الشريط الإخباري

الحنين للوطن والقصيدة العمودية جوهر تجربة غازي عبد الرحمن الشعرية

دمشق-سانا

يظل الشعر حاضراً في نفس صاحبه يحمله معه أينما حل ويأخذ من روح بيئته كما حصل عند الشاعر غازي عبد العزيز عبد الرحمن الذي شغف بالقصيدة منذ كان طفلاً.

ولد عبد الرحمن في قرية صغيرة اسمها حلاوة على شاطئ نهر الفرات وبعد إنشاء السد على النهر هاجر إلى الريف الغربي لمدينة القامشلي حاملاً معه تراتيل القصيدة التي ظلت معه في غربته الثانية خارج حدود الوطن فبقي في وجدانه وشعره يواجه من خلاله كل التحديات.

وفي حوار مع سانا بين عبد الرحمن أن الشعر العمودي هو الشكل الأول للشعر في اللغة العربية وأصله وقد اهتم به العرب منذ البداية فظلت القصيدة بشكلها العمودي عبر العصور منبراً يتفاخر عبره العربي ببطولاته وانتصاراته وشجاعته وكرمه وأخباره في حله وترحاله لأن الشعر ديوان العرب معتبراً أن القصيدة العمودية أيسر حفظاً وأسرع انتشاراً.

كما أشار عبد الرحمن إلى أن القصيدة العمودية محور همس الشخص مع ذاته ولكنها تتجاوز حدود الذات لتعبر عن الحالة الجمعية للمجتمع لتظل وفقاً لتعبيره الجدار العالي والحصن المنيع الذي لا يقدر على ارتقائه إلا كل صاحب موهبة وعارف متمرس في بحور الشعر وأوزانه.

وحول نظرته للحداثة يرى عبد الرحمن أنه يمكن للشاعر أن يعرضها في قصيدة موزونة مقفاة إذا اقتنعنا أن جوهر الحداثة يكمن في الفكرة والرأي والمعنى أو في الشكل والمبنى مع الحفاظ على الصلة مع جذورنا دون قطع كل رابط معها متوقفا لتاكيد فكرته عند القصائد العمودية لنزار والبياتي والسياب ونازك الملائكة وغيرهم ممن حمل لواء التمرد على القصيدة التقليدية حيث أخذت نصوصهم الشكل الحداثي وظلت تقليدية الفكرة وتقليدية الطرح.

وأثر عبد الرحمن في ظل الظروف التي يمر بها الوطن أن يصدر ديوانه الأول قبلة الياسمين من قلب دمشق كرسالة بأن هذه المدينة رغم كل الظروف ستبقى مركز إشعاع تصدر الثقافة والعلم إلى أنحاء العالم وأن جذوة الثقافة لن تخبو فيها ليجيء إصداره الأول تحية من مغتربه إلى عاصمة الياسمين.

وعن مجموعته الثانية تراتيل القطا بين عبد الرحمن أنها حملت هموم الشاعر في الغربة عبر أكثر من عقدين من الزمن وعبرت عن وعي وتمازج في الرؤى ووحدة في الشعور وعناق في الأفكار بين أبناء الوطن الواحد وظل رغم الغربة متعلقاً بالشام بأشعاره وروحه حيث أراد لقصائده أن تستظل الياسمين وترتوي ماء الفرات وتتخضل بندى الجزيرة وتلثم نسيم الساحل السوري.

أما مجموعته الثالثة شهقة النعناع فكانت امتداداً لما سبقها بقصائد عمودية البناء تميل إلى الحداثة في رؤيتها الأدبية وتحمل هموم الوطن والمغترب وتقف إلى جانب بلدنا في ملماته.

وعما إذا كان الاغتراب يضيف للتجربة الإبداعية السورية يعتبر عبد الرحمن أن الغربة حالة اجتماعية ونفسية تجعل الفرد يعيش صراعا داخلياً وخارجياً بين التطلع إلى الوطن والمجتمع بآلام الحنين والشوق وبين الثبات جسداً في أرض الغربة لتأمين متطلبات العيش وتشتد آلام الحنين عندما يكون الوطن جرحاً ينزف مشيراً إلى أن الأديب السوري المهاجر لم يقف جانباً أو متفرجاً على ملمات وآلام بلاده التي بقيت المادة الأهم في نتاجه الأدبي رواية وقصة وشعراً.

ولأن الشاعر مشروع متجدد ومعين لا ينضب من العطاء تكون الأهمية للنوع الشعري لا الكم لذلك فهو يتريث عبد الرحمن في الإعلان عن منتجه الشعري حتى ينضج وتكتمل مقومات بنائه متأملا بأن تكون مجموعته الشعرية القادمة جيكور الفرات على المستوى المأمول.

بلال أحمد

متابعة أخبار سانا على تلغرام https://t.me/SyrianArabNewsAgency