أمل الحوار

يقفل العام الحالي أبوابه على أمل بعقد لقاء “تمهيدي تشاوري” بداية العام الجديد، يؤسس لحوار سوري بحت من دون أي تدخل خارجي، وربما كان ذلك هدية الميلاد الأكبر للسوريين، وبالتحديد لأغلبيتهم الساحقة، الذين راهنوا، ويراهنون دوماً، على الحوار كمدخل ووعاء طبيعيين لحل المسائل والاختلافات بين أبناء الوطن الواحد.

وفيما تلاقي الفكرة ترحيب أطراف عدة مؤثرة، إلّا أن الأمر يبقى مفتوحاً على بعض الملابسات التي تطرح نفسها، أو يطرحها البعض، اعتماداً على تاريخه الطويل في تقديم القراءة الرغبوية للوقائع، باعتبارها القراءة الناجزة الصالحة لكل زمان ومكان.

لهؤلاء وأمثالهم، لا بأس من إعادة تذكيرهم ببعض الحقائق البسيطة، وأولها أن الحوار إذا كان يعني، في جوهره، خروج الجميع رابحين، وبالتحديد، في حالتنا نحن، خروج سورية رابحة، حيث لا خاسر إلّا من يريد بها شراً، إلّا أنه، أي الحوار، ليس سوى استمرار للصراع بأدوات أخرى، وكأي صراع آخر فإنه ليس منبت الصلة بالبيئة المحيطة به والظروف المنتجة له، وبالتالي فإن ما كان ممكناً تحقيقه في ظروف الأمس قد لا يكون ممكناً في ظروف اليوم، وبالتأكيد لن يكون مطروحاً، مجرد طرح، في الغد القريب.

وبهذا الإطار فمن المهم التأكيد على أن بعض دعاة الحوار المزعومين، يأتون إلى الطاولة مرغمين بعد أن سقطت أوهامهم السابقة، وأن جلوسهم كان بقوة الفعل السوري على الأرض وليس بفعل رغبة مبدئية لديهم كانت تمظهراتها تقتصر على الجانب اللفظي فقط، فيما كان بعضهم -في الداخل- يضمر، وبعضهم -في الخارج- يعلن، عن “فهم” للحوار باعتباره فرضاً وإلزام بداية للوصول إلى الإقصاء نهاية، ويعتقد، بالتالي، أن قيمة الحوار الوحيدة هي في تمكينه من استلام السلطة فوراً وتنفيذ كل شروطه، بما يذكر بتصرف المنتصرين في الحرب العالمية الثانية.

ولهؤلاء، مرة جديدة، لا بد من تثبيت حقيقة واحدة، وهي أن للحوار خطاً أحمر، وهو الدولة الوطنية السورية، وشرط تحققها في الوقت الراهن أولوية مكافحة الإرهاب، وليس استلام السلطة..!!، وهذا يعني أولاً الطلب من “أصدقائهم” إقفال الحدود، وثانياً معاداة الإرهاب فعلاً لا قولاً، وهذا يعني أيضاً ألا يكون حول الطاولة من اعتبر يوماً أن بندقية الإرهاب مقدّسة، ومن تلقّى، وما زال، أوامر مكتوبة أو شفهية من رعاة الإرهاب وداعميه، إلّا من أعلن توبة نصوحاً، وأبدى استعداداً واضحاً للمواجهة مع الإرهاب حتى النهاية، وله في أبناء دير الزور الشرفاء، الذين لم ينتظروا الحوار، لمواجهة الإرهاب، بل بادروا فوراً، لأنهم لا يريدون مكسباً يأتي على دماء السوريين.

أخيراً لا بد من الإشارة إلى أن المتضررين من هذا “الأمل” كثر، والحذر منهم فريضة، فالسلاح لم ولن يعود إلى المخازن، وتمترس البعض خلف قراءاتهم الرغبوية عائق كبير للتقدّم، كما أن التطوّرات العالمية لم تستقر بعد على سكة الحلول، بيد أن السوريين اعتادوا على اجتراح الحياة، وسيفعلونها هذه المرة أيضاً.

أحمد حسن

انظر ايضاً

وزير العدل يلتقي وفداً من المحامين الأتراك بدمشق

دمشق-سانا التقى وزير العدل القاضي شادي الويسي وفداً تركياً رفيع المستوى من محامين ووكلاء محامين …