بدت الصورة – الواضحة أصلاً – أكثر وضوحاً مع أحداث العراق الأخيرة.
فيظهر أن التكامل بين نظرية جو بايدن ونظرية بريجنسكي حول المنطقة العربية أخذ مداه، وأضحى سبيل الولايات المتحدة للتعامل مع الظواهر الضاغطة في المنطقة بما فيها الإرهاب والتكفير.
نظرية جو بايدن وهو الآن نائب الرئيس الأميركي والرجل الأقوى مع رئيس ضعيف: قدم بايدن قبل عقد من الزمن وكان عندها عضواً في الكونغرس مشروعه أو مخططه لحل ما يسميه الأطلسيون «مسألة الشرق الأوسط»، المخطط يتضمن إعادة رسم خريطة المنطقة على أساس تقسيم دولها الحالية وفق المعايير الطائفية والعرقية، والخريطة الأولية للدول الجديدة معروفة وتم نشرها في الصحافة الأميركية والعالمية غير مرة.
نظرية بريجنسكي: يقوم مبدأ بريجنسكي على أن (الإسلاموية السياسية) وحدها التيار الذي تلتقي أهدافه تماماً مع أهداف واشنطن فهذه الإسلاموية تعادي القومية العربية والمقاومة والتحرر والتقدم وكل ما يؤدي إلى نهضة العرب الحديثة وهذا تماماً ما تريد أميركا ويرى بريجنسكي وهو محق بأن أنظمة الإسلاموية السياسية من الخليج العربي وحتى في المغرب كانت منذ قيامها حليفة مخلصة لأميركا والغرب وأن مشكلة أمريكا كانت دائماً مع الدول التحررية كمصر عبد الناصر وسورية والعراق والجزائر، ومنذ أن كان في أواخر السبعينيات مستشار الرئيس كارتر للأمن القومي دعم بريجنسكي بقوة منظمة المؤتمر الإسلامي وعزز علاقات الولايات المتحدة مع الإخوان المسلمين وغيرهم من التيارات الإسلاموية على اختلاف أطيافها.
كان بريجنسكي في منتصف العقد الماضي مستشاراً لأوباما الذي كان عندها مرشحاً للرئاسة زار الرجل دمشق واجتمع مع بعض المتابعين حيث وعد (بالصلح مع الإسلام) حسب تعبيره إذا أصبح أوباما رئيساً.
في العراق لدينا اليوم تقسيم بايدن وإسلاموية بريجنسكي مضاف إليهما الإرهاب الذي يخدم تطرفه وعنفه تقسيمية وإسلاموية المنطقة وإبعادها عن أي حوار ممكن بين أبنائها.
و«إسرائيل» قريبة جداً من هذا «الخيار» فدول مقسمة وفق المعيار الطائفي تبرر (يهودية الكيان الصهيوني) وتجعل من هذا الكيان «سيد» الدويلات الظلامية المتخلفة حوله، هل هناك بعد ذلك من يتساءل: لماذا دول الإسلاموية السياسية لا ترى في «إسرائيل» عدواً استراتيجياً، ولم تكن تراه في إيران الشاه وإنما في إيران المقاومة؟ وهل ما زال أحد يتساءل: لماذا لم تقم «القاعدة» ومفرزاتها بعملية واحدة ضد «إسرائيل» ومصالحها؟.