تسرق الولايات المتحدة نفطنا، ويدّعي مسؤولوها العفة، تسهّل قواتها المحتلة لأدواتها الانفصالية مثل “قسد” والمتطرفة مثل “داعش” عمليات النهب، ثم يدّعي ضباطها الغزاة أنهم جاؤوا لحماية ثروات السوريين من الإرهابيين، تجهد وسائل إعلامها لتجميل صورة اللصوصية المذكورة، فلا يصدقها أحد في العالم، إلا من عمي بصره وبصيرته، ولحق بسياساتها وقاطرتها الاستعمارية، وبصم عليها من دون تردد.
في مطلع كل أسبوع تقريباً يخرج علينا مسؤول في الخارجية الأميركية، أو البنتاغون، أو البيت الأبيض، ليضلل العالم حول إستراتيجية بلاده في سورية، ويجمّل احتلالها فيقول: “إن قواتهم جاءت لمحاربة الإرهاب”، وهنا نسأل: ما علاقة هذه المحاربة المزعومة بسرقة النفط السوري؟ وما علاقة عمليات السطو اليومي على هذا النفط بملاحقة عناصر القاعدة؟
ما علاقة كذبة محاربة الإرهاب بإخراج قوات الاحتلال الأميركي، وبشكل شبه يومي، الصهاريج المحملة بالنفط السوري الذي سرقته من الجزيرة باتجاه الأراضي العراقية؟ فلا يكاد يمر صباح من دون أن نقرأ عن تلك السرقات عبر معبر الوليد غير الشرعي، ثم ما علاقة ذلك بانتشار قواتهم الغازية في مناطق آبار النفط في الجزيرة السورية على وجه التحديد؟
في العودة لتفاصيل لوحة التضليل الأميركية إياها، كنا نسمع جنرالات “البنتاغون” وهم يزعمون أنهم عدّلوا أهدافهم، وأن قواتهم المحتلة للأراضي السورية لم تعد مسؤولة عما يسمونه “حماية منشآت النفط”، وأن واجبهم الأوحد هو مكافحة تنظيم داعش المتطرف، وإذ بتلك القوات لا همّ لها إلا سرقة النفط وإرهاب السوريين، تماماً مثل كذبتهم في محاربة الإرهاب، فمرة يقولون: “قضينا على داعش” ثم يعودون للقول: “مازلنا نطارد إرهابيي التنظيم المتطرف” ثم يرى العالم تضليلهم في أوضح صوره، وهم يتسترون على عناصره، وينقلونهم من منطقة إلى أخرى لاستثمارهم وإعادة إنتاجهم وتدويرهم.
وحتى في قضية “الحماية” المزعومة إياها، هم يدركون أنها غير قانونية أصلاً، لأن قواتهم محتلة، ولم تطلب سورية منها مثل هذا الأمر، وما تقوم به هذه القوات الغازية هو سرقة موصوفة للنفط والثروات في وضح النهار، وحتى اتفاقاتها غير القانونية مع “قسد” وأشباهها يسوقونها وكأنها قانونية، فيزعم ساكنو البيت الأبيض بأنهم ينظمونها مع ميليشيات “شرعية”، أو كأن قواتهم المحتلة هي صاحبة الأرض والحق والثروات، وصاحبة القرار السيادي عليها، والاتفاقات التي توقعها مع تلك الميليشيا قانونية.
يسرقون نفطنا إذاً، ثم يدَّعون أنهم جاؤوا لتحقيق الرفاهية لنا، يسرقون ثرواتنا ويقسِّمون أرضنا ثم يدّعون حماية حقوقنا، وهي صورة صارخة للتناقض بين القول والفعل، تعبر عن سلوك الهيمنة والغطرسة والعدوان والإرهاب وسرقة الثروات، ووسيلتهم في ذلك الدعاية السوداء والبروباغندا التضليلية، لكن العالم يدرك أن المحتلين غزوا أرضنا لنهب ثرواتها، وتقسيمها، وحماية أمن الكيان الصهيوني، وتحقيق أجنداتهم الاستعمارية، وأن أكاذيبهم عن محاربة الإرهاب والدفاع عن حقوق الإنسان وحرية الشعوب مجرد شعارات للمتاجرة، ومحاولة إيهام البسطاء في غرب العالم وشرقه بسمو خطواتهم وقدسية رسالتهم الحضارية المزيفة.