الشريط الإخباري

جوانب من حياة وفكر المعري خلال ندوة أدبية في ثقافي جرمانا

ريف دمشق-سانا

تناولت الندوة الأدبية التي أقامها المركز الثقافي في جرمانا بالتعاون مع فرع اتحاد الكتاب العرب في دمشق بمشاركة الباحث محمد خالد العمر وسمير مطرود جوانب من حياة ابي العلاء المعري ورؤيته الفلسفية والشعرية وفق ما توصلا إليه عبر بحوثهما إضافة إلى قصيدة شعرية ألقاها الشاعر الدكتور نزار بريك هنيدي بعنوان امام العقل أهداها إلى المعري.2

واستهل الباحث العمر حديثه بأبيات من الشعر تضمنت المعاني الايجابية التي اكتسبتها معرة النعمان نظرا لانتماء هذا الشاعر الكبير إليها وانتشار علومه وشعره وفلسفته ابتداء منها ومنطلقة ال سائر انحاء العالم فقال..

هل تذكرين معرة النعمان… حين الغروب وفوعة الريحان

يوم الضرير دعا إلى عليائه… فتفتقت قمم من العرفان

واعتبر العمر أن هذا الشاعر الفيلسوف أكبر من كل الادعاءات والانتماءات وهو شاعر لا يجارى وملأ حيزا كبيرا من البحث والاختلاف مبينا أن من الغلط أن نقول ابو العلاء شاعر الفلاسفة وفيلسوف الشعراء واقترح تعريفا آخر وهو أبو العلاء المعري شاعر الشعراء وفيلسوف الفلاسفة نظرا لما يمتلكه هذا الرجل من شمولية فلسفية وشعرية أعطت لأدبه بشكل عام شكلا جديدا قادرا على التجديد.

وعرض الباحث آراء بعض الشعراء والمفكرين التي اختلفت في معانيها إذ قال طه حسين ما تكاد تقرأ قصيدة للمعري فتعرف مفرداتها حتى تغيب عنك معانيها بينما وصفه معروف الرصافي بشاعر البشرية.

وأحرق الصليبيون بحسب ما أورده العمر خمسة وخمسين كتابا في أكثر من أربعمئة كراسة خلال احتلالهم للمعرة وإن الذي وصل من كراسات أبي العلاء المعري هو مئة وثلاثين ورقة تضمنت رسائله.

ولفت إلى أن المعري توافق مع الشاعر الباكستاني محمد إقبال في نظريته وشريعته فالمعري قال.. فلا هطلت علي ولا بأرضي … سحائب ليس تنتظم البلادا

ومحمد إقبال قال.. شريعة الله هي العدل فأين ما كان العدل ثمة شريعة الله.

وفي قصيدته أمام العقل رأى الشاعر نزار بريك هنيدي أن المعري شاهد كل الاشياء بحقيقته وأنه يستحق التقدير التاريخي مسقطا رؤى بعض العناوين الشعرية التي جاء بها أبو العلاء المعري واستعارها لتكون دلالات مكنية في نصه الشعري الذي امتلا بالاستنتاجات والاستقراءات والولوج في سيكولوجيا  الانسان المقهور فقال..3

أنت يا سيدي .. من رأى كل شيء فراح الوجود يدحرج اسراره.. كاللآلئ بين يديك .. انت شيخ البصيرة .. والدهر أعمى .. وليس له أن يرى نفسه.. دون هذا الضياء الذي ينفجر من مقلتيك.

أما الباحث مطرود رأى أن طه حسين اخطأ عندما اعتبر أن ثراء لغة المعري وبراعته العقلية والخيالية نتيجة ما يعانيه في سجنه من فراغ في الوقت الذي لم يكن هنالك أي فراغ عند المعري إلا وملأه باكتساب العلم والمعرفة معتبرا أن طه حسين فسر كثيرا من الأشياء التي جاء بها المعري بشكل مغلوط.

وأشار الباحث المطرود إلى أن أغلب الكتاب والنقاد والأدباء الذين تناولوا حياة وأدب وشعر المعري لم يرقوا إلى مستواه بما فيهم طه حسين موضحا أن المعري هو صاحب نظرية الشك ولقد سبق ديكارت بثلاثمئة عام اضافة إلى أن المعري بنى نبؤته بأن هناك معركة فاصلة مع الاسرائيليات بعد ألف عام لما كان يفعله اليهود من تشويه في الفكر والدين والأدب والتراث.

وفي مداخلته قال الناقد الدكتور عاطف بطرس إن القصيدة التي ألقاها الشاعر هنيدي كتبت عام 2006 إلا أنها تحمل في معانيها رؤية للمستقبل فتطرح مسألتين الزمن العربي الذي لا يعيد إلا انتاج نفسه وأن الشعر هو الذي يسبق الزمن ويسايره بنفس الوقت.

ورأى الناقد الدكتور غسان غنيم أن الجانب الفكري طغى على أدب المعري طغيانا شديدا متمنيا لو أن هناك طرحا لعلاقة رسالة الغفران بالتراث حيث اشار إلى أن الشك كان طبعا عند أبي العلاء المعري ولم يكن منهجا في حين كان عند ديكارت منهجا وصل خلاله إلى الحقيقة.

تميزت الندوة بمحاولة التجديد في الطرح التحليلي لحياة ابي العلاء المعري فتمكن الباحثان من إضافة شيء مثير للجدل خلال الندوة كما أنهما قدما اختصارا لآراء مختلفة حول المعري ومنهجه الفكري وذلك وفق منهج سليم ومنطق لغوي حذر كما تميزت مداخلة الدكتور عاطف بطرس بإضافة تحليل جديد للشك عند ابي العلاء المعري وتحليل منطقي لقصيدة الشاعر الهنيدي باسلوب لغوي موفق في حين كانت مداخلة الناقد غنيم مخالفة للروءى المطروحة ومثيرة للجدل والتأمل إلا أن المداخلات الأخرى لم تتعد الرأي الذاتي المختصر الذي لم يتجاوز بضع كلمات.

محمد الخضر