الشريط الإخباري

غنيم: الناقد الحقيقي هو من يمتلك خلفية فلسفية ورؤية متكاملة

دمشق-سانا

الدكتور غسان غنيم واحد من النقاد الذين يتمتعون برؤية نقدية منهجية ترتكز على مقومات ودراسات اكاديمية وثقافية مما جعله يفرض وجودا حقيقيا على الساحة الثقافية بشكل عام والأدبية بشكل خاص.

ويرى غنيم أن النقد الموضوعي يقوم بشكل أساسي على وجود خلفية فلسفية او رؤية متكاملة تشمل الثقافة والموهبة وعندما يمتلك المشتغل هذه الرؤية الفلسفية تتوفر الشروط الموضوعية لديه فيمتلك القدرة على النقد الحقيقي.

وأضاف.. أن الكثير ممن ادعوا أنهم عملوا في مجال النقد ويمتلكون ناصيته ضمن هذه الرؤية والخلفية الفلسفية وهم لا يمتلكونها أدت قراءتهم للأعمال الأدبية والنصوص إلى شيء من التخبط وعدم الاستقصاء والتعمق في مضموناتها ومعرفة حالاتها الابداعية وجوانبها الفنية ومن هنا كثر المتحدثون عن الكتب والنصوص وقل النقاد لأن الناقد الذي لا يمتلك رؤية سيرى أنه مشتت أمام النصوص وغير قادر على استجماع آرائه بشكل جيد ولا يمكن له أن يصل بالمتلقي إلى دلالات النصوص وآلياتها الفنية لهذا اصبح النقد أقل حضورا في الساحة الادبية.

ولفت غنيم إلى أن الساحة الأدبية لم تخل في لحظة من اللحظات من حالة نقدية حقيقية تصدر من نقاد حقيقيين ولا يمكن للحالة الادبية إلا أن تطرح نقدا يوازي مستواها مشيرا إلى أن النقد يرتبط بما يدور على الساحة فالمطابع في المرحلة الراهنة تصدر كما كبيرا من الأعمال الأدبية حيث لم تعد الحركة النقدية قادرة على تتبعها او لا ترغب بتتبعها وعندما يكون الأدب عاليا لا بد من أن يجذب نقدا عاليا وربما يكون العكس صحيحا فالنقد الحقيقي يلقي أضواء على الأدب الحقيقي ويكشف مكنوناته.

وبين أستاذ الأدب الحديث والمعاصر أن النقد ينقسم إلى قسمين النقد التنظيري وهو استعراض تاريخ النقد وأساليبه ومناهجه ولكن النقد الحقيقي هو النقد التطبيقي الذي يحتاج إلى جهد وحساسية وخلفية معرفية أكثر شمولا وهذا ما يستصعبه الكثيرون مما يجعلهم يبتعدون عن النصوص الابداعية فكثر المتحدثون عن النقد وقل الذين يتعاملون مع النصوص بشكل مباشر.

ورأى صاحب كتاب المسرح السياسي في سورية أن الحركة النقدية ستبقى رهن المحاولات لأن ما جرى بالنقد في المنطقة العربية بشكل عام هو حالة تواؤم مع ما يمكن دعوته بالدرجة النقدية نظرا لأن هذا النقد هو منتج غربي موضحا أن النقاد تبنوا مقولات الاتجاهات الايديولوجية أو الدينية مما أخذ الحالة النقدية نحو الابتعاد عن الخصائص الأدبية والاستغراق في المضمون حيث قام بعض النقاد باستيراد النظريات التي اعتمدت اللغة أساسا في فهم العملية الأدبية كدراسة اللسانيات والمناهج التي ترى في العمل الأدبي لغة يمكن فهم الأدب من خلال تحليل بنيته اللغوية.

وقال إن هناك من لا يرغب بأي توجيه أو معرفة بما يخص النقد وهؤلاء يحسبون أنفسهم أنهم أسياد الساحة النقدية والأدبية دون أن يعرفوا الجوانب الأساسية وامتلاك الموهبة التي يتحلى بها الناقد فالنقد يشبه الحالة الابداعية وهو يهيئ لصاحبه كما تهيئ الحالة الابداعية وهذا ما جعلهم غير قادرين على التعامل مع النقد.

وفي تاريخ النقد الأدبي والابداعي بحسب غنيم.. هناك من كتب في مجال النقد وقدم ابداعا أدبيا ومن هؤلاء بودلير كان شاعرا وناقدا ورامبوا الذي دعا إلى الحداثة وقدم شذرات نقدية وأسهم في النظرية الرمزية و ت . س اوليوت الذي قدم منهجا نقديا وهو من أهم الشعراء الانكليز الذي قدموا نظرية المعادل الموضوعي.

أما على المستوى العربي فهناك شعراء وكتاب اشتغلوا بالنقد والأدب معا مثل ميخائيل نعيمة وعباس محمود العقاد ومحمود شكري وطه حسين إضافة إلى فرحان بلبل فكتب مسرحا ونقدا مسرحيا وهذا يدل على أن كل ناقد لا بد له من أن يكون خاض تجربة الابداع مما يمكنه من ناصية النقد بشكل حقيقي.

ويرى غنيم أن الناقد قادر على التعامل مع الاجناس الادبية جميعا إذا امتلك الموهبة النقدية الحقة إضافة إلى المعرفة المعمقة بالاسس التي يقوم عليها الجنس الادبي أو الأجناس الأدبية.

وعن رأيه بالممارسات النقدية على الساحة السورية أشار غنيم إلى أن هناك نقدا اكاديميا وهو قليل الظهور برغم أنه نقد ملتزم وصارم وهو نقد لا يتابع الحركة الأدبية المتسارعة وهذا ما يؤخذ عليه فبعض النقاد يمارسون ابداعات نقدية على ابداعات سابقة كبدر شاكر السياب فهؤلاء النقاد لا يؤمنون بالحالة الابداعية الشابة وبالتالي يصبون روءاهم النقدية على الأعمال السابقة كما فعل الدكتور خليل موسى الذي كان يقول “أنا لست مضطرا لتضييع الوقت في نص لا يستحق الوقوف عنده بل الرجوع إلى الماضي أفضل”.

وحول النقد الصحفي يرى الدكتور غنيم انه نقد متسرع ويعتمد على التوصيف والقراءة المتعجلة وتدخل العلاقات الشخصية واحيانا نوع من النكايات ومثل هذا النقد لا يعول عليه ولا يكون في خانة النقد الحقيقي موضحا ان النقد الثالث هو النقد الحقيقي الذي تجلى فيه نقاد امتهنوا النقد مثل فيصل الدراج ومحي الدين صبحي ومحمد عزام بشكل ايجابي بعيدا عن التسرع والمسايرة الاجتماعية واللين الذي يأخذ على بعض النقاد الذين يمارسون الاماديح.

وخلص غنيم إلى أن النقد والادب لا ينفصلان عن الحالة العامة للامة وللمجتمع الذي ينتجهما وأنه سيواكب مجريات الثقافة ومعطياتها وهو الآن تابع للنقد الغربي بسبب انعدام الخلفية الفكرية والفلسفية التي تشكل الارضية الحقيقية لنموذج نظري يكون منطلقا لتكوين المفاهيم النقدية القادرة على فهم الحركة الأدبية.

يذكر أن الناقد الدكتور غسان غنيم هو عضو اتحاد الكتاب العرب جمعية النقد الأدبي وأمين سر فرع ريف دمشق لاتحاد الكتاب العرب وأستاذ الأدب الحديث والمعاصر في جامعة دمشق ومن مؤلفاته الأسطورة والحكاية الشعبية في الشعر الحديث والمعاصر والرمز في الشعر الفلسطيني الحديث والمعاصر والمسرح السياسي في سورية.

محمد الخضر-شذى حمود

انظر ايضاً

مواضيع وطنية وإنسانية في أمسية شعرية بالمحطة الثقافية في جرمانا

ريف دمشق-سانا أقام فرع ريف دمشق لاتحاد الكتاب العرب والمحطة الثقافية في جرمانا