دمشق-سانا
عملت فرقة البدر للمدائح النبوية على مدى ربع قرن من تأسيسها على نشر فن المدائح والموشحات الدينية المضبوطة نغما وإيقاعا وإحياء تراث الفنانين الرواد أمثال عمر البطش وسعيد فرحات ومسلم البيطار بهدف تعريف الأجيال الشابة بهذا الفن العريق الأصيل.
وفي حديث لنشرة سانا الثقافية قال أسامة الدقاق مشرف الفرقة إنه يجب أن يتوفر في كل منشد من أعضاء الفرقة وعددهم تسعة مقومات فنية كالصوت الجميل القوي والأداء الجيد وسرعة الحفظ وأن يكون محبا لفن الانشاد وأن يتمتع بحس عال في الأداء ونفس قوي يساعده في اتقان الطبقات العالية في الموشحات.
كما يشترط في أعضاء الفرقة الذين ترافقهم آلة وحيدة هي المزهر أو الدف أن يكون المنشد شابا تحت الأربعين من العمر ويفضل أن يحمل الشهادة الثانوية على الأقل وأن يكون ملتزما بالمواعيد وبأخلاق الفرقة ومتقيدا ببرنامجها وقواعدها مع مراعاة عدم تناول الطعام قبل أي حفلة بثلاث أو أربع ساعات.
وعن نشاط الفرقة في رمضان قال الدقاق إنه يتم تخصيص دور للفرقة في الجامع الأموي خلال فترة الافطار أو فترة السحور لتقديم موشح مدته نحو الساعة تحت عنوان “رمضان تجلى وابتسما” أما إذا كان موعد الفرقة في أول الشهر الكريم فتقدم ترحيبا برمضان عنوانه رمضان أهلا وسهلا وفي منتصف الشهر يتم تقديم موشح عن عظمة رمضان وفضله وإطعام المساكين والانفاق تعال نصلي ونتصدق ونتجمع ولا نتفرق تعال نهلل ونكبر الله الباري إنشاء الله يغفر أما في آخر الشهر فتقدم الفرقة قصائد وموشحات لوداع الشهر الكريم..
بالله هل شهر الصيام مودع أما لقلبك مستهام موجع
أما في ليلة القدر فتقدم الفرقة.. ليلة القدر أجمل ليالي العمر
كونوا أوابين كونوا توابين عسى ولعل الرب يتجلى
الليلة الليلة يا مؤمنين.
كذلك يذكر المنشدون الناس في أواخر رمضان بالعيد وبهجة العيد وبصلة الأرحام واعطاء المساكين..وفي العيد عادات الكرام لقد جرت ببر اليتامى وافتقاد الأرامل.
وعن كيفية انتقاء الكلمات المغناة في هذه المدائح يقول إنه يتم تركيب كلمات من وحي المناسبة على ألحان تراثية أصيلة أو اختيار بعض الموشحات المعروفة وتعديل كلماتها ويبرز في هذا المجال اسم الفنان زهير منيني الذي يلحن الموشحات الحديثة والقدود فيضع لها الكلام على وزن قدود قديمة مثل موشح..
” لما بدا يتثنى” تصبح كلماته على نفس اللحن والقد “نور الهدى وافانا”.
كما تتم الاستفادة من بعض أغاني أم كلثوم كأغنية افرح ياقلبي ليصبح قدها صلي ياربي وأغنية على بلد المحبوب وديني تصبح على حرم الرسول خدوني كذلك بعض أغنيات الفنان محمد عبد الوهاب كأغنية مضناك جفاه مرقده.. فتصبح قسما بالله وقدرته إضافة إلى بعض القدود الحلبية مثل يا مال الشام.
وقال أبو بلال الدقاق إن فرقته مثلت سورية في دول عربية عديدة كلبنان والأردن والسعودية والكويت ولاقت اقبالا كبيرا مشيرا إلى أنه كان يراعي اللون الغنائي المفضل لكل دولة يزورها ففي السعودية تغني الفرقة باللون الحجازي وفي اليمن باللهجة اليمنية حتى هنا في دمشق تغني الفرقة بلهجات متعددة فقد غنت مثلا باللهجة السودانية للمتصوف البرعي.
وتحدث عن أهل الشام الذواقين في السمع ومحبتهم للمستوى الغنائي المرموق وهنا يراعي الدقاق ذوق جمهوره والفئة العمرية لهذا الجمهور فاذا كان من كبار السن يسمعهم أناشيد بألحان صعبة على وزن أغنيات لصالح عبد الحي وأم كلثوم .. أما إذا كان الجمهور من فئة الشباب فيسمعهم الأناشيد على نمط القدود الحلبية مثل على العقيق اجتمعنا لصباح فخري.
وينصح الدقاق المنشدين بأن يشتغلوا اللون المناسب للمكان الذي ينشدون فيه وضرورة أن يجيد رئيس الفرقة أنواعا مختلفة من الفنون كالفن الطربي والموشحات لكي يقدم لكل جمهور ما يناسبه انطلاقا من قاعدة “لكل مقام مقال” كما ينصحهم بأن يقدموا الفن الراقي الذي يحمل هوية بلادنا والذي يليق بهم كفنانين مع ضرورة الابتعاد قدر الامكان عن أي عمل هابط.
والمناسبات التي تنشد فيها الفرقة هي مناسبات اجتماعية كالزواج والولادة وشراء المنزل والقدوم من الحج وبعد العمليات الجراحية .. وفي السنوات الأخيرة أضيفت مناسبات جديدة كنجاح الاولاد في شهادات الكفاءة والبكالوريا والتخرج من الجامعات وفي النهاية هي مناسبات تجمع أبناء المجتمع بالخير وتعبر عن ترابطهم وتشيع أجواء المحبة والألفة وتزيد من التواصل والعلاقات الاجتماعية بينهم مع توزيع الملبس أو الحلويات الشرقية خلال كل حفل.
ولا يقتصر عمل الفرقة على الأفراح بل تكون حاضرة في الأتراح وصالات التعازي من خلال أناشيد هادفة تصبر أهل الفقيد وتبشرهم بأن فقيدهم من الصالحين ومن أهل الجنة وتخفف مصابهم وتذكر الناس بالآخرة..
حمدت من لم يجد بالصبر إلا هو وبالرضا والقضا وفق الله
وقلت للنفس قولا ليس تأباه يا نفس صبرا على ما قدم الله فسلمي تسلمي فالحاكم الله.
وعن تأثير الأزمة التي تمر بها سورية على عمل الفرقة قال أبو بلال الدقاق ان الطلب على الفرقة تراجع خلال الأزمة لوجود كثير من الأماكن غير الامنة التي يصعب الوصول إليها.. وصعوبة تجميع أعضاء الفرقة بوقت واحد وكذلك تردي الوضع المادي لدى الكثير من الناس الذين باتوا ينفقون على الأولويات فقط ما جعل عمل الفرقة على نطاق ضيق في الوقت الحالي.
وأضاف أن عمل الفرقة كان شبه يومي قبل الأزمة وخصوصا في شهر المولد النبوي حيث يكثر الطلب على المدائح النبوية كما كان عدد الفرق النبوية في الماضي معدودا فيما زاد العدد ليزيد على ثلاثمئة فرقة على مستوى سورية يسودها جو من التنافس الشريف مع بعض الحساسيات ولكنها لا تصل إلى عداوة الكار لأن من يعمل في فرق الإنشاد والمدائح النبوية فعليه التحلي بأخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم لأنها في النهاية هوية المنشد الذي يجب أن يتحلى بالأخلاق الحميدة والسمعة الحسنة لكي يكون قدوة حسنة لمن يسمعه ويستضيفه.
ولا تقتصر فرق الانشاد على الرجال بل بدأت فرق الإنشاد النسائية تظهر في السنوات الأخيرة ولكن على نطاق ضيق وهي تقدم الأغاني المفضلة لدى النساء والتي تختلف عما تقدمه فرق الرجال إضافة إلى أن بعض العائلات تفضل استضافة الفرق النسائية في مناسباتها العائلية والاجتماعية.
سلوى صالح