الشريط الإخباري

في حساب المعنويات

دفنت المقاومة شهداءها، الأصح شهداء الأمة العربية، شهداء فلسطين التي كانت شغلهم وهدفهم وبوصلتهم التي لا تتغير.. والسؤال اليوم كيف سيكون الرد؟، سؤال يسأله الجميع، الأعداء والأصدقاء، لكنه يقض مضاجع العدو الصهيوني الذي يعيش، باعتراف إعلامه، واحدة من أعمق الأزمات الأمنية في تاريخه الأسود.

وربما كانت قسوة الضربة الصهيونية العدوانية الغادرة التي تلقتها المقاومة وراء الشعور العام بأنها سترد رداً سريعاً أكثر قسوة وإيلاماً، لكن الحقيقة التي يجب ألاّ تغيب عن الأذهان هي أن قرارات وردود المقاومة، كما يبيّن تاريخها الحافل، لا تنبع من حالة انفعالية أو هاجس انتقامي، بل تُحسب بدقة متناهية، وفي سياق استراتيجي أوحدٍ، هو ذاك الذي يصب في هدف دحر الصهاينة وتحرير الأرض، وهذا كان وسيبقى أحد أهم مصادر فاعليتها ومصداقيتها. ثم إن المقاومة جزء من محور إقليمي، ومن الطبيعي أن يكون ردها على حدث بضخامة وخطورة العدوان على مزارع الأمل، بالتنسيق مع حلفائها في المحور.

ما هو مؤكد بالنسبة لجمهور المقاومة الذي يثق بقدرتها وحكمتها ثقة مطلقة هو أنها ستعرف متى وأين وكيف ترد. أما كيان العدو فقد بدأ يدفع الثمن من أعصابه ومعنوياته حتى قبل وقوع الرد، وحالته الهستيرية تعكس الى حد بعيد حقيقة وضعه الداخلي وخوفه من المقاومة. وهنا، وفي حساب المعنويات، تكمن المفارقة التي ينبغي قراءتها جيداً، فقد تراجعت معنويات العدو رغم تمكنه من اغتيال بعض من ألمع قادة المقاومة، بينما ارتفعت، بالمقابل، معنويات هذه الأخيرة، وتحولت خسارتها البشرية الفادحة الى ربح معنوي تجسّد فيما ظهر من إصرارها على مواصلة المقاومة بإرادة أقوى وعزيمة أشد، مما يؤكد أن الروح المعنوية هي من الناحية المبدئية والأخلاقية، كما من ناحية تطور الصراع، وما ظهر فيه من صعود مطّرد للمقاومة، وانحدار، مطّرد أيضاً، لعدوها، هي روح قوية لديها ضعيفة لديه، وأن النظر الى مستقبل الصراع من هذه الزاوية لا يترك مجالاً للشك في هوية المنتصر…

على مأساوية الحدث الأليم الذي ترك جرحاً غائراً في النفوس، فإن المشهد السياسي الناجم عنه يدعو للتفاؤل بالرغم مما فيه من شوائب أسوؤها هذا الصمت العربي البغيض الذي يفضح تواطؤ أصحابه مع المجرمين القتلة.. فها هو دم  المقاومين الطاهر الذي روى أرض الجولان يوسّع جبهة مقاومة  العدو الصهيوني ويوحّدها، وها هو يشعل جبهة الجولان لتكون، في مستقبل الأيام، ناراً تحرق الاحتلال وعملاءه من الإرهابيين التكفيريين.

بقلم: محمد كنايسي

انظر ايضاً

القائد الشرع يلتقي وفداً من الجالية السورية في أمريكا

دمشق-سانا التقى قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع ووزير الخارجية أسعد الشيباني وفداً من الجالية …