الشريط الإخباري
عــاجــل مصدر بجهاز الاستخبارات العامة لـ سانا: أسفرت العملية عن اعتقال الأشخاص المتورطين في هذه المحاولة لتنفيذ عمل إجرامي كبير يستهدف الشعب السوري

نشيد الغياب

أنت من يعرف كيف يتسلّق الشجرة الطيبة ككلمتك الطيبة التي يبقى أصلها راسخاً أبداً، وفرعها باسق بالأغصان العالية نحو السماء، وأنت من يعرف كيف يرتوي بينابيع المعاني ويفيض بالأنفاس الزكية المعطرة بالطهر، وفيك تورق الكلمات ويضيء الأخضر فوق السفوح وتتموج سنابل الحرية على المرتفعات الشاهقة.

عنك يطيب الكلام، وتحلو الموسيقا، وتحسن الأشعار ومنك تتفجر الينابيع وتتغنى المروج، وينبعث الربيع، وفيك تتمثل صورة الألوان فيرفرف العلم، ويبتسم الوطن، ويشرق الأمل، وإليك تنحني القامات وترفع الأيدي، ويخشع التراب، أنت من يعرف كيف يختار اللحظة الفاصلة كي يضيء مصباح الحقيقة حتى لو أمعن في الغياب.

من هنا كان عبورك الأخير، من رفة العين ورجفة القلب، كيف لملمت أشياءك مسرعاً، هكذا دون أن نعرف أنك أنت من سيرسم على الأفق قوس قزح ثم يدنو ويتدلى إلى الآفاق، حيث يتلاشى ويغيب في آهاتنا ووجعنا وألمنا المقيم كالأناشيد التي اعتدنا أن نبدأها مع كل شروق شمس ولم ننته من إنشادها حتى إلى ما بعد المغيب.

تعبت السهول والتلال والجبال وبقيت أنت لم تتعب ولم تكل ولم تمل، بقيت لأنك آمنت بأن الطريق مقترن بالغاية وكما أن النسور لا تمل التحليق في عنان السماء ما دامت قمة لم يبلغها بعد، فكذلك روحك أيها الجندي العربي السوري البطل لا ينوء بها الجسد مهما امتدت به طريق النضال والتضحية في معارك الشرف حتى يبلغ الغاية في النصر أو الشهادة.

لك أيها المقاتل السوري البطل نكتب، فأنت أشرف من يكتب عنه ولن نمل مهما قلنا وكتبنا لأنك أنت أسمى مما يقال وأرفع وأعظم مما يكتب، لا أعرف أي شعور ينتاب أحدنا حين يراك بلباسك الذي يشبه وجه أرضنا، أو حين يراك مزنراً بالرصاص وأنت على نوافذ النار أو حين يراك وأنت تقتحم أسوار الظلام والإرهاب بعزيمة لا تقهر ويقين لا يتزحزح، لكنني متأكد أن تلك اللحظات تستطيع خلالها قلوب الأمهات أن تختزن في شعورهن المتناقضات في آن واحد، الخوف عليك أيها المقاتل البطل والاطمئنان بسببك، الدمعة والابتسامة، الحزن والفرح، القلق والأمل، وكما اخترت في تلك اللحظات مواجهة الحقيقة، فنحن جميعاً نكون قد آمنا بما اخترت وعقدنا العزم والأمل عليك.. عليك أيها الراسخ كاليقين المستمر، كالينبوع المتجدد، كالأمل.

من غيرك سيكيد عدوان أولئك القتلة الإرهابيين الذين أرادوا أن يخيفوا أهل الشام بصواريخ حقدهم وقنابل إجرامهم، وحمم غدرهم، من غيرك سيبدد هذا الظلام ويطهر هذه الأرض من رجس المرتزقة الوافدين إلينا ما دمت أيها الجندي البطل ماضياً على طريق العزة وأنت تعرف أنك مشروع شهيد ومشروع نصر وكرامة وسيادة .

معك لن نخاف مهما علا صهيل الحرب عبر الجهات، في الشمال أو في الجنوب ومعك سنمضي حتى تعلو أناشيد النصر في الحضور وفي الغياب.

مفيد خنسه