محاربة أصل البلاء كذلك

ما تتعرض له المنطقة من هجمة استعمارية أشد وطأة من هجمات «سايكس ـ بيكو» وما يحدث فيها من إرهاب وهابي تكفيري، لا يرى فيه العرب سبباً للعودة إلى الذات، وعمل أي شيء من أجل مواجهة هذه المخاطر القاتلة.
وعلى العكس تماماً، فبعض العرب يندفع في الهجمة الاستعمارية وبعضهم استساغ العمالة حتى لو كانت للعدو الإسرائيلي، بينما آخرون وظفوا أنفسهم وثروات بلادهم النفطية عن طيب خاطر من أجل الإساءة إلى العروبة والإسلام، وتشويه صورة المسلمين.
ولو لم يكن الأمر كذلك فماذا يمكن القول في ما تفعله مملكة آل سعود ومشيخة آل ثاني من دعم علني بالمال والسلاح والتدريب والتغطية الإعلامية للمجموعات الوهابية الإرهابية من زمرة «داعش والنصرة والجبهة الإسلامية» التي تعمل لتقسيم أكثر من دولة عربية على أسس طائفية، وتعتمد لتنفيذ مخططها هذا على القتل والترويع وتكفير الآخر؟.
وماذا يمكن القول في الدعوات «العربية» العلنية للغرب الاستعماري وحلف «ناتو» من أجل مهاجمة هذه الدولة العربية أو تلك، أو توجيه غارات جوية عليها؟ ألم يحدث هذا عندما دعا بعض العرب وموّلوا الغزو الأمريكي للعراق، وعندما دعوا كذلك أكثر من مرة منذ ثلاث سنوات الأمريكيين لتنفيذ غارات جوية وصاروخية على سورية، وتعهدوا بتمويل تكاليف هذه الغارات بأسعار مضاعفة عشرات المرات؟.
نعم، لقد فعلت مملكة آل سعود أكثر من ذلك، وكذلك مشيخة قطر ودول أخرى في الخليج والمغرب العربي.
وهؤلاء العرب أنفسهم الذين يسيئون للعروبة والإسلام ويستسيغون العمالة حتى للعدو الإسرائيلي، ويعملون لاستجرار المستعمر إلى المنطقة، هم بلاء ليس للعروبة والإسلام فحسب وإنما للحضارة الإنسانية والعالم الراقي.
لذلك، ومثلما تحارب سورية والعراق «داعش والنصرة والجبهة الإسلامية» الآن، ومثلما سيحارب عرب آخرون في المستقبل المجموعات الوهابية الإرهابية، من المفترض أن يحاربوا مصدر البلاء المتمثل في مملكة آل سعود وغيرها من مشيخات النفط والعمالة.
بقلم: عز الدين الدرويش