المحاكم المصرفية.. نقلة نوعية لجهة ضمان حقوق المصارف والمقترضين

دمشق-سانا 

مع توسع منظومة الأمن الاقتصادي للدولة وزيادة عدد الدعاوى المتراكمة لدى المصارف العامة منذ عدة سنوات وفوات عائدات بعشرات الملايين لخزينة الدولة برزت الحاجة لإحداث محاكم مصرفية انطلاقاً من مبدأ التخصص القضائي وأهمية البت في القضايا المصرفية وتسهيل إجراءاتها.

وتختص المحاكم المصرفية “البدائية والاستئنافية”التي تم إحداثها وفقا للقانون رقم 21 الصادر بتاريخ 5-11-2014 بالنظر في القضايا المصرفية التي يكون أحد أطرافها مصرفا أو مؤسسة مالية تقبل الودائع وتمنح التسهيلات الائتمانية الخاضعة لرقابة مجلس النقد والتسليف.

ويوضح مدير عام المصرف التجاري السوري فراس سلمان أن عدد الدعاوى المصرفية في المصرف يبلغ 390 دعوى معتبرا أن إحداث المحاكم المصرفية يمثل نقلة نوعية في القضاء السوري نظرا لخصوصيتها وخصوصية القوانين والتعليمات والأعراف والمعايير الدولية الناظمة للعمليات المصرفية ودورها في سرعة البت بالدعاوى القضائية واختصار درجاتها و لا سيما أن قرارات محاكم الاستئناف المصرفية مبرمة وغير قابلة للطعن أمام محكمة النقض الأمر الذي ينهي النزاع في فترة قصيرة.

وتنص المادة الرابعة من القانون رقم 21 على إحالة الدعاوى المصرفية القائمة بوضعها الراهن إلى المحكمة المختصة المحدثة بموجب القانون وفقاً لقواعد الاختصاص المكاني وإحالة الدعاوى المنظورة أمام محكمة النقض قبل نفاذ هذا القانون إلى محكمة الاستئناف المصرفية المختصة في حال نقض الحكم حيث تسري عليها أحكام هذا القانون.

ويشكل هذا القانون “خطوة متقدمة في إطار تطور التشريع السوري “حسب حاكم مصرف سورية المركزي الدكتور أديب ميالة الذي يؤكد أنه نظرا للتوسع الكبير الذي شهدته السوق السورية خلال الأعوام الماضية ودخول عدد كبير من المصارف للعمل في السوق المصرفية السورية والتنوع الكبير في الأنشطة التي تمارسها المصارف فإن وجود محاكم متخصصة بالشؤون المصرفية بات أمراً ملحا وضروريا لمجاراة هذا التطور المتسارع.

ويعتبر ميالة أن قانون إحداث محاكم مصرفية في كل المحافظات “يشكل نقلة نوعية لجهة ضمان حقوق كل من المصارف والمقترضين منها وتقصيراً لأمد الإجراءات القانونية التي كانت تطبق في السابق والتي كانت تحتاج لفترات زمنية طويلة للبت بالقضايا المالية”.

ووفقا لميالة فإن كلفة الوقت في مثل هذه القضايا تكون كبيرة باعتبارها تنطوي على تجميد أموال وما ينتج عن ذلك من خسائر مادية كبيرة قد تلحق بأطراف الدعاوى.

ويراعي القانون 21 الافادة الى اقصى درجة ممكنة من الخبرات القضائية المتراكمة كما ذكر وزير العدل الدكتور نجم حمد الأحمد مشيرا إلى أن هذا القانون يتلافى جميع الإشكالات والصعوبات لقائمة حيث أحدثت المحاكم المصرفية على درجتين هما “البداية والاستئناف”.

ويبين الدكتور الأحمد أن القانون أعطى للمحكمة الناظرة في الدعوى المصرفية الحق في اتخاذ جميع الاجراءات والتدابير والقرارات المستعجلة بما فيها منع السفر وذلك بقرار يتخذ في غرفة المذاكرة قبل دعوة الاطراف وبعد دعوتهم ولها الحق في الرجوع عن إجراءاتها وتدابيرها وقراراتها المستعجلة بناء على طلب المتضرر في أي مرحلة من مراحل الدعوى وذلك وفقا لما أوردته المادة الثالثة من القانون.

ويتابع وزير العدل أن الوزارة قامت بالتعاون مع مصرف سورية المركزي بإجراء دورة تدريبية مكثفة حول القانون 21 للقضاة المكلفين العمل في محاكم “البداية والاستئناف” إلى جانب دورة معمقة لعدد من القضاة المتدربين الذين سيتم اختيارهم من المحامين.

من جانبه يشير المحامي سمير رحمون إلى وجود عدة تساؤلات حول المادة الثالثة من القانون 21 معتبرا أنه من الضروري تحديد قرار منع السفر بسقف معين أو قيمة محددة من المال مطالبا بـ “توحيد التشريع الخاص بالمصارف والتشدد في عملية تقديم الضمانات قبل تنفيذ القروض لكونها الحافظ الوحيد للمال العام”.

أما القاضي محمد البيات رئيس محكمة الاستئناف المصرفية الأولى بدمشق فيؤكد بدوره أن المادة الثالثة من القانون تمثل نقطة مهمة لصالح الطرفين أي المدعي والمدعى عليه موضحا أن منع السفر أو غيره من الإجراءات والتدابير المستعجلة يتم من قبل المحكمة المختصة “إذا لم يكن هناك ملاءات أو ضمانات كافية وجدية من قبل المقترض أو المدعى عليه لسداد قيمة القرض أو المبلغ المستحق عليه”.

ويشير القاضي البيات إلى أنه إذا قدم المقترض أو المدعى عليه “ضمانات كافية وجدية للدين المستحق عليه وتوابعه من نفقات أو غرامات فيمكنه عندها الغاء قرار منع السفر الصادر بحقه” مبينا أن الهدف من هذا القرار هو فقط “الضغط على المقترض أو المدعى عليه تامينا لسداد الديون المترتبة عليه”.

ويوضح البيات أن المرجع الذي يمكن للمتضرر الاعتراض على قرار منع السفر أمامه هو الجهة التي أصدرته سواء كانت البداية أو الاستئناف المصرفية وفي ذلك ضمان للسرعة والسهولة في الإجراءات مشيرا في الوقت نفسه إلى أنه إذا تم الاعتراض على القرار أمام محكمة البداية المصرفية فإن من يبت به هو المحكمة الأعلى وهي الاستئناف.

ويتوقع مدير عام المصرف الصناعي قاسم زيتون ان يكون “العام القادم عام تحصيل الديون المصرفية” بعدما وصلت ديون المصرف المستحقة إلى “نحو 20 مليار ليرة” وصدور القانون رقم 8 لعام 2014 المتضمن إعادة جدولة القروض مشيرا إلى أن المبالغ التي تمت جدولتها منخفضة مقارنة مع حجم الديون المستحقة للمصرف.

ويأتي إحداث المحاكم المصرفية لتأمين السرعة والسهولة والمرونة في الإجراءات والحفاظ على مصالح كل المتقاضين وضمان أموال المصارف .

طلال ماضي-وسيم العدوي