دمشق-سانا
يقف مجموعة من الأطفال أمام رجل الثلج في حديقة التجارة في دمشق وهم يتفنون في تشكيل ملامحه والفرحة تكسو تفاصيلهم الصغيرة والحيرة تنال من أصابعهم التي تتحدى البرد حول طريقة تزيين تحفتهم البيضاء التي يعلمون أنها لن تدوم طويلا.
هؤلاء الأطفال كغيرهم من أطفال سورية يعشقون اللعب في الثلج وينتظرونه من عام لآخر وما إن يلوح يراقبون هطوله ويمتعون نظرهم بلونه المتناغم مع الأضواء حتى إذا ما طل الصباح يخرجون بفرحة عارمة ليشكلون من حبيباته البيضاء ساعات فرح تزول بسرعة مع ذوبانه إلا أن ذكراها تبقى ترافقهم من عام لآخر وتحتل أحاديثهم وثرثراتهم الناعمة.
واللعب بالثلج ليس حكرا على الأطفال بل الكل مدعو من قبل هذا الزائر الجميل للاشتراك في تجسيد الفرح ورسمه على تفاصيل الأمكنة وخاصة في الساحات والحدائق حيث تكون سماكة الثلوج كثيفة ولا يوجد سيارات تكبل ساعات الاستمتاع.
ويقول السيد أمجد قسيس أن منظر الثلوج وهي تغطي مدينة دمشق وجبل قاسيون يطل عليها باللون الأبيض ساحر جدا ويعيده إلى الشباب وخاصة أنه يستمتع باللعب مع أحفاده ودحرجة كرات الثلج ومن ثم مساعدتهم في عمل رجل الثلج الذي يعشقه الأطفال.
ويأمل قسيس بأن يجلب الثلج معه لسورية إضافة للخير السلام إلى أرضها ولأهلها الذين خرجوا مندفعين نحو الثلوج يعبرون عن فرحتهم كل منهم على طريقته ويتبادلون الصور الجميلة.
وفي ركن آخر من الحديقة يقف مجموعة من الشباب يتبادلون الصور الرائعة للمناظر المحيطة بهم وأصوات ضحكاتهم تعيد إلى النفوس الراحة والأمان وهم يتنافسون لالتقاط الصور الأجمل لوضعها على مواقع التواصل الاجتماعي الذي ضج بدوره بأعداد لا تحصى من الصور الرائعة لمدينة دمشق والمناطق الأخرى التي زارها الثلج.
وتقول الاختصاصية في علم النفس برناديت عشي أن منظر الطبيعة المغطاة بالثلوج يدخل الراحة والهدوء إلى النفس فاللون الأبيض مريح للنظر وللنفسية ويبعث التفاؤل في داخل الإنسان.
وترى عشي أن “اللون الأبيض يولد طاقة إيجابية للعمل والعطاء وخاصة لدى الكبار الذين أغلبهم يعود بذاكرته إلى مراحل الطفولة والشباب والحنين إلى اللعب وتفريغ شحناتهم السلبية عبر اللعب بالثلج دون أن يسبب لهم هذا أي إحراج مع مشاهدة عدد كبير من الناس يقومون بالعمل نفسه” .
كما يجد الصغار في تساقط الثلج وسيلة للعب بحرية دون مراقبة الأهل الشديدة لهم بل يخلق جوا عائليا واجتماعيا من خلال مشاركة عائلتهم وأصدقائهم وجيرانهم في المرح واللعب على بساط أبيض لا يأتي دائما على حد تعبير عشي.
ويعتبر هطول الثلج فرصة سانحة لهواة التصوير ومحترفيه للتعبير عن إحساسهم وفنهم العالي في انتقاء الأماكن التي تظهر ابداعهم.
وتقول المصورة الفوتوغرافية ندى إن تصوير مناظر الثلج وهو يكسو مدينة دمشق القديمة يشعرها بالفرح وهو وسيلة للترفيه عن نفسها وتعبر من خلاله عن حبها لبلدها وتعلقها به.
وتوافقها صديقتها سيلفا الرأي وتنافسها في الصور التي تعبر عن فرح الدمشقيين بهطول الثلوج وترى أنه فرصة للتجول في دمشق القديمة والتقاط صور لدمشق وهي تبدو كعروس رائعة الجمال رأسها قاسيون وحاراتها القديمة والحديثة هي الفستان المفروش على كل التفاصيل.
مي عثمان