعلولا حاضرة منذ عام 2013 وقد نالت البلدة التاريخية من تقويم العام الماضي نصف عدد الصفحات نظرا لأهميتها مشيرا إلى أن تقويم العام الحالي خصص بالكامل لهذه البلدة التي تعرضت لهجوم إرهابي من قبل تنظيمات إرهابية همجية اعتدت على كل ما تمثله من عمق تاريخي للسريانية والآرامية.
ويضيف مهنا.. إن التقويم تم تصميمه من قبل المصمم وسام النصر الله أحد أعضاء فريق التوثيق منطلقا من محاكاة طبيعة معلولا الصخرية بينما تضمن الغلاف صورة لعبد المسيح تجرة الزجال السوري الأهم على مستوى سورية ولبنان حيث يعد الزجل طقسا من طقوس السريانية ويطل الرجل بعينين دامعتين على الخراب الذي حل بمعلولا وابتسامة مفعمة بالأمل.
وأشار عضو فريق التوثيق إلى أن الغلاف تضمن أيضا اسم معلولا مكتوبا باللغات العربية والانكليزية وبـ “الحرف التربيعي الآرامي الذي يعتبر حرفا سوريا بامتياز” مبينا أن التقويم اعتمد على عدد كبير من الصور بكاميرا المصورة ميراي خنوف لاظهار حجم الدمار والخراب المتعمد الذي لحق بالبلدة.
وأشاد مهنا بالتعاون والجهود التي بذلتها الجمعية الخيرية لشباب معلولا وعدد من المواطنين الصامدين في البلدة لإنجاز هذا التقويم حيث “قاموا بتزويد الفريق بالمعلومات وإرشاده إلى كل المواقع الأثرية التي تعرضت للنهب والسرقة والتدمير”.
الأب موفق العيد النائب الاسقفي العام لابرشية بصرى وحوران وجبل العرب أشار إلى أن المشروع يهدف لتوثيق معالم سورية الاثرية والعادات الشعبية والتراثية فيها و”قد أصبح اليوم اكثر اهمية بعد التدمير الذي طال الأماكن الاثرية والتاريخية ذات الطابع المميز من قبل التنظيمات الإرهابية المسلحة”.
وأكد الأب العيد أن الدمار لم يلحق بالرموز التاريخية والروحية لمعلولا فقط بل طال ايضا رموزا تراثية عالمية كثيرة في مدن مثل بصرى الشام وتدمر وغيرها موضحا أن مشروع التوثيق لهذا العام والذي يعرض بعضا مما تم حرقه وتخريبه ونهبه من قبل الإرهابيين التكفيريين يتضمن “توثيقا لذاكرة إنسان معلولا وحامل لغتها الآرامية”.
ويضم التقويم نحو 122 صورة فوتوغرافية لأهم المواقع التاريخية في معلولا من أديرة وكنائس أهمها دير مار تقلا وكنيسة القديس يوحنا وكنيسة القديس جاورجيوس ومقام القديس جاورجيوس وكنيسة المقام الملحقة به ومدرسة الراهبات في البلدة وكنيسة مار الياس أبو شيبان وكنيسة القديس لاونديوس ودير مار سركيس وباخوس بما فيها من أيقونات اضافة إلى صور لمنازل البلدة التي تحوي تحفا تاريخية لا تقدر بثمن وسرد لتاريخ تأسيس هذه المواقع والمراحل التي مرت عليها.
ويشمل التقويم أيضا تذكيرا بالمناسبات العالمية والمحلية من أعياد وغيرها وسردا لتراث معلولا والحكايا والقصص المتداولة فيها وشرحا عن أهم العبارات والمفردات الآرامية المتداولة في البلدة وما يقابلها بالعربية.
يشار إلى أن مشروع التوثيق البصري لآثار سورية انطلاقا من حوران بدأ عام 2006 بمبادرة فردية من قبل مجموعة من الشباب من أبناء محافظتي درعا والسويداء وبحس عفوي مسؤول حول أهمية الآثار في سورية وضرورة الحفاظ عليها وتمكن أعضاء الفريق من توثيق الاف الصور لمواقع في جنوب سورية فوتوغرافيا ورقميا وانجزوا ثمانية تقاويم باللغتين العربية والانكليزية بهدف الحفاظ على تراث وتاريخ وآثار سورية وتقديم ذاكرة حية للأجيال المتعاقبة.