تونس-سانا
رأى عبد الحميد الرياحي رئيس التحرير الأول لصحيفة الشروق التونسية أن الموقف الأمريكي الجديد بشأن إمكانية التفاوض مع القيادة السورية لإنهاء الحرب في سورية سيحرج الكثير من الحكام العرب الذين “هرولوا لإشعال نار الحرب على سورية وشعبها”.
وتساءل الرياحي في مقال افتتاحي للصحيفة اليوم “أين حمالة الحطب ومن هرولوا لإشعال الحريق الكبير الذي نزل بالشعب السوري تقتيلا وتشريدا وفي المدن السورية تدميرا وفي معالم الحضارة السورية تخريبا… وأين من عملوا على عزل سورية واستصدروا الفتاوى من أشباه العلماء لتبرير حصارها وإغراق شعبها في إرهاب أعمى بداعي “الجهاد”.. هل يكونون في طليعة الحملة العدوانية على سورية ويكونون في موءخرة الدول التي تعلن العودة إلى الجادة وبالتالي الاعتراف بأخطائها القاتلة واعادة العلاقات مع سورية”.
ورأى أن “الانقلاب” بالموقف الأمريكي تجاه سورية يندرج في صلب “البراغماتية الأمريكية ويبقى وفيا لتوجهات السياسة الأمريكية الخارجية القائلة بعدم وجود صداقات دائمة أو عداوات دائمة وإنما مصالح دائمة”.
ودعا الرياحي إلى إعادة العلاقات الدبلوماسية السورية التونسية بالكامل وقال “لقد جرنا الرئيس التونسي السابق المنصف المرزوقي وكان أحد الضالعين في المؤامرة على سورية إلى قطع العلاقات واستعداء سورية فلماذا لا نبادر بإعادة العلاقات معها …أما للغرب وفي الصدارة منه الإدارة الأمريكية فنقول لهم صح النوم”.
وكان وزير الخارجية الأمريكي جون كيرى قال في مقابلة مع شبكة سي بي اس نيوز الأمريكية أول من أمس “إن علينا أن نتفاوض في النهاية مع الرئيس بشار الأسد” مدعيا أن بلاده كانت مستعدة دائما للتفاوض في إطار “جنيف1” محاولا بذلك إنكار مواقف إدارته التي عرقلت حتى الآن التوصل إلى حل سياسي للأزمة في سورية.
وفي السياق كتب الصحفي التونسي نوري الصل في صحيفة “الشروق” اليوم تحت عنوان “يبقى الأسد أسدا”.. يبدو أن الأمور في سورية قد بدأت تصل إلى خواتيمها بعد أربع سنوات من الحرب العبثية والدموية التي استدرج إليها هذا البلد قسرا تحت راية ما يسمى “الربيع العربي” المزيف والمزعوم.
وأضاف الصل “إنه خلال هذه الأعوام الأربعة جندت الولايات المتحدة كل وسائلها العسكرية وحلفائها الغربيين والعرب وانتدبت الاف الإرهابيين من مختلف أصقاع العالم من أجل تدمير الدولة السورية قبل ان تكتشف بقدرة قادر أن هذا الإرهاب الدولي الذي صنعته.. وهذا السم الذي سقته لدمشق قد بدأ الشعب الأمريكي يتذوق مرارته.. وهو ما اضطر وزير خارجيتها كيري إلى إعلان استعداد بلاده التفاوض مع الرئيس الأسد في محاولة متأخرة لإعادة قطار السياسة الأمريكية إلى سكته الحقيقية بعد أن انقلب السحر على الساحر… وبعد أن ثبت أن سياسة الدعم والتسليح للتنظيمات الإرهابية قد فشلت وخاصة بعد أن أثبتت سورية أنها عصية على الاستسلام وأنها تملك من المفاتيح ما يجعلها قادرة على ضبط ايقاع المنطقة وإعادة ترتيب أوراقها من جديد”.
بدوره دعا أستاذ علم الاجتماع الدكتور منصف وناس في حوار أجرته صحيفة الشروق الحكومة التونسية الى إعادة الأمور إلى نصابها وإعادة الدفء إلى العلاقات مع دمشق واصفا القطيعة بين الطرفين بأنها خطأ استراتيجي.
وحول الموقف الأمريكي الجديد تجاه سورية قال الدكتور وناس.. “يكون مفيدا التفريق بين مستويين متكاملين إلى حد كبير.. المستوى الأول هو الآني والمتمثل في فتح قنوات حوار دبلوماسي وسياسي مع الدولة السورية من أجل الوصول إلى قدر عال من المعلومات حول وجود ارهابيين أوروبيين وأمريكيين في سورية وبهذا لا تمانع أمريكا وأوروبا في ايجاد قنوات حوار من أجل الإفادة السريعة ولكنها لا تتوافر على التطبيع الاستراتيجي أما البعد الثاني هو أن الغاية الاستراتيجية من إعلان الحرب على سورية ومن تسريب عشرات آلاف الإرهابيين هو إسقاط الدولة السورية لمصلحة اسرائيل وتكريسا لما سمي “الفوضى الخلاقة” أو تحديدا الهدامة”.
وأشار وناس إلى أن ذلك الهدف سيستمر طالما ثمة دعم عربي سخي من أجل إنتاج التنظيمات الارهابية التي هي في جوهرها أمريكية وتركية وخليجية الصنع وهو أمر لا يجادل فيه أحد موضحا أن الإدارة الأمريكية لا تزال مراوغة وتعتمد على معايير مزدوجة وليست مهتمة بالسلم في سورية طالما ثمة من ينفق على هذا التدمير.
وأكد وناس أن الدولة التونسية وقعت في “خطأ استراتيجي” حينما قامت بقطع العلاقات مع سورية وقال “يتوجب على الدولة التونسية أن تعمل على إعادة الأمور إلى نصابها وأن تكون الدولة السورية شريكا في مواجهة تنظيم “داعش” الإرهابي وغيره من التنظيمات الإرهابية.