نهر من الدماء-بقلم: زهير ماجد

لن يسلم أحد بما جاء في كلمة أبو بكر البغدادي مع أن ثمة ضعاف نفوس سيتأثرون بدعوته. خياره الواضح لن يتوقف عند حد، ثمة من أمن له الدعم الأقوى كي يحصل على رقعة الأرض، وثمة من يضع نفسه بامرته إعلاميا كي يقدم له الغطاء واعتقد أن هذا الأمر محقق بنسبة كبيرة عندما نستمع إلى بعض التلفزة يحرصون على عدم الاساءة إلى ” داعش ” فيما يقولون مثلا بأن ” قوات المالكي” فعلت كذا وكذا، تماما مثلما يسمون قوات الجيش العربي السوري بقوات الاسد وكانوا يطلقون على الليبيين تسمية ” قوات القذافي”.
هذا الإعلام مهما كبر أو صغر لن يصنع مكانة ولا مكانا لتنظيم يصنع أهدافه على نهر من الدماء، وعندما تتسع الأهداف ستكون بحرا وبعدها محيطا. بالأمس إذن تكارمت عليه دول من أجل اهدافها هي، لايهم إحراق بلد كرمى لبعد سياسي، او احراق شعب من اجل هدف خاص. في لعبة الأمم والدول كل شيء جائز ولا يمكن التغاضي حتى عن أقذر التفاصيل.
النقطة الخافية على داعمي ” داعش ” أنهم يعرفون ما يعنيه تقسيم المنطقة الذي سوف تتعرض له ليكون هنالك قسمة المقسم، ومع ذلك ارتضوا الواقعة طالما أن فيها ما يفيد لهم .. على حساب أمة بكاملها يغامرون، وعلى حساب شعب دفع الكثير من عيشه الهانيء يتشبثون بالهدف البعيد الذي بات قريبا. كأنهم لايعرفون أن المحصلة والنتائج تطالهم، والأذى الذي سيلحق بالمنطقة سيدفعون هم ثمنه. ان تغيير الخرائط الحالية للمنطقة سيتحول من المشرحة إلى التنفيذ فنحن امام صيغ جديدة تفتت ماهو قائم لتجعل من المنطقة فسيفساء جديدة.
يوم قلنا مرارا ورددنا كتابة عن الفوضى الخلاقة القادمة على المنطقة، لم يصدقنا أحد، وها قد طالت العاصفة العاتية بلادا وستطال أكثر، واليوم نقول بالتفتيت ونصر عليه، نراه أقرب الآجال وليس من سيدافع عنه سوى أهله ان تمكنوا. الذين يتلاعبون بالعراق وامنوا لـ” داعش ” موقعها الجغرافي، هم من سيساهم بصناعة المرحلة، فاذا بها ستنعكس عليهم.
سواء كان عربيا من تمتد يده إلى العراق وغيره من بلاد العرب، فلن يكون بمنأى عن الخطة الأوسع، التي تجعل من تقسيم اليوم مقدمة لما هو أوسع بكثير .. فالشرذمة الطائفية حالة قتالة، والشرذمة المذهبية شبيهة برقعة الزيت ما ان تظهر حتى تتمدد لتأكل كل محيطها.
فهل اسمعت من ناديت حيا ام انه لاحياة لمن تنادي .. فالعربي الذي سوف يفرح من مشهد قدرته على بسط مفهومه السياسي، سيكون عزيزا عليه ان يستيقظ يوما ليرى المحنة تضربه في عقر داره .. ومن يأمل الهروب من هذه النتيجة يغطي رأسه بغربال .. او هو كالنعامة التي تضع رأسها في الرمل. اما ان يسقط العرب سويا، او عليهم اعادة النظر بأهدافهم، ومن ثم تجميع قواهم وطاقاتهم لتأمين مخارج هادئة لحياتهم بشكل عام.
إنها فرصة، رغم الاعتقاد بأن الذين تورطوا لن يرحموا أنفسهم من التورط أكثر طالما أن أهدافهم شخصية وخاصة وفيها الكثير من النكايات وعليه يبنون مفاهيمهم وعالمهم..
الوطن العمانية

انظر ايضاً

عودوا إلى دمشق-الوطن العمانية

ما أصعب معاداة العاصمة الحنونة اللطيفة المحبة دمشق، وهي في الوقت نفسه تملك لعنة لا …