اللاذقية-سانا
احتلت العاصفة الثلجية التي اجتاحت مناطق واسعة من شرق المتوسط خلال الأسبوع الماضي جزءا كبيرا من أحاديث السوريين وبات اسم “زينة” أو “هدى” وهو اللقب الذي أطلق على العاصفة يتردد على مسامع الجميع ليل نهار فشغلت الدنيا وملأت الناس الذين بات شغلهم الشاغل معرفة تفاصيل تحركاتها وأوقات انحسارها.
وتسببت تلك العاصفة الاستثنائية بوصول درجات الحرارة لأقل من صفر درجة مئوية وما دون في عدد من المحافظات السورية بما فيها محافظة اللاذقية المعروفة باعتدال طقسها شتاء لكن هذا لم يمنع سكان اللاذقية من استغلال فرصة انحسار العاصفة يوم الجمعة الماضي والتوجه لأقرب نقطة يمكن بلوغها في منطقة صلنفة الجبلية التي حذرت الجهات المعنية من صعوبة بلوغها لتراكم الثلوج على طرقاتها لقضاء ساعات ممتعة وسط الطبيعة البيضاء وخوض مغامرة الوصول الى هناك حسب ما هو متاح.
كنا نستغرق نحو 40 دقيقة للوصول الى صلنفة لكننا هذه المرة ضاعفنا الوقت للحفاظ على سلامتنا تقول بيان جحا التي أصرت على الذهاب لزيارة صلنفة يوم الجمعة الماضي مع أصدقائها مشيرة الى ان الوصول الى ساحتها الرئيسية والتجول في شوارعها لم يكن بالأمر العسير ولا سيما ان سكان المنطقة وبلديتها توقعوا زيارة بعض المغامرين إليهم فقاموا بفتح الشوارع وتهيئتها لاستقبال السيارات والحافلات الواصلة اليها لكنها أشارت ايضا الى وجود عدد من الشوارع التي بقيت مغمورة بالثلوج السميكة وكان التحرك بها صعبا بوسائط النقل فاضطر الناس للترجل والسير على أقدامهم لبلوغ مناطق الغابات العالية التي كانت تتدلى منها أعمدة الصقيع والمكسية بحلة بيضاء زادتها روعة وجمالا.
وتضيف لم نزر صلنفة خلال مواسم عديدة من الثلج الذي شهدته المنطقة بسبب ظروف الازمة الراهنة لكن بعزيمة رجال الجيش العربي السوري الذين أعادوا الأمن والاستقرار الى تلك الربوع استطعنا العودة لمصيفنا المحبب وتجولنا في شارع العشاق وتمتعنا بمشاهدة الحيوانات البرية التي كانت حاضرة بقوة ولا سيما السناجب الصغيرة وكانت حركة الإقبال كبيرة جدا منتصف النهار وامتلأت الشوارع الرئيسية بالمرتادين الذين أتى معظمهم من محافظة اللاذقية مع بعض القادمين من محافظة طرطوس .
ويمكن القول ان سماكة الثلوج قد وصلت في صلنفة الى نحو 25 سم وتعدتها لتسجل 35 سم في شمالها اما في الجبل وعلى ارتفاع 1500 متر وصلت السماكة الى 75 سم وفي بعض الأماكن بلغت المتر وخصوصا في الجهة الشرقية المطلة على سهل الغاب.
كذلك استمتع الأطفال بشكل كبير باللعب بالثلوج وخاصة أن عددا كبيرا منهم يرى هذا المنظر لأول مرة فاللاذقية كمدينة ساحلية لا يمكن ان تسقط الثلوج الا في مرتفعاتها الجبلية فكانت العاصفة ببردها القارس فرصة ليتعرف الأطفال على هذا الطقس الشتوي ويعايشونه للمرة الأولى.
وتقول ديانا مزين انها اصطحبت أطفالها ليستمتعوا بالثلج ويتعلموا كيفية بناء رجل الثلج الذي كان بطل الساحات في صلنفة وتنافس الزوار في تشكيله وتزيينه فكانت بحق فرصة للأسر السورية لتعيش جوا جديدا مختلفا عما مر عليها خلال الشتاءات الماضية.
وتؤكد مزين ان العاصفة لم تمنع سكان اللاذقية من التوجه للبحر لالتقاط الصور ورؤية مشهد الموج المرتفع على شاطئ الكورنيش الجنوبي فكان منظر كثافة الحضور مشابها لمنظر زوار صلنفة فالفضول وحب الاطلاع يدفع الناس للذهاب ورؤية الوقائع على حقيقتها والاستمتاع بالظواهر الطبيعية رغم تحذيرات الأمن والسلامة.
وتضيف انه من الممتع ان تعيش في جو السكون الذي يعم أي مكان بعد العاصفة وتتلذذ بتناول الشاي الساخن وأنت تمشي وسط الثلوج النقية كما ان الجميع لديه حالة من الشوق للعودة لتذوق فطائر التنور التي تشتهر بها صلنفة فترى الجميع قد توقف على جوانب الطرقات لأخذ ما يحبونه من فطائر الفليفلة والجبنة والزعتر التي تقدمها سيدات المنطقة المحليات ويضعن فيها من روحهن الطيبة ليكون مشوارنا متكامل الأركان من منظر طبيعي جميل ولقمة طيبة ووجوه حسنة.
ياسمين كروم