لم تفقد الورقة الأميركية صلاحية التداول في أوساط المتربعين داخل “مقصورة الترف الجوّال” ممن اختاروا بطاقات معنونة بعبارة “معارض سوري” لدخول النادي الوليد من سلسلة أندية “الروتاري وشهود يهوه والسبتيين” ونسخ الماسونية الممسوخة في المطابخ الصهيونية على قياس المعنيين باعتناق طقوس الولاء بكل ما فيها من ضروب التوسّل والتسوّل والانبطاح.
ولعلنا أمسينا أمام معادلة فيزيائية لا تستوي فيها متوالية شحن أقطاب “نادي المعارضة الحالمة” إلّا عبر التحريك النشط للورقة الأميركية، فثمة طاقة يعيش عليها هؤلاء مهددة بالضياع إزاء أي تجميد أو غفلة من “كيري” وزير خارجية أوباما، الذي مازال يقظاً إلى مخاطر حالة السكون، بقدر يقظته إلى جدوى اللعب بورقة التدخل العسكري في سورية، وأكذوبات “المعارضة المعتدلة” وتفاصيل هكذا سِيَر باتت أشبه بأفلام الكاوبوي، لكن بنسخة كرتونية هزيلة.
إنها فصول الاحتقار المطلق لمن يتولون دور الحمار في لعبة العصا والجزرة، ويلهثون وراء طُعمٍ تعفّن بتقادم الأيام و”لغبصات الملغبصين” من واشنطن إلى العواصم الأوروبية إلى “إسرائيل” وصولاً إلى المضمار العربي!!.
إلّا أنّ العالم اليوم أمام خطر أكبر من مجرّد لهو “هواة اللهو” بعقول حفنة ممن ادعوا “المعارضة”، فثمة تهديد يتأبطه الأمريكي والفرنسي والتركي والسعودي والقطري، لكل ملامح الحضارة في هذا الكون، على نسق انتقام داعش من التاريخ وقرائنه الباقية، ومن المستقبل بأبعاده الواعدة، ففي منطقتنا من هم أخطر من الدواعش، وأشد كرهاً منهم لكل معاني الإنسانية والحضارة الراقية، يستعدون الآن للتصنيف تحت عنوان “المعارضة المعتدلة” أو على الأقل استخدامها كوسيلة للفوز بالأسلحة اللازمة لتحطيم المزيد من شواهد الحياة في منطقة هي الأغنى والأجمل في هذا العالم!؟.
قد لا يكون على شعوب هذا العالم، وتحديداً في الولايات الأمريكية وفي الدول الأوروبية، تجاهل ضروب الارتكاب السافر الذي تمارسه حكوماتهم، وهي تدعم مُستنسخات تنظيم القاعدة، وأخوات الفكر الإخواني الهدام برجعيته وتماهيه مع منطلقات حياة بداية النشوء والإنسان الأوّل، وقد يكون على هذه الشعوب حالياً استحقاق ثوري بشكل ما، ضد من يستعدون لسرقة إنجازات الحرية والديمقراطية التي حققتها منذ القرن الثامن عشر وحتى الآن، فهي أمام امتحان واقعي لحقيقة ارتباطها بمفاهيم الحرية والعدالة وتمثلها الحالة الديمقراطية، فقادة أحفاد حرب الاستقلال الأمريكية يدعمون أعداءً للحرية لن يتأخر ظهورهم في شوارع ولاياتهم بلا استثناء، وعلى أحفاد ثوار الباستيل ألّا يتجاهلوا دعم فرانسوا هولاند لإرهابيي “شارلي إيبدو” وإلّا تكون كل أسفار الديمقراطية الشعبية هناك كذباً بكذب.
أي “معارضة معتدلة” بقيت أمام دروس ماثلة وصفعات تلقاها الأمريكي ثم صفع بها منطقتنا، في تبنيه سرّاً – وهذا مجرد مثال- لما يسمى “لواء شهداء اليرموك” الذي انضم بعناصره وأسلحته الأميركية المتطوّرة إلى “داعش”، أو لما يسمى “حركة حزم” – وهذا أيضاً مثال- التي سلّمت أسلحتها لأخطر التنظيمات الإرهابية العاملة على الأراضي السورية؟!.
الأكيد أن الطريقة المثلى التي تبلورت لدى الأمريكان وشركائهم في “موائد الدم” لدعم الجماعات التي تخرّب في الداخل السوري، هي فبركات “المعارضة المعتدلة”، إنه الخيار الأسلم أمام الرأي العام العالمي لإيصال ما يلزم لمخرّبي سورية لينتهي كل شيء بمزاعم، إما استيلاء الجماعات الإرهابية على عناصر وأسلحة “معتدلي أمريكا” أو انضمامهم طوعاً إلى طوابير الإرهاب المعلن.. وتبقى العصا ممدودة والجزرة متدلاة.. والحمار يلهث.. والراكب يسير إلى حيث يسعى، ولن توقفه إلّا يقظة شعوب المنطقة وتضحياتها، على قاعدة الإيمان المطلق بأن لا رمادية في معاني وتجسيدات الانتماء الوطني !!.
بقلم: ناظم عيد