دمشق-سانا
الباحثة راغدة شفيق محمود باحثة في شؤون اللغة العربية ومنطلقاتها وقضاياها معتمدة السبل المنهجية والتطبيقية التي تربط الأصالة بالمعاصرة وتسعى لواقع ثقافي حضاري.
وفي حديث خاص لسانا قالت الباحثة محمود إن البحث هو الجوهر المكنون في الأشياء بعيداً عن الشعارات وتعتمد سلطة العقل والتفكير وظهرت مراكزها في خمسينيات القرن الماضي لتساهم في صناعة القرارات المستقبلية وتقديم معلومات بحثية ذات فائدة لشريحة واسعة من المجتمع.
وتابعت الباحثة محمود اخترت البحث في القضايا اللغوية لأن اللغة أصوات وكلام مصطلح عليه بين المجتمعات يعبر فيه أفرادها عن أغراضهم فكيف سنعبر عن قضايانا ونحن لا نجيد النطق بلغتنا مؤكدة أن الاهتمام باللغة ضمان لنهوض المجتمع وقوته وثبات تراثه ومن خلالها يتعامل معنا الآخر بشكل محترم فيهتم بمنجزاتنا الفكرية وتراثنا الأصيل الذي يجب أن لا نتخاذل بإيصال معانيه وتسليط الضوء على حضارته.
ورأت الباحثة محمود أن اللهجات ظهرت منذ القدم واللهجة هي ظاهرة لغوية تتميز بها البيئة الجغرافية من اختلاف وتنوع في مخارج الأحرف والإبدال ومصطلح اللهجة لم يستخدم قديما عند اللغويين العرب القدماء ففي المراجع القديمة يقال لسان قحطان وعدنان ولسان قريش ولسان تميم لافتة إلى أن اللهجة العامية لا قوانين لها فهي كالخارج على القانون بل هي نقطة ضعف عند الكاتب تتبدل وتتجدد وقد تندثر كنتيجة حتمية للتغيرات الديموغرافية التي تصيب المجتمعات.
ورأت الباحثة محمود أن الليبرالية الحديثة هي حليف قوي للمستعمر وأداة استطاعت تغريب الانسان العربي عن ثقافته وارتباطه القومي بلغته وأرضه وبمقارنة بسيطة بين الليبرالية الغربية القديمة التي تعني (حر) وكانت ضد الطبقات المستغلة للشعوب ضد البرجوازية البشعة وبين الليبرالية الحديثة التي تبنت لفظ الحرية مع بداية الأزمات العربية التي قطعت أوصال العرب في مختلف البلدان حيث انتشرت كالنار في الهشيم وكانت نتائجها كارثية فقتلت العقل الجماعي وفككت وحدة الانتماء ودمرت خزائن الفكر العربي وشغلتها بخلافات هامشية سطحية ضخمتها لتكون القضية الجوهر التي لا تحقق أي تقدم أو نهوض فكري لهذه المجتمعات المثقلة بهمومها السطحية في نظر الشعوب المتقدمة.
وعن تعدد اللهجات في كتابة الشعر قالت محمود المحكي أو الشعر العامي أو اللغة الأم هي مصطلحات انتشرت في الصالونات الأدبية الخاصة التي عادت للظهور في أيامنا هذه وفي مواقع التواصل الاجتماعي غالباً ونجد بعض دور النشر تطبع الدواوين والكتب بعناوين عامية محكية وغالبا دون مرجعية.
ووفق محمود ظهر تياران الأول يقول إن الشعر ملك للشاعر فيتحدث بما ينطق به لسانه فيعبر عن خلجات نفسه ويتحرر من قيود القافية والنحو ورصانة الأسلوب وجزالة الألفاظ أما الثاني فيرغب بالخلط بين الفصحى والعامية ولا ضير من تفصيح العامية وحجته أن الأدب هو تنوع واختلاف وحقيقة الأمر ما نسمعه هو شعر مؤقت يدخل الأذن ويتسلل هارباً فلا يدركه العقل المفكر لالتباس كلماته ولا تستسيغه الأحاسيس المرهفة لضعف سبكه وضحالة صوره.
وبينت الباحثة محمود أن ضعف القراءة ومطالعة الكتب جعل المجتمع يرفض المثقفين ويتهمونهم بالتخريب وأن ابتعاد المجتمع عن القراءة ومواكبة التطورات وتشبثه بحاجات جسده فقط يبقي فكره ضحلاً إلا ما يغلف له بغلاف براق.
وختمت محمود بالقول نجد للشعر المكان الأعلى على المنابر الثقافية وعلى صفحات الانترنت وكذلك القصة والومضة أم الرواية فهي لطبقة معينة تمتلك القدرة على إدارة الوقت والاستمتاع بحديث الأماكن والشخصيات وعلينا أن ندرك من خلال الأجناس الأدبية أن الكاتب يرسم الواقع بالكلمات ويفكر بنهوض واقعه وسمو مجتمعه هذا عندما يكون الأمر حقيقياً وواقعياً.
يذكر أن راغدة محمود عضو اللجنة الفرعية لتمكين اللغة العربية في طرطوس ومن مؤلفاتها على مسرح الإعراب ونساء القصور على مر العصور وشاركت في العديد من الندوات حول اللغة العربية تكتب في الدوريات المحلية والعربية.
محمد خالد الخضر