السويداء-سانا
شكلت حرب تشرين التحريرية صفحة مشرقة في تاريخ الأمة العربية ومنعطفاً مهماً في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي وأثبتت قدرة وإرادة المقاتل العربي في الدفاع عن الوطن وتحقيق الانتصار على الأعداء.
وكغيرهم من رجال الجيش العربي السوري الذين شاركوا في حرب تشرين التحريرية كل في موقعه ومهمته القتالية يستذكر عدد من الضباط المتقاعدين في السويداء بفخر واعتزاز معارك حرب تشرين التحريرية وما سبقها من إعداد وتحضير وجهوزية عالية على مختلف المستويات وما سطره أبطال الجيش من ملاحم وبطولات وتضحيات وصولاً إلى الانتصار الذي تحقق بتكامل أدوار جميع صنوف القوات المسلحة.
رئيس رابطة المحاربين القدماء في السويداء اللواء المتقاعد غازي الأباظة شارك في الحرب برتبة ملازم وكان قائد سرية دبابات في القطاع الأوسط على الجبهة يستذكر كيف أسهم ورفاقه بقوام أربع دبابات “بصد تقدم لقوة إسرائيلية على اتجاه أم باطنة نبع الصخر تل الحارة وما شهدته الحرب من اجتياز واختراق لحواجز هندسية معقدة صممها العدو كخط دفاعي عنه على الجبهتين السورية والمصرية”.
ويلفت اللواء الأباظة إلى أن إحياء ذكرى تشرين “يعد تأريخاً وتكريساً لقيمة وطنية علياً لأجيالنا القادمة حتى يسيروا على نفس الخطى والنهج.. وما نراه اليوم من تضحيات وانتصارات وبطولات يحققها بواسل الجيش في حربهم ضد الإرهاب هو نتاج ذاك الإرث الوطني الكبير”.
العميد الركن المتقاعد نايف العاقل الحاصل على وسام بطل الجمهورية في حرب تشرين التحريرية يقول “كنت برتبة ملازم عندما تم تكليفي قائداً للمجموعة الأولى من مجموعات كتيبة المغاوير المظليين في القوات الخاصة التي اقتحمت مرصد جبل الشيخ عند ساعة الصفر بعد تمهيد سلاح الجو والمدفعية” فكان أول الواصلين مع مجموعته لتحريره مستذكراً كيف سارع لإزالة “علم” العدو الإسرائيلي عن السارية ووضع العلم الوطني السوري مكانه فور سيطرتهم على المرصد بزمن قياسي رغم أنه كان بمثابة “قلعة محصنة هندسياً” لكن التخطيط والتدريب عالي المستوى والروح المعنوية العالية وأثر توجيهات القائد المؤسس حافظ الأسد والإيمان بالهدف جعلهم على جاهزية عالية لذلك متحدين كل الصعوبات التي واجهتهم.
ويلفت العاقل إلى الأهمية التي كان يشكلها المرصد كنقطة متقدمة للعدو على ارتفاع نحو 2200 متر عن سطح البحر وما يحويه من أجهزة وتقنيات للاتصالات والتشويش “وقد حرصنا على الحفاظ عليه وأسر من فيه.. كان لتحريره دور كبير في دعم مجريات العمليات القتالية لباقي القوات” مشيراً إلى تعرضه للإصابة في اليوم الثالث خلال التصدي لتقدم مجموعات من العدو باتجاه المرصد في هجوم معاكس على أحد المحاور.
وتمثل معركة السيطرة على المرصد كما يلفت العاقل “نقطة مشرفة في التاريخ الحديث للجيش العربي السوري يشهد بها كبار الخبراء وتدرس في الأكاديميات العسكرية” موجهاً التحية لأبطال القوات الخاصة وأبطال الجيش العربي السوري وشهدائه الأبرار الذين رووا تراب الوطن.
العميد الركن المتقاعد جميل جمول الذي انتسب إلى صفوف الجيش العربي السوري منذ عام 1956 ونال وسام الشجاعة من المرتبة الأولى في حرب تشرين يقول “كان لي شرف المشاركة بالحرب برتبة مقدم من خلال تكليفي ضمن لجنة الدفاع عن العاصمة بقيادة قطاع محور درعا دمشق فكنا دوماً على أهبة الاستعداد والجهوزية” مستذكراً اللحظات التي كانوا يتغنون بها ويفرحون ويفخرون بأخبار الانتصارات القادمة من الجبهة من كل الصنوف القتالية ولا سيما الطيارين والمشاة.
فيما يتحدث العميد الركن المتقاعد مهدي أبو عبيد الذي كان برتبة نقيب حينها عن مستوى التحضيرات والتدريبات العالية التي سبقت الحرب في سلاح الطيران وعملية تجهيز الطائرات لتنفيذ الضربة الأولى على مواقع وتحصينات العدو باعتباره مهندساً في اختصاص لاسلكي ورادار طائرات واتصالات وذلك ضمن مهمته الإشراف على جميع الطائرات في أحد مطارات المنطقة الجنوبية منوها بقدرة الطيارين السوريين وتميزهم وشجاعتهم وحماسهم وبطولاتهم خلال الحرب.
ويروي العميد الركن المتقاعد سالم حمد عبود كيف تم تكليفه ضمن اختصاصه هندسة هياكل ومحركات وهو برتبة نقيب آنذاك بمهمة مهندس سرب وكيف كانت مهمتهم الرئيسة تحقيق الكفاءة وتجهيز الطائرات وتنفيذ المهام المسندة لهم لحماية الأجواء وما تعرض له مطار الناصرية أكثر من مرة لاستهداف بقنابل عنقودية استشهد على أثرها العديد من العسكريين، وبرغم ذلك تابع الجنود أداء مهامهم بكل حماسة وروح عالية معتبراً أن ما تحقق من انتصارات في الماضي أسس لانتصارات اليوم التي سطرها ويسطرها بواسل الجيش كي تعود سورية آمنة.
العميد المتقاعد تيسير حمزة يلفت إلى أن حرب تشرين “شكلت صفحة ناصعة في تاريخ الأمة العربية الحديث وفيصلاً بين زمن الانكسار في عامي 1948 و1967 وزمن الانتصارات التي تتالت ضد العدو الصهيوني والتي أثبتت انتصار الإرادة والقرار العربي بتعاون وتنسيق كامل للجيشين العربي السوري والمصري أثمر تحقيق الانتصارات التي أذهلت العالم وحطمت اسطورة (الجيش الذي لا يقهر) ما دفع قادة كيان الاحتلال للاستنجاد في اليوم الثالث بالولايات المتحدة التي مدت جسراً جوياً مباشراً لنقل العتاد والدبابات للجبهة” لافتاً إلى دور الجبهة الداخلية وما جسدته من “تلاحم وتعاضد واندفاع للتطوع والتعاون لمساندة وإمداد القوات في تحقيق النصر”.