الشريط الإخباري

أسرار صناعة السيف الدمشقي من شيخ الكار

دمشق-سانا

خاض السيف الدمشقي معارك وحروباً كثيرة وذاع صيته بين مقاتلين من بقاع مختلفة من العالم لدقة صنعه وقوة مفعوله لتتحول صناعته اليوم إلى حرفة تراثية يتقنها قليلون ويحفظون أسرارها ومكانتها في تراث وحضارة وتاريخ السوريين.

وتعود صناعة السيف الدمشقي إلى عهود قديمة ويعتقد أنها بدأت في العهد الروماني واستمرت بالتألق لعقود حتى اكتسب السيف شهرة واسعة لصغر حجمه وكبر مفعوله وتروى قصص كثيرة عن حرص العديد من قادة الجيوش على استخدامه كما تذكر الباحثة في التراث الشعبي الدكتورة نجلاء الخضراء لـ سانا.

وتشير الدكتورة الخضراء إلى قصص وأساطير تتحدث عن محاربين كانوا يطلبون مزج بقايا من رفات أجدادهم وآبائهم أو رفات محارب قوي مع المعادن لصناعة السيف الخاص بهم لإضفاء قيمة معنوية له.

وبعيداً عن القصص والأساطير يحتفظ فياض السيوفي شيخ الكار وأقدم حرفيي صناعة السيوف بأسرار المهنة التي حمل اسمها وتوارثها عن أجداده منذ 37 عاماً ورغم قلة مردودها والطلب عليها إلا أنه لا يزال يمارسها ضمن ورشته الصغيرة في سوق المهن اليدوية بدمشق لعشقه لها وخوفه من اندثارها كما يقول لمراسلة سانا.

وتحتاج صناعة السيف من الألف إلى الياء وفقاً لشيخ الكار من 7 أيام إلى 3 أشهر حسب النقوش المطلوبة مبيناً أن ما يميزه جمعه بين القوة والمرونة ومتانته ومقاومته لدرجات الحرارة العالية وخفة وزنه الذي يتراوح بين 2 و2.5كغ بينما طوله بين 80 و90 سم ليتناسب مع حامله وعرضه بين 3و4.5 سم.

وتظهر طريقة تصنيع السيف مهارة وإبداع الدمشقيين على حد تعبير السيوفي حيث يجري صهر وخلط معدنين لتكوين النصل وهما المعدن الأسود الحاوي على نسبة عالية من الكربون والأبيض بنسبة كربون منخفضة لتشكيل عجينة تضاف لها معادن أخرى بنسب دقيقة ومدروسة كالمنغنيز لزيادة اللمعان ومنع الأكسدة إضافة إلى مواد عضوية نباتية.

وبعد خلط وصهر المعادن تبدأ المرحلة الأصعب كما يقول السيوفي وهي طرق الخلطة وهي حارة لمزجها بروح واحدة وجعلها مسطحة وتأخذ شكل نصل مستقيم أو منحن مبيناً أن هذه المرحلة تحتاج إلى جهد كبير وزمن أطول كما أن زيادة ضربات المطرقة اليدوية والحرارة تزيد قوة السيف.

وبعد أن ينتهي شيخ الكار من تشكيل النصل في غرفة صغيرة لا تتسع لأكثر من شخص واحد تأتي عملية الصقل كما يوضح حيث يمسح النصل بالمبرد ويدهن بمادة خاصة تساعد في تثبيت لون المعدن وحمايته من الصدأ وينقش عليه بعض الكلمات أو الرسوم ومن ثم تفصل باقي الأجزاء كالمقبض الذي كان يصنع من خامات طبيعية كالعاج وواقية اليد التي توضع فوق المقبض لحماية يد المقاتل من صدمات السيوف الأخرى.

أما آخر المراحل فهي صنع الغمد “بيت السيف” ويوضح السيوفي أنه يتكون من غلاف خشبي مغطى بنقوش وأحجار كريمة وكتابات بمختلف فنون الخط العربي أو رسومات حسب الطلب.

ووفق السيوفي ارتبطت صناعة السيف الدمشقي بحرفة التكفيت حيث تعشق خيطان الفضة والذهب مع المعادن على أنصال وأغماد السيوف.

السيوفي الذي شارك بنحو 45 معرضاً للحرف اليدوية خارج سورية والعديد من المعارض المحلية يذكر أن تراجع السياحة خلال السنوات العشر الأخيرة أثر بشكل كبير في هذه الحرفة والإقبال عليها الأمر الذي ترك الكثير من سيوفه المصنوعة يدوياً معلقة في ورشته واقتصر بيعها لفرق العراضة الشامية والمسلسلات التاريخية مبيناً أن جيل الشباب ليس لديه رغبة في تعلم هذه الحرفة الدمشقية.

ورغم أن الكثير من متقنيها هجروا المهنة إلا أنه يرفض استبدالها بأخرى كما يقول السيوفي ويعتبرها أمانة بين يديه متمنياً الحفاظ عليها كجزء مهم من التراث الأصيل المرتبط بدمشق.

نور يوسف

متابعة أخبار سانا على تلغرام https://t.me/SyrianArabNewsAgency