إنها أميركا، التي تتخلى عن أدواتها بعد أن تستثمرهم، من أفغانستان إلى أوكرانيا، مروراً بـ “قسد وداعش والقاعدة”، وإنها العبرة لمن لم يعتبر بعد، من حكومات منطقتنا وبقية المعمورة التي تأتمر بأوامر واشنطن، ومازالت تتوهم بأن البيت الأبيض يحميها ويدافع عنها.
من أقصى آسيا شرقاً إلى غرب أوروبا، مروراً بـ “أوراسيا” هل تتعظ بيادق الولايات المتحدة، وتستفيد من تجارب الآخرين، حين تخلت عنهم واشنطن، بعد أن استنزفتهم؟ هل تعي الدرس الذي يقول: إن تصريحات المسؤولين الأميركيين حول “الشركاء والحماية والأخبار السارة التي تنتظرهم” ليست إلا للتضليل وبيع الكلام الفارغ، وإن مصلحة أميركا هي المقياس الأول والأخير لمسؤوليها، وإن هؤلاء يتخلون عن “الشركاء” في أصعب المواقف، وهذه أوكرانيا خير شاهد، بعد توريطها عبر العبارات المنمقة إياها.
المفارقة أن الأدوات تدرك ذلك، ولكنها تمضي بتنفيذ سياسات البيت الأبيض، ألم يشتكِ الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي منذ يومين من أن عواصم الغرب تخلت عنه وتركت بلاده وحدها؟ ألم يسخر منه القاصي والداني ويذكروه بعبارات الخارجية الأميركية: “سندعم الشعب الأوكراني، وسنوفر له الإغاثة الإنسانية وسنخفف معاناته”.
ألم تهدد واشنطن عملاءها في سورية مثل ميليشيا “قسد” الانفصالية التي رهنت مصيرها لها غير مرة، ولم يتعظ متزعموها من دروس التاريخ، التي تجزم بخسارة العملاء لكل شيء؟ ولم يتعظوا أيضاً وهم يرون انتفاضة أهلنا في الجزيرة السورية ضدهم، ولم يعتبروا من تجارب الماضي التي تقول بأن الجسد الوطني سيلفظ كل عميل للأجنبي؟
لم تتعظ أدوات أميركا بعد، وتدرك أنها مجرد أدوات رخيصة لاستخباراتها وقواتها المحتلة في غير مكان من العالم، تأتمر بأوامرها وتنفذ أجنداتها الاستعمارية، ولم تتعظ حكومة كييف من مشاهد سقوط عملاء أميركا في أفغانستان من المروحيات التي تعلقوا بعجلاتها، ولقوا حتفهم بعد أن لفظهم المحتلون رغم كل الخدمات التي قدموها لهم.
لم يتعظ هؤلاء من الدرس الأهم، وهو أن واشنطن تحارب اليوم في غير مكان من العالم بواسطة أدواتها ومرتزقتها، وأنها غير مستعدة للدفاع عنهم حين يتساقطون، فهل وصلت الرسالة لمن عنده ذرة تفاؤل بنصرة أميركا له؟.
متابعة أخبار سانا على تلغرام https://t.me/SyrianArabNewsAgency