موسكو-سانا
أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ضرورة وضع حد لانتشار تنظيم /داعش/ الإرهابي على مساحات واسعة من الأراضي في العراق وسورية مشيرا إلى أن عملاء لهذا التنظيم الإرهابي باتوا يظهرون في أفغانستان.
وقال لافروف في مقابلة مع صحيفة كوميرسانت الروسية اليوم “إنه من الضروري اتخاذ إجراءات ترمي إلى الحيلولة دون سقوط مزيد من الأراضي في أيدي المتطرفين” مضيفا “هناك معلومات تشير إلى رصد وجودهم في شمال أفغانستان أي قريبا جدا من آسيا الوسطى وبالتالي من حدود روسيا”.
وحذر لافروف من المعلومات التي أشارت إلى استخدام إرهابيي /داعش/ لأسلحة كيميائية وقال “حسب شهادات عديدة تدرسها حاليا المؤسسات الدولية المعنية.. لقد وصل /المسلحون/ أكثر من مرة إلى مواد سامة يمكن اعتبارها من الأسلحة الكيميائية نظرا لخطورة آثارها”.
من جهة أخرى انتقد لافروف محاولات بعض الدول الالتفاف على ميثاق الأمم المتحدة من خلال فرض آرائها على الجميع واعتبر ذلك بمثابة التهديد الجدي الخطير للنظام العالمي.
وقال تعليقا على تصنيف التهديدات الأمنية التي أعلنها الرئيس الأمريكي باراك أوباما “بدون شك تعتبر حمى إيبولا أحد التهديدات الخطيرة كما هو تنظيم داعش” مبينا أن هذين التهديدين لا يزالان حتى الآن يتناميان في حدود جغرافية محددة ولكن يوجد خطر انتشارهما بعيدا عن هذه الحدود إذا لم يتم اتخاذ الإجراءات والتدابير الضرورية واللازمة.
وأضاف “إنه إضافة إلى هذه المخاطر الجسدية التي تهدد حياة الكثير من الناس هناك تهديدات ومخاطر جيوسياسية ترتبط باستهتار البعض بالقانون الدولي ومحاولاتهم العمل ليس على أساس مبادئ الأمن الجماعي الواردة في ميثاق الأمم المتحدة والتي يقف في وسطها مجلس الأمن الدولي والآليات المثبتة في صلاحياته بل عن طريق فرض آرائهم على الجميع من جانب واحد”.
وحول العقوبات الغربية ضد روسيا قال لافروف.. إن العقوبات الامريكية والاوروبية احادية الجانب تنتهك المعايير الدولية وكذلك مسالك تطوير التعاون الاقتصادي الدولي.
وأوضح لافروف أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تحدث عن العوامل التي تؤثر على الوضع المالي والاقتصادي الحالي للبلاد مشيرا إلى أن العقوبات الغربية غير المشروعة تؤثر بنسبة معينة على الاقتصاد الروسي ولكنها ليست العامل الاساسي بتاتا.
ولفت لافروف إلى ضرورة أن توجد وزارة الخارجية الروسية المناخ السياسي الملائم في العلاقات مع الشركاء الأجانب لتطوير التعاون التجاري والاقتصادي والاستثماري وكذلك يجب عليها متابعة ومراقبة تنفيذ الالتزامات الدولية في مجال التجارة والاقتصاد من قبل الشركاء الاجانب ومن قبل الجانب الروسي.
وأوضح لافروف أن الغرب لا يخفي ان عقوباته تسعى لإلحاق الضرر باقتصاد روسيا بهدف تحريض الشعب ضد السلطة وقال “إن شركاءنا الغربيين كانوا في طليعة الذين دعوا لفرض عقوبات تستهدف على وجه الخصوص زعماء الدول الذين لا ينفذون قرارات الأمم المتحدة وبذل كل الجهود من اجل تجنب أي آثار جانبية سلبية على السكان أما في حالة روسيا فلقد تم اختيار المنطق المعاكس تماما”.
وأضاف “اعتقد ان كل المواطنين في روسيا يدركون جيدا ماهية الفترة التي نمر بها حاليا وما هي الأهداف التي يضعها نصب اعينهم أولئك الذين يدعون لزيادة الضغط على روسيا”.
من ناحية أخرى لفت لافروف إلى أن أوكرانيا تحتاج إلى عملية إصلاح دستوري مفتوحة تشارك فيها جميع المناطق والقوى السياسية.
وقال لافروف “إننا لا نفرض بتاتا على أوكرانيا أي مصطلحات محددة مبينا أن” الأهم هو الجلوس على طاولة المفاوضات والاتفاق على كيفية حل كل المسائل المتعلقة باللغة والثقافة والتاريخ وكيف سيتم انتخاب قادة المناطق وكيف ستكون علاقاتهم مع المركز” لافتا إلى أن هناك الكثير من الأمور الأخرى بما في ذلك تحديد الاعياد التي سيتم الاحتفال بها.
كما بين لافروف أن روسيا ستقوم بتحليل كيفية تنفيذ القانون الأمريكي حول دعم حرية أوكرانيا على أرض الواقع وشدد على ضرورة دراسة هذه الوثيقة وقال ردا على سؤال حول هل ستتخذ روسيا أي إجراءات ردا على القانون الأمريكي “لقد أشرنا إلى أننا سننظر في كيفية تطبيق القانون على أرض الواقع.. هذا القانون يعطي الرئيس الامريكي حق تنفيذ بعض الأعمال وعدم تنفيذ أخرى”.
وبشأن التحقيق في كارثة الطائرة الماليزية التي تحطمت فوق شرق أوكرانيا في تموز الماضي بين لافروف “أن التحقيق الدولي في أسباب كارثة الطائرة بوينغ 777 التابعة للخطوط الجوية الماليزية يجري مع انتهاك قواعد المنظمة الدولية للطيران المدني”.
وانتقد لافروف بشدة الجانب التنظيمي للتحقيق مشيرا إلى انتهاك قواعد المنظمة الدولية للطيران المدني في أثنائه والمشاركة المباشرة للأجهزة الأمنية الأوكرانية في الإجراءات التي تجري في إطار التحقيقات.
وحول الشراكة الاستراتيجية بين روسيا وكوبا أكد وزير الخارجية الروسي أن الشراكة الاستراتيجية بين البلدين لن تتزعزع مشددا على أن الكوبيين لن ينسوا أبدا أولئك الذين وقفوا إلى جانبهم في الأوقات الصعبة.
وقال لافروف “إن الزيارة الأخيرة التي قام بها الرئيس الروسي إلى هافانا والاجتماع الأخير للجنة الحكومية المشتركة بين البلدين المعنية بالتعاون التجاري الاقتصادي أكدا أن شراكة روسيا الاستراتيجية مع كوبا لن تتزعزع وهو أمر واضح للعيان بالنسبة لنا”.
ضرورة إقامة منظومة دولية جديدة متعددة الأطراف والأقطاب
وفي مقابلة مع قناة (روسيا 1) أكد وزير الخارجية الروسي أن بلاده تمكنت من جذب الانتباه إلى ضرورة إقامة منظومة دولية جديدة.
وقال لافروف إن “روسيا تمكنت من جذب الانتباه إلى وجود حاجة لبناء نظام دولي جديد ومتعدد الأطراف والأقطاب رغم أنه ليس بالجديد لكون أسسه سجلت في ميثاق الأمم المتحدة وورد مبدأ الإجماع في الرأي بين الدول الكبرى في إطار مجلس الأمن الدولي” مشيرا إلى مبدأ الأمن الجماعي والجهود التي تبذل للتغلب على أي تهديدات ومخاطر قد تواجه البشرية جمعاء.
وأوضح لافروف أن مبدأ الامن الجماعي تعرض خلال السنوات الاخيرة لامتحان قاس وجدي قائلا: “شهدنا محاولات لمعالجة المشكلات المعقدة بل حتى كل المشكلات الأخرى في العالم من خلال الاعتماد على المواقف احادية الجانب والمنفردة وعن طريق الإكراه ومن خلال التدخل في الشوءون الداخلية للدول ذات السيادة وانتهاك ميثاق الأمم المتحدة ومبادئء منظمة الأمن والتعاون الأوروبي”.
ولفت إلى أن روسيا تمكنت من جذب الانتباه إلى هذه المشكلة التي أصبحت محط مناقشة جدية ونشيطة في المحافل الدولية كافة مشيرا إلى أن مواقف روسيا لمصلحة الحوار المتكافئء حول أي مشكلة في السياسة العالمية والاقتصاد العالمي والوضع الإنساني العالمي تحظى بتأييد متزايد من دول العالم معتبرا أن هذا أهم ما أنجزته الخارجية الروسية.
وأعرب وزير الخارجية الروسي عن ثقته بأن “أوكرانيا ستتخطى المرحلة المأساوية في تاريخها” مؤكدا استحالة الفصل بين بلاده واوكرانيا بسبب الروابط التي تجمعهما منذ مئات السنين في المجالات كافة وخاصة الروابط الأسرية وعلاقات القرابة موضحا أنه لا يتفق مع مقولة أن روسيا فقدت أوكرانيا قائلا: إن “نظرة أوكرانيا إلى روسيا ستكون جيدة بعد انتهاء الأزمة” مشيرا إلى أن أهم شيء بالنسبة للشعب الاوكراني هو العودة لمنطق الوحدة الوطنية.
وأكد لافروف أن روسيا تفعل أكثر من غيرها من دول العالم لتسوية الوضع في أوكرانيا سواء من ناحية معالجة المشاكل الإنسانية أو من ناحية حل مشكلة الغاز مشيرا إلى أن عملية /مينسك/ التي تم استئنافها حاليا لا تقتصر على حل مسائل وقف إطلاق النار والمسائل المتعلقة بسحب الأسلحة الثقيلة بل تشمل أيضا إعادة العلاقات الاقتصادية وتشييد البنى التحتية التي تم تدميرها.
واعتبر وزير الخارجية الروسي أن سعي أوكرانيا للانضمام إلى الناتو يشكل خطرا على الشعب الأوكراني لأنه غير موحد بهذا الشأن كما أنه خطر على الأمن الأوروبي أيضا.
وأشار إلى أن بعض البلدان الغربية تريد الحفاظ على الأزمة في أوكرانيا وتريد تصعيد النزاع بين موسكو وكييف عبر التلاعب بهذا السعي الاستفزازي حول العضوية في حلف /الناتو/.
وقال: “وقعنا جميعا في إطار منظمة الأمن والتعاون في أوروبا وفي إطار مجلس /روسيا الناتو/ على مبدأ عدم تجزئة الامن عندما لا يمكن لأي أحد أن يحمي أمنه على حساب أمن الاخرين كما لا يجوز لأحد تغيير الخطوط الفاصلة التي ورثت من فترة الحرب الباردة” موضحا أن مهمة محو هذه الخطوط الفاصلة أعلنت أمام منظمة الامن والتعاون في أوروبا ومعبرا في الوقت نفسه عن أسفه لأنها ما زالت قائمة حتى الآن.
وبشأن حادثة تحطم الطائرة الماليزية شرق أوكرانيا لفت لافروف إلى أن الولايات المتحدة وأوكرانيا سوف تجيبان عاجلا أم آجلا عن الأسئلة في إطار التحقيق بكارثة تحطم طائرة الركاب الماليزية شرق أوكرانيا الصيف الماضي.
وأشار إلى أن مقولة أن روسيا والمقاومة الشعبية شرق أوكرانيا تتحملان مسؤولية كل شيء بخصوص تحطم الطائرة الماليزية “تستخدم في تضليل التحقيق” معبرا عن ثقته التامة بأن الحقيقة سوف تشق طريقها وتظهر للملأ.
الخارجية الروسية: نشكك بفعالية ضربات التحالف ضد تنظيم “داعش” الإرهابي
بدوره قال المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية الروسية ألكسندر لوكاشيفيتش أن بلاده تشكك بفعالية الضربات التى يوجهها “التحالف” الدولي ضد تنظيم “داعش” الإرهابي.
وعبر لوكاشيفيتش خلال لقائه الأسبوعي مع الصحفيين عن قلق روسيا إزاء “تنامى قدرات” تنظيم داعش الإرهابى في العراق وسورية وقال إننا قلقون للغاية من جراء تعزيز مواقع تنظيم داعش الإرهابي الذي ترفد صفوفه أعداد متلاحقة من “المقاتلين” بما في ذلك انضمام مجموعات مسلحة إليه.
وأعرب لوكاشيفيتش عن شكوك بلاده في فعالية أداء “التحالف” لمكافحة تنظيم داعش الإرهابي وجبهة النصرة الإرهابية بقيادة الولايات المتحدة إذا لم تقدم الأخيرة على التعاون والتنسيق مع الحكومة السورية في محاربة الإرهاب الذي أصبح من أخطر عوامل تهديد الأمن الإقليمي مشيرا إلى مبالغة العديد من وسائل الإعلام في تضخيم الدور الذي يلعبه تحالف واشنطن وفعالية عملياته في سورية.
وأضاف الدبلوماسي الروسي إنه من الواضح تماما أنه لا يمكن التغلب على هذا الخطر دون إقامة تعاون وثيق مع الحكومة السورية مؤكدا أن الأمريكيين وحلفاءهم لم يتمكنوا حتى الآن من تحقيق أي نجاح في هذه المواجهة مع المسلحين المتطرفين.
وأشار لوكاشيفيتش إلى ان الإرهابيين يعتمدون على مختلف أنواع الإقناع الإيديولوجي مستغلين في ذلك العامل الديني ما يجعل صفوفهم تتوسع باستمرار بانضمام “مقاتلين” جدد محل كل مسلح تتم تصفيته.
وجدد لوكاشيفيتش تأكيد بلاده على موقفها المبدئي الداعم للمكافحة “الحاسمة” التي تقوم بها الحكومة السورية ضد الإرهابيين لافتا إلى أنه لا يوجد حل عسكري للازمة في سورية ما يدل على ضرورة تفعيل الجهود السياسية الرامية إلى إطلاق حوار سوري سوري شامل على أساس بيان جنيف الصادر في 30 حزيران عام 2012.
وأضاف لوكاشيفيتش إن مثل هذا الحوار يجب أن ينطلق في أقرب وقت ممكن على ساحة موسكو دون أي شروط مسبقة ودون تدخل خارجي.
وكانت روسيا أكدت على لسان وزير خارجيتها سيرغى لافروف في أكثر من مناسبة //أن جهود مكافحة الارهاب يجب أن تقوم على أساس القانون الدولي وتحت إشراف مجلس الأمن الدولي الذى يتحمل المسؤولية الرئيسية عن حماية السلام والأمن الدوليين”.
من جهة ثانية رحب لوكاشيفيتش بقبول منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بحث وتقييم “معطيات ووقائع محتملة لاستخدام غاز الكلور في سورية كسلاح كيميائي” من قبل التنظيمات الإرهابية المسلحة والتي كانت أحالتها الحكومة السورية إلى المنظمة.
يذكر أن الخارجية الروسية أعربت منتصف الشهر الجارى عن أملها في أن تأخذ البعثة الدولية هذه المعلومات التي قدمتها لها الحكومة السورية بعين الاعتبار.