الشريط الإخباري

أربعة أعوام على غزو حلف الناتو لليبيا.. والبلاد تتجه أكثر من أي وقت مضى إلى الفوضى بوجود برلمانين وحكومتين وبينهما “داعش”

طرابلس-سانا

يصادف اليوم مرور أربعة أعوام على غزو حلف شمال الأطلسي “الناتو” لليبيا وهي قريبة أكثر من أي وقت مضى إلى التقسيم مع ما أفرزته الصراعات السياسية من وجود برلمانين وحكومتين تتنازعان الشرعية.

وبعد مرور هذه السنوات الأربع فقد خابت آمال الليبيين بما وعدتهم به الدول التي تدخلت في بلادهم وما واجهوه من مختلف أنواع الحرمان في بلدهم الغني بالنفط الذي عانى من الفوضى والانفلات الأمني وندرة متكررة لمختلف الضروريات بداية من البنزين ثم الكهرباء والغاز فالأدوية والسيولة المالية وصولا إلى المنتجات الغذائية بما يشمل الخبز في ظل تواصل مستمر للمواجهات والاشتباكات بين الميليشيات المسلحة المتنافسة التي انتشرت في البلاد وفرضت قوانينها على الأرض مجبرة آلاف الأسر الليبية على النزوح والتخلي عن ديارها وكل ممتلكاتها.

وتضاف إلى ذلك الماسي الشخصية التي عاشها الليبيون الذين فقد كل واحد منهم أحد ذويه أو ينتظر بفارغ الصبر عودة قريب مفقود تعرض لعملية اختطاف أو يقبع في سجون التعذيب التابعة لعشرات الميليشيات المسلحة التي بسطت سطوتها على البلاد التي أصبحت الان مقسمة إلى منطقتين خاضعتين لسيطرة مختلف المجموعات المسلحة وترزح المنطقة الغربية التي تقع فيها العاصمة طرابلس منذ آب الماضي تحت سيطرة ائتلاف ما يسمى “فجر ليبيا” المتطرف الذي قام بتفعيل المؤتمر الوطني العام “البرلمان” المنتهية ولايته عقب السيطرة على طرابلس وطرد فصيل منافس من الزنتان كان يؤمن مناطق في طرابلس.

بينما تؤوي المنطقة الشرقية البرلمان الجديد في طبرق والحكومة الانتقالية المعترف بها من قبل المجتمع الدولي والذي استطاع قدر الامكان تفعيل الجيش والشرطة في هذه المنطقة آملا باستعادة النظام والاستقرار السياسي في كل ربوع البلاد.

وفي هذا الوضع المتفجر داخل الساحة الليبية ظهر “داعش” وهو التنظيم الإرهابي الوحيد الذي بات خطرا واضحا يتمدد في ليبيا بانتظام وصعد إلى الواجهة في الآونة الأخيرة من خلال تكثيف اعتداءاته المثيرة للانتباه والأكثر فأكثر دموية وكان آخرها إعدام 21 مواطنا مصريا ذبحا والهجوم على أكبر فنادق العاصمة طرابلس وعدة حقول نفطية.

وما إن ردت مصر بضربات جوية ضد أوكار تنظيم “داعش” الإرهابي في ليبيا بعد بث شريط مصور لإعدام المواطنين المصريين سارعت الدول الأوروبية التي كان لها الدور الكبير في نشر الفوضى والإرهاب في ليبيا للتدخل من جديد وزاد عدد المتحدثين بالتدخل فبعد فرنسا التي أعلنت عن إنشاء قاعدة لها شمال النيجر على الحدود الليبية لضرب هذه التنظيمات الإرهابية ودعت إلى تشكيل جبهة واسعة للقضاء على التهديد الإرهابي في ليبيا ذهبت إيطاليا أبعد من ذلك حيث أعلنت في مناسبات عديدة استعدادها لقيادة عمل عسكري في ليبيا تحت راية الأمم المتحدة لمحاربة المتطرفين على حدودها وجاء اخر هذه التلميحات الإيطالية في الثالث من الشهر الجاري على لسان وزير الخارجية الايطالي باولو جنتيلوني بالقول “إن إيطاليا ستكون مستعدة للانضمام إلى قوة تقودها الأمم المتحدة لمكافحة تهديد إرهابي فعلي بعد التقدم الذي حققته مجموعة إرهابية في ليبيا بايعت تنظيم “داعش” الإرهابي المتطرف”.

وفي تطور يثير العديد من التساؤلات أقدمت إيطاليا الأحد الماضي على إغلاق سفارتها في طرابلس وهي آخر السفارات الغربية العاملة في البلاد وأجلت ما يقارب مئة شخص من رعاياها لا يزالون يعملون في ليبيا ما يؤشر بحسب المراقبين إلى أن التلميحات الإيطالية بقيادة عمل عسكري ما في ليبيا بات أمرا وشيكا وحظي هذا الخيار بدعم مالطا التي أبرزت برفقة مسؤولي أوروبا المخاطر التي يواجهها الإقليم نظرا لقربه من ليبيا التي أصبحت مسرحا للإرهاب ونقطة انطلاق للهجرة السرية.

وعلى صعيد آخر يعكس التحذير الأخير الصادر عن دول غربية من بينها الولايات المتحدة بشأن مخاطر الإفلاس الذي يهدد ليبيا بسبب انخفاض إنتاج النفط الذي هوى إلى 350 ألف برميل يوميا مع انخفاض سعر البرميل في السوق الدولية إلى أقل من 50 دولارا الآثار السلبية للانفلات الأمني المستمر في البلاد.

ويعاني قطاع النفط المصدر الوحيد للعملة الصعبة في ليبيا بعد أربع سنوات من الفوضى التي تتخبط فيها البلاد حيث تنتشر الأسلحة وتغيب الأجهزة الأمنية الحكومية وبعد أكثر من ثمانية أشهر من الأزمة النفطية بسبب إغلاق المرافئ النفطية الرئيسية في شرق ليبيا على خلفية النزاع بين حرس المنشآت النفطية والحكومة المركزية في طرابلس هبط الإنتاج إلى أدنى مستوى له ليبلغ أقل من 200 ألف برميل يوميا.

وشنت جماعات “الشروق” الإرهابية المتفرعة عن ميليشيات “فجر ليبيا” المتطرفة هجوما جديدا الأسبوع الماضي بعد الهجوم العام الذي أطلقته في 13 كانون الاول الماضي بهدف السيطرة على المرافئ النفطية في منطقة الهلال النفطي التي تحتضن المرافئ الرئيسية وهي “السدرة ورأس لانوف والبريقة” المغلقة حاليا بسبب المواجهات المسلحة.

ويرى مراقبون أن النفط الليبي بات يواجه تهديدا آخر أكثر ضراوة يرتبط بالطموح المتزايد لتنظيم “داعش” الإرهابي الذي أخذ يتمدد في البلاد بعد أن كان نشاطه منحصرا في المنطقة الشرقية غير أنه بات اليوم يعزز حضوره في صبراتة وطرابلس التي قام فيها بأعمال استعراضية مثل الهجوم الدامي على فندق كورينثيا وتبنى التنظيم كذلك الهجوم على حقل “المبروك” النفطي في جنوب غرب سرت على بعد 450 كلم شرق طرابلس الذي تستغله شركة توتال الفرنسية والمؤسسة الوطنية الليبية للنفط ما أدى إلى مقتل 13 شخصا من عماله.

وعلى صعيد آخر أعلن صندوق النقد الدولي مؤخرا أن العجز التجاري في ليبيا سيتفاقم خلال العام الجاري مفسرا هذا الوضع المتسم بتهاوي أسعار النفط في السوق الدولية واضطراب إنتاج الخام في ليبيا بسبب الفوضى الأمنية حيث أضاف في تقرير له بأن ليبيا ستسجل أعلى عجز ميزاني على مستوى الدول المصدرة للنفط في منطقة الشرق الأوسط قد يبلغ 1ر37 بالمئة من الناتج المحلي الخام في العام الجاري وهذا العجز ناجم عن انخفاض أسعار النفط وتراجع الصادرات النفطية للبلاد.

أما مصرف ليبيا المركزي فقد أعلن أن ميزانية العام الماضي شهدت عجزا خطرا بسبب هبوط الإيرادات النفطية إلى نحو 15 مليار دولار بين تشرين الثاني وكانون الثاني مقابل 45 مليار دولار قبل عام وقد نسب هذا التراجع إلى هبوط سعر النفط بنحو 40 بالمئة منذ حزيران الماضي وعجز الدولة الليبية عن جباية الرسوم الجمركية حيث انخفض سعر النفط بأكثر من 50 بالمئة مقارنة مع سعره في حزيران من العام الماضي ليقترب من أدنى مستوياته منذ ست سنوات بعد أن كان يباع قبل بضعة أشهر بأكثر من 100 دولار.

وفي مؤشر على خطورة الوضع الاقتصادي في البلاد حذر المصرف الدولي من مخاطر نفاد احتياطات النقد الأجنبي في ليبيا في غضون أربع سنوات إذا استمر عدم الاستقرار السياسي في البلاد إذ إن احتياطات النقد الأجنبي تراجعت إلى 100 مليار دولار في أب الماضي أي بانخفاض 20 بالمئة منذ بداية العام الماضي.

وقال المصرف الدولي في تقرير الحصيلة الاقتصادية لربع السنة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الذي نشر مؤخرا إن ثمن الإخفاق في التوصل إلى اتفاق سياسي بين الأطراف الليبية سيكون باهظا بالنظر إلى أن معدل إنتاج النفط في الوقت الراهن تراجع بقوة مقارنة مع الوضع السابق ما أدى إلى تراجع إيرادات النفط وأجبر الحكومة الليبية على اللجوء للاحتياطات من النقد الأجنبي.

وفي ظل هذه الأجواء يعلق الليبيون الأمل لخروج بلادهم من هذا النفق المظلم بالحوار بين الفرقاء برعاية بعثة الأمم المتحدة لدعم ليبيا لكن مراقبين يعتقدون أن الأمل في إصلاح البيت الليبي بأيدي ليبية بعد الفوضى التي عمت البلاد طوال السنوات الأربع الماضية تلاشى بل تجاوزته الأحداث وخاصة بعد تكشير تنظيم “داعش” الإرهابي في ليبيا عن أنيابه الأمر الذي يعزز المخاوف من قادمات الأيام.

انظر ايضاً

مصرع شخصين وإصابة 33 نتيجة الأمطار الغزيرة في مدينة سبها الليبية

طرابلس-سانا أعلن المجلس البلدي في مدينة سبها الليبية اليوم مصرع شخصين وإصابة العشرات جراء الأمطار …