دمشق-سانا
سلطت الندوة الثقافية التي أقامها فرع اتحاد الكتاب العرب في ريف دمشق بالتعاون مع المركز الثقافي بجرمانا بعنوان “اللغة العربية والهوية” مساء أمس الضوء على ميزات لغة الضاد ومستقبلها وأسباب ضعفها والأخطار التي تهددها.
وبين رئيس اتحاد الكتاب العرب الدكتور حسين جمعة خلال المحور الذي قدمه بعنوان “اللغة وتكوين الهوية” أنه لا توجد في الدنيا لغة اشتقاقية غير العربية موضحا أن اللغة الألمانية برغم ما فيها من اشتقاقات فهي لا تقارب نظام الاشتقاقات في العربية والانكليزية لغة تجميع شاعت لأنها لغة التكنولوجيا والتقنيات ولأن أهلها أصحاب إنتاج فالأمة القادرة على إنتاج المعرفة والتقنيات تفرض نمطها في الحياة.
وأوضح جمعة أن اللغة العربية لغة اشتقاقية قائمة على أصول سواء كان في البلاغة أم في التركيب النحوي وذلك بسبب مكوناتها الأسرية الانتمائية التي تعنى بالحمية والأخلاق والشرف لافتا إلى أن لغة العرب قوية على الرغم من ضعفهم ورغم ما شن عليها من حملات لإضعاف دورها وإبدالها بالعاميات والبحث عن سلبيات فيها فهي تمثل الشخصية العربية الاجتماعية منذ وجدت.
أما عن جماليات اللغة العربية فقال رئيس اتحاد الكتاب إن اللغة العربية جميلة بسبب التنوع والغنى والثراء فالذي يتوغل فيها يجد فسحة من الاختيار لكن على من يتعامل مع ألفاظها أن يكون دقيقا في استعمالها في مواضعها وان التزام الألفاظ بمواضعها هو سر من أسرار جمال هذه اللغة.
واستشهد جمعة بالأسد ملك الغابة الذي له اسم واحد وله خمسمئة صفة وهذا أيضا من جماليات اللغة العربية ودلالة على سعة انفتاح أهلها على الكون برغم كل الاتهامات التي كالها لها المستشرقون وأتباعهم من العرب كما أنها تنفتح على الماضي وعلى الحاضر والمستقبل عكس اللغة الانكليزية لان الانكليز يجدون أنفسهم منقطعين عن لغتهم عبر الزمن والتاريخ ويعجزون عن قراءة شكسبير باللغة التي كتب بها أعماله.
في حين رأى الدكتور غسان غنيم مدير التأليف في الهيئة العامة السورية للكتاب في محوره بعنوان “مستقبل العربية وأسباب الضعف” أن اللغة وجدت من اجل الاختراعات التي أبدعها الإنسان وألجأته الحاجة إلى أداة التواصل بين أفراد المجموعة البشرية التي يحيا بين ظهرانيها وهي مجموعة من الإشارات الصوتية اتفقت على دلالاتها مجموعات بشرية معينة واستمر الإنسان في تنسيقها وصقل نظامها ردحا طويلا من الزمن.
ولفت غنيم إلى أن أصعب ما يواجه لغة الضاد في البلدان العربية أن المعلمين في المدارس لا يستعملون الفصحى في تدريسهم بل يفضلون استعمال العامية القطرية وان كثيرا من مناهج التعليم العربية عدا سورية ابتعدت عن الثقافة العربية كما انشات محطات إذاعية وتلفزيونية تبث باللهجات المحلية بحجة تقريب المعرفة إلى عامة الشعب.
وتابع غنيم إن اللغة العربية برهنت على قدرتها على البقاء والصمود والتجدد على الرغم من الصعوبات التي مرت بها وهي محافظة على نظامها النحوي وقواعد صياغتها الراسخة.
أما عضو اتحاد الكتاب العرب الباحث نبيل فوزات نوفل فقدم محورا بعنوان “وعي اللغة العربية” حاول خلاله أن يكشف ما يعتري اللغة العربية من ضعف محاولا أن يبين مكامن القوة فيها وتعرية ما يوجه إليها من تهم باطلة وبيان كيفية حمايتها من عبث العابثين وذلك من خلال بيان ما لها وما عليها وإدراك أهميتها في حياتنا.
كما بين نوفل الأخطار التي تهدد اللغة العربية وأهمها الأمراض اللسانية حيث أصيبت بالعبث جراء تنازل الكثيرين عن لسانهم العربي واستبداله بمصطلحات أجنبية إضافة إلى الصراع الذي تعيشه العربية بين قيم الثبوت وقيم التحول حيث يكمن الثبوت في القران والتراث والهوية أما التحول فيتجسد في التعليم والترجمة والإعلام والاقتصاد والتقانة والعولمة اضافة إلى النفور من لغة الضاد بحجة عدم قدرتها على مسايرة علوم العصر وتعثر الحركة المعجمية العربية.
ودعا نوفل إلى تحصين اللغة العربية عبر تعزيز فعلها المقاوم واعتبارها اللغة الأساس في التعليم والتطوير وتفعيل المنظومة التربوية وضرورة معالجة التغريب اللغوي وإحياء التراث العلمي العربي وتأسيس معاهد تدرس قواعد اللغة وأساليبها.
يذكر أن الندوة جزء من النشاطات الدورية التي يقيمها مركز ثقافي جرمانا تحت اسم ملتقى جرمانا الثقافي.
محمد الخضر