اللاذقية-سانا
لم تستطع الممثلة الشابة جاكلين دونا أن تغض الطرف عن موهبتها المتميزة في التمثيل فراحت تعمل على صقلها و تطويرها وكان لها ما أرادت حيث باتت عنصرا أساسيا في جميع العروض المسرحية السنوية التي كانت تقيمها مدرستها الثانوية مخلفة وراءها بصمة خاصة في كل عمل شاركت فيه و بمرور الوقت راحت تتعاظم مسؤوليتها تجاه هذا الميل الفني رغم أنها اتخذت لنفسها مسارا علميا مغايرا يوم التحقت بكلية الطب البشري لكن هذا الأمر لم يخفف لديها من وهج المسرح الذي اجتذبها بقوة لتعمل بشكل مواز على دراسة التمثيل اكاديميا في معهد أبو خليل القباني تحت إشراف المخرج المسرحي لؤي شانا.
اليوم تشعر الممثلة الشابة أن المعهد أصبح الملجأ الأكثر دفئا بالنسبة لها حيث تتنفس هناك عشقها الفني الجامح خاصة في ظل الآراء الإيجابية التي يبديها المشرفون على تدريبها حول أدائها اللافت دون أن تهمل دراستها الجامعية وقد وصلت فيها إلى السنة الرابعة مؤكدة أن العمل على هذين المسارين دون تقصير يتطلب منها تنظيما عاليا للوقت و الجهد لتتمكن من تحقيق النجاح المزدوج الذي ترتجيه.
وأشارت دونا خلال حديثها لنشرة سانا الشبابية إلى أنها اكتشفت من خلال العمل المسرحي مجموعة من الأحاسيس الداخلية التي لم تشعر بها يوما والتي سارعت إلى تطويرها من خلال الارتقاء بأدائها على الخشبة لدرجة أصبحت فيها تشعر بطاقات زملائها الممثلين و هم يقفون أمامها خلال العرض حتى أمكنها التواصل معهم شعوريا و فكريا بشكل عالي الإحساس و الرهافة.
ورغم صعوبة التدريب في ظل الواجب الدراسي الضاغط إلا أنها لم تستطع للحظة التخلي عن حلمها كما قالت فذاك المكان حيث تتدرب يوميا هو الواحة الأقرب إلى قلبها و التي تفجر فيها كل طاقاتها المكنونة لتتعرف كل يوم على شيء جديد في داخلها مؤكدة أنها “لدى تحية الجمهور في نهاية كل عرض و رؤية علامات الاستحسان على وجوه الحاضرين تتجدد طاقتها الابداعية بصورة مذهلة و تمتلك زادا مضاعفا يعينها على تحمل مشقة التدريب و الدراسة في آن معا”.
وقالت الممثلة الشابة.. “أحب أن أقدم في العرض المسرحي ما يلامس الجمهور و يحاكي همومه الحياتية بعيدا عن المحاولات الحداثية التي غالبا ما تتسم بالغرابة و الغموض فالمسرح خلق ليكون متنفسا يعالج قضايا المجتمع و يغوص فيها حتى و إن لم يطرح حلولا لأي من الظواهر السلبية المحيطة مضيفة أنه “من خلال الكوميديا السوداء الساخرة ننفس عن هواجس الآخرين ونقول ما يدور في فكرهم و ما يشعرون به وهكذا هي مجمل العروض التي قدمتها حتى الآن والتي وصلت إلى وجدان المتفرج بتناغم كبير”.
وعن خصوصية المسرح من الناحية الثقافية أوضحت دونا أن المسرح هو الأقدر على تأويل الأفكار و نقلها بصورة إبداعية دون الانتقاص من عمقها و مغزاها كما أنه الفن الأوسع القادر على اجتذاب المتفرج عبر الحركات والإيماءات البسيطة التي يقوم بها الممثل على الخشبة وهذا ما لا يمكن تقديمه في السينما أو الدراما التلفزيونية التي غالبا ما تأتي بقوالب مكررة دون الكثير من الأفكار الجديدة على حد قولها.
وتابعت أن .. المسرح هو مظهر ابداع ثقافي يؤسس لحالة تفاعل جماهيري كبير على الرغم من الغربة التي يعيشها المسرح اليوم بسبب انشغال المشاهد بأعمال درامية تصله إلى المنزل عبر شاشات التلفزة إلا أن هذا الأمر لا يلغي أن المسرح هو فن مركب يحتفي بعدة فنون مجتمعة هي فنون النص والإخراج والتمثيل والموسيقا والديكور والإضاءة والأزياء وغيرها وهو بطبيعته فن جماعي يحتاج لوجود مجموعة فنية متفاهمة ومنسجمة لإيصال مقولتها عبر قالب ممتع و نوعي.
أما السبيل الأمثل للنهوض بالمسرح و الارتقاء بنتاجه الابداعي فيتم حسب قول الممثلة الشابة من خلال الاهتمام بمواهب الأطفال بدءا من الصفوف الدراسية الأولى و تعريفهم بهذا الفن العريق وترسيخ المفاهيم المتصلة به والعمل على تكريس النشاطات المسرحية المدرسية في إطار عروض صغيرة تقام ضمن المدرسة للارتقاء بجيل فني يتذوق هذا الفن أولا و يقبل عليه فرجة أو تمثيلا.
وذكرت أن أحدث مشاركاتها المسرحية كانت من خلال الملحمة الوطنية “ياشام” التي عرضت مؤخرا على خشبة دار الثقافة في اللاذقية و تم إشراك عدد كبير من الأطفال في العرض حيث نقل هذا العرض جانبا من الوجع السوري في ظل الهجمة الإرهابية الحالية على سورية و ماتفرضه من وقائع على الأرض.
يذكر أن الممثلة دونا من مواليد عام 1993 و قد شاركت في عدد من العروض المسرحية بينها “حكاية بلا نهاية” و”شكسبير ملكا” و”بلا عنوان” و”عم يلعبوا الأولاد” و”سيناريو وحوار” و”نبع المحبة”.
بشرى سليمان