الشريط الإخباري

ريمة مسعود أول مكفوفة من السويداء تنال شهادة الدكتوراه بالأدب العربي

السويداء-سانا

بعد سنوات من الاجتهاد والمثابرة والإرادة ونور البصيرة توجت الكفيفة ريمة إبراهيم مسعود مسيرتها التعليمية بنيل شهادة الدكتوراه من قسم اللغة العربية بجامعة دمشق لتكون أول كفيفة من محافظة السويداء تصل إلى هذه الدرجة التعليمية.

مسعود 47 عاماً تروي لمراسل سانا كيف بدأت بالتعلم في معهد رعاية المكفوفين بدمشق حيث كانت إقامتها لأن سكن أسرتها في السويداء مبينة أنها لأسباب متعددة تركت الدراسة فيه ثم حصلت بعد عدة سنوات بالسويداء على شهادة محو أمية إلى أن عادت للمعهد مجدداً لمتابعة الدراسة.

وتضيف مسعود أنه مع عودتها إلى المعهد للصف الأول الإعدادي وجدت بعد شهرين أن المنهاج لا يحتاج للكثير من الجهد وتقدمت بالعام نفسه لشهادة الدراسة الإعدادية وكانت الأولى على المكفوفين بدمشق بمجموع قدره 252 درجة إلى أن درست فيما بعد الصف الثالث الثانوي بالسويداء بشكل حر وتفوقت فيه وكانت الأولى على مستوى المحافظة للطلاب النظاميين والأحرار بمجموع قدره 205 درجات ومن العشرة الأوائل على مستوى سورية بالفرع الأدبي وذلك عام 1995.

مسيرة مسعود لم تتوقف حيث تابعت دراسة الأدب العربي بجامعة دمشق ورغم صعوبة الأمر بالنسبة لها بالفصل الأول نجحت بتجاوز كل الظروف والتفوق وكانت من الأوائل في قسمها ثم حصلت على دبلوم الدراسات العليا الأدبية عام 2000.

ووفق مسعود فإنها تأخرت لظروف مختلفة بالحصول على شهادة الماجستير وذلك حتى العام 2008 بتقدير امتياز عن رسالتها بعنوان الحيوان ودلالاته النفسية والاجتماعية والرمزية في شعر البحتري إلى أن نالت مؤخراً شهادة الدكتوراه عن رسالة حملت عنوان صورة الكون والحياة عند شعراء العصر العباسي الأول بتقدير امتياز موضحة أن الرسالة تعكس روح ذلك العصر فكرياً واجتماعياً ومادياً ورؤى الشعراء فيه كما حملت أبعاداً إنسانية وأخلاقية انطلاقاً من أهمية النهوض بالإنسان والواقع الاخلاقي له وهي أول شهادة دكتوراه لمكفوف بقسم اللغة العربية بجامعة دمشق.

الدكتورة ريمة التي عينت قائمة بالأعمال بجامعة دمشق عام 2004 مع تدريسها للغة العربية لغير المختصين في كلية الآداب ومدرسة التمريض خلال الفترة الماضية تجد أن النجاح يحتاج لمقومات منها امتلاك سلام داخلي قوامه الإيمان والرضا والثقة والتسلح بإرادة قوية وبثقة واعية بالذات وبالمقدرة على مقاومة العجز.

صعوبات واجهتها الدكتورة ريمة تمثلت في مسألة الحصول على المعلومة حيث كانت تعتمد على آلة تسجيل لتسجيل المحاضرات ثم تفريغها بطريقة برايل إضافة إلى مساعدة والدها وشقيقها خلدون وبعض زميلاتها بتسجيل الكتب الجامعية الكبيرة خلافا ليومنا هذا الذي أصبح يوجد فيه كمبيوتر ناطق يساعد المكفوفين مبينة أنها اضطرت في مرحلة الماجستير والدكتوراه إلى الاستعانة بقارئ مأجور ملازم لها كونها احتاجت لمئات المصادر والمراجع عند إعداد رسالتيها.

مسعود لم تكن اللغة العربية ضمن خياراتها الأولى في التسجيل بالجامعة حيث درست في كلية التربية لفترة قصيرة كونها تحب دراسة الأشياء التي تتعلق بواقع الإنسان وحياته وتربيته وكيفية النهوض به لكنها مع تحولها لدراسة الأدب العربي لم تشعر بالندم أبداً كما ذكرت كون اللغة أفادتها بأشياء كثيرة ونبهتها لأهمية الأدب لتربية الإنسان وإيقاظ العقول الغافلة وضرورة الاستفادة منه للنهوض بالمجتمع.

ريمة سبق لها قبل نيل الدكتوراه توظيف بعض أوقات فراغها لتعلم اللغة الفارسية حيث قطعت مرحلة متقدمة فيها وتم تكريمها من وزير التعليم الإيراني إضافة إلى تعلمها اللغة الانكليزية وحصولها على شهادة توفل باللغة.

طموح مسعود لا يتوقف فهي لديها مقالات منشورة في التطوير الشخصي وكيفية النهوض بالإنسان وتربية جيل مسؤول إضافة إلى وجود رغبة لديها للعمل مستقبلاً في المجال الإنساني ومجالات الشباب والمرأة وذوي الإعاقة.

ما يميز ريمة الاعتماد على ذاتها فهي تقوم بإعداد الطعام والتنظيف في منزل أهلها كما كانت تتنقل سابقاً وحدها إلى الجامعة باستخدام العصا لكن بعد أن بدأت الأزمة في سورية لم تعد تخرج وحدها بل تساعدها بالتنقل مرافقة مأجورة.

ووفقاً لشقيق ريمة المجاز بالحقوق خلدون فإن شقيقه شادي أيضاً كفيف وحاصل على شهادة الماجستير بالأدب العربي ومدرس في ثانوية الشهيد فايز منصور بدمشق مبيناً أن الكلام عنهما يعجز ويصغر أمام طموحهما وإصرارهما الكبيرين فضلاً عن وجود إيمان كبير لديهما حيث لم يتذمرا قط من وضعهما كمكفوفين بل كانا يعطيان دروساً للآخرين بقوة الإرادة والعزيمة.

عمر الطويل