دمشق-سانا
تنوعت نشاطات الفعالية الثقافية التي أقامها المنتدى الثقافي العراقي بدمشق بين المحاضرات التي تحكي عن المرأة السورية منذ بدء التاريخ وحتى معاناتها في الأزمة الحالية وبين الشعر الذي يتناول الأنثى ومدينة دمشق وبين الغناء والمواهب الشابة.
في بداية محاضرتها قدمت رئيسة مؤسسة أحفاد عشتار الدكتورة أيسر ميداني لمحة عن المؤسسة التي تهدف إلى ترميم الأذى النفسي الذي تعانيه الأسرة السورية جراء الأزمة مستمدة اسمها من الآلهة عشتار رمز المرأة القوية الصامدة مشيرة إلى أن الأجيال الجديدة تجهل تاريخها مايجعل الآخرين يستغلون هذه الثغرة ويكتبون التاريخ كما يريدون.
واستعرضت ميداني مستعينة بالصور والخرائط التوضيحية تاريخ الحروب على سورية واستهدافها منذ القديم وصولا إلى الحرب الكونية الحالية التي تركت آثارها السلبية على كل المستويات الثقافية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية والعسكرية والتي استهدفت النساء السوريات حتى صرن سلعة بهدف إذلال الشعب السوري.
ولفتت إلى أن وجود عدد كبير من الشهداء أدى بالتالي إلى وجود عدد كبير من الأرامل إلى جانب عدد كبير من زوجات المختطفين والأطفال المشردين داعية إلى وضع حلول اسعافية لمعالجة واقع المرأة من خلال تأمين فرص العمل والعيش الكريم لها وضرورة إعطاء الصلاحية للمرأة الأرملة بأن تحل محل رب الأسرة من ناحية المعاش دون وصاية أحد عليها.
كما دعت رئيسة مؤسسة أحفاد عشتار التي تأسست قبل ثلاثة أشهر إلى ضرورة تأمين الجو العائلي الذي افتقده الأطفال وإعادة بناء الأسرة والمجتمع من خلال ا لدعم النفسي في المدارس ومؤسسات الدولة وهنا تقع المسؤولية على الإعلام والمنتج الثقافي كالسينما والدراما والإعلان لبناء مجتمع قائم على التشاركية والاحترام.
وفي تصريح لـ سانا الثقافية قالت الدكتورة ميداني إن المرأة السورية تتمتع بمكانة كبيرة عبر التاريخ فكانت آلهة وقائدة واليوم في هذه الحرب الضروس أثبتت المرأة السورية قوتها وصمودها حتى يمكن اعتبارها المقاتلة الأولى كأم شهيد وزوجة شهيد ومعيلة لابن الشهيد أو المخطوف والعناية بالأسرة بالاضافة إلى إعادة إعمار الوطن الذي يقع على كاهل هذه المرأة التي برهنت قدرتها على تحمل المسؤولية فأسست جمعيات التكافل الاجتماعي وقامت بمبادرات من أجل الوطن.
من جانبها تحدثت الإعلامية الهام سلطان عن المرأة السورية التي أذهلت العالم عبر العصور بابداعها وعطائها وهذه المرأة ترهن اليوم حياتها لأبنائها ثم تقدمهم قربانا للوطن للخروج من أزمته الحالية فالأم التي ربت الجندي العربي السوري والتي تقدم الشهداء تستحق أن نفخر بها.
وأضافت سلطان إن المرأة السورية أثبتت أنها قادرة على الصمود خلال الأزمة حتى صارت كل امرأة سورية اسطورة بحد ذاتها وصار لدينا أكثر من خنساء وأكثر من خولة وأكثر من عشتار.
وتحدثت أم الشهيد بنيان عن المرأة السورية الأم ومسؤوليتها المضاعفة في تربية المجتمع فالام الصالحة تنشئء جيلا صالحا موجهة التحية لكل أمهات الشهداء ومعبرة عن فخرها بأنها أم شهيد من سورية.
وشارك الشاعر الشاب جعفر مشهدية في الفعالية الثقافية بإلقاء مقاطع من ديوانه الشعري الأول بعنوان “أنثى تسكن القصيدة” الذي يضم ثلاثين قصيدة من النمط الغزلي بمزيج دمشقي حيث تتعانق الحبيبة مع مدينة دمشق لتسكن الأنثى أشعاره فيقول في قصيدة وطن من مطر .. في الشام عندما يهطل المطر .. يتشكل وطن في عينيك وطن بحدود السما .. له جغرافية شفتيك.
وبعد توقيع مشهدية المولود عام 1992 لباكورة إنتاجه الشعري وتوزيع مئة نسخة من ديوانه الأول قال لـ سانا الثقافية إنه تناول مواضيع غزلية بعيدا عن السياسة التي ملها الناس فحاول إعادة التكوين الدمشقي الصحيح الذي يتمازج فيه الياسمين مع الأنثى والقصيدة لتصبح عبر القصيدة الشعرية رسالة تنتشل من يعانون الضعف الأخلاقي وتعيد بلورتهم من خلال إيجاد مفهوم جديد للحب والوطن عبر الجنون الذي يعيشه.
وأضاف الشاعر الشاب الذي درس الإخراج السينمائي ويدرس في كلية الحقوق حاليا إن الإخراج يعتمد على فتح المخيلة وهذا ماقدمه له الشعر الذي يدخل في التفاصيل من أجل الابداع أما دراسة الحقوق فهي ملاذ للدمج بين الأدب والتاريخ والسياسة موضحا أن قصائده تعبر عن المعاناة التي عاشها خلال أربع سنوات من عمر الأزمة محاولا نقل أحاسيسه للناس.
أما الفقرة الغنائية في فعالية المنتدى الثقافي العراقي فأحيتها الفنانة الشابة نيرمين شوقي التي صدحت بعدد من الأغاني الفيروزية والأغاني الوطنية كأغنية موطني لتختتم بأغنية فرنسية كل ذلك بدون موسيقا ما أظهر لديها مقدرة صوتية عالية تركت أثرها الواضح لدى الحضور.
وقالت نيرمين في تصريح مماثل إن الغناء هو متنفسها الوحيد أمام الناس لذلك تحب أن تشارك في أي فعالية ترفع من مستوى الثقافة لدى الناس فمهما كان الموضوع الثقافي بسيطا يمكنه المساهمة في تطوير النفس والذات والذائقة الفنية لدى الانسان السوري لأن الفنون هي المنفذ الروحي الوحيد حاليا للخروج من أزمتنا والارتقاء بأنفسنا.
سلوى صالح